جدول الحقيقة الأبجدي
م. محمد يحيى كعدان
بعد تعريف جدول الحقيقة الأبجدي في المقالة السابقة، سنصنف الأحرف الأبجدية في الجدول الجديد المرفق، مع ذكر تعريف كل حرف (قالبه الرقمي) مما يُسَهِّلُ العودة إليه.
نلاحظ أن أحرف كل عمود في الجدول، تشترك بحضور أم غياب، الشكل أو الصفة (قيمتا التمييز إلى اليمين)
وأحرف كل سطر فيه، تشترك بحضور أم غياب، أحد العناصر الثلاثة: المتكلم، الموضوع، المستمع (قيم التمييز الثلاثة إلى اليسار).
إن هذا التصنيف يساعدنا في حفظ تعريف كل حرف، مما يُسَهِّلُ دراسة تركيب هذه الأحرف مع بعضها البعض.
ونجد أن العمود الأول من جدول التصنيف أعلاه، يُعَرِّفُ أحرفاً (صيغاً) للصياغة بين العناصر الثلاثة مع وجود العملية والعلاقة معاً، أي تقوم هذه الصيغ بتعريف الشكل والصفة معاً للموضوع بالنسبة لكل من المتكلم والمستمع.
فحرف الألف (أ) مثلاً، يعني أن كلاً من المتكلم والمستمع يعرفان شكل وصفة الموضوع (وهو العنصر الثاني).
بينما حرف الهاء (هـ)، فإن المتكلم فقط، وبِغَضِّ النظر عن المستمع (لغيابه نتيجة وجود القيمة 0 مكان العنصر الثالث في تعريف الهاء) يعْرِفُ شكل وصفة الموضوع (العنصر الثاني).
أما الحرف (ط)، فإن المتكلم والمستمع يعْرِفان معاً شكل وصفة العنصر الثاني الغائب (وجود القيمة 0 مكان العنصر الثاني في تعريف الطاء).
والحرف (ش)، يدل على وجود شكل وصفة للعنصر الثاني، بِغَضِّ النظر (باستقلال) عن المعاني في ذهن المتكلم والمستمع لغيابهما. وهكذا..
أما العمود الثاني، فهو يُعَرِّفُ أحرفاً للصياغة بين العناصر الثلاثة مع وجود العملية فقط، أي تقوم هذه الصيغ بتعريف الشكل فقط .
أما العمود الثالث، فيُعَرِّفُ أحرفاً للصياغة مع وجود العلاقة فقط، أي تقوم هذه الصيغ بتعريف الصفة فقط.
وأخيراً فالعمود الرابع، يُعَرِّفُ أحرفاً لصياغة الفصل، أي تدل هذه الصيغ على غياب المعرفة بالشكل والصفة معاً.
الآن بعد أن تحدّثنا عن التصنيف العمودي للجدول السابق، سنتحدّث عن التصنيف الأفقي له.
فالسطر الأول يدل على أن الصياغة ذات تأثير ثلاثي، لوجود العناصر الثلاثة.
أما الأسطر الثاني والثالث والخامس، فإن الصيغ فيها ذات تأثير ثنائي، تصوغ العنصرين الحاضرين من العناصر الثلاثة، ويبقى العنصر الغائب مستقلاً عنها.
والأسطر الرابع والسادس والسابع، فالصيغ فيها تأثيرها أحادي، تصوغ العنصر الحاضر من العناصر الثلاثة، ويبقى العنصران الغائبان مستقلّين عنها.
أما السطر الثامن وهو الأخير، فالصيغ (الحركات) فيه عبارة عن صيغ صفرية، حيث تبقى كافة العناصر الثلاثة الغائبة مستقلّة عنها.
ونجد أن الفتح عبارة عن تشكيل (شكل، عملية)، والكسر عبارة عن توصيف (صفة، علاقة)، والضم عبارة عن تشكيل وتوصيف معاً، والسكون يعني غياب التشكيل والتوصيف معاً.
ومنه نرى أن مفهوم الحركات، يدل على خضوع العنصر لصيغتي المكان والزمان، باستقلال عن العناصر الثلاثة.
فتدل الحركات في المكان، على حضور أم غياب الشكل والصفة.
وتدل في الزمان على التلاحق كما يلي: فالفتح يدل على الزمن الماضي، لأنه شكل وعملية تجسيد قد حصلت، بينما الكسر فيدل على الزمن المستقبل، لأنه تحديد وتمييز فقط (علاقة توصيف) لم يحدث تجسيد له، أو لم تتم معاينته كشكل بعد. أما الضم فيدل على الزمن الحاضر، لأنه تشكيل وتوصيف معاً، أي هو زمن ماضٍ ومستقبل معاً (يُمثّلان الحاضر).
وأخيراً يعني السكون الاستقلال عن الزمن، حيث غياب العملية والعلاقة (التشكيل والتوصيف) معاً.
ومنه فالحركات تتوزع على العناصر الثلاثة كما يلي:
العنصر الأول وهو حركة: الفتح، والعنصر الثاني وهو حركة: الضم، والعنصر الثالث وهو حركة: الكسر، أما السكون فيمثّل العنصر المستقل، خارج التعبير أو الصياغة.
ونكون أمام صيغة، المنطلق فيها حركة الفتح (الزمن الماضي، العنصر الأول، الشكل)، والمستقر فيها حركة الكسر (الزمن المستقبل، العنصر الثالث، الصفة)، والصيغة هنا هي حركة الضم (الزمن الحاضر، العنصر الثاني، الشكل والصفة).
وبالتالي فالزمن الحاضر هو الصيغة بين الماضي وهو منطلق الصيغة وبين المستقبل وهو مستقر الصيغة. أو أن التشكيل والتوصيف هو الصيغة بين التشكيل وهو منطلق الصيغة، وبين التوصيف وهو مستقر الصيغة.
وحيث أن الصيغ الحركات تدل على خضوع العناصر وثنْويّاتها للمكان والزمان، فإن أية صيغة لعنصر لابد أن تصوغها هذه الصيغ، وبالتالي لابد من وضع الحركات بالترافق مع أية صيغة مهما كانت، لتسليمنا بخضوع العناصر لصيغتي المكان والزمان.
وهكذا دواليك تُعَبِّرُ الحروف الأبجدية، أو الصيغ الأساسية، عن مراحل وحالات معرفة كل من المتكلم والمستمع للموضوع.
وسنعرض في مقالات لاحقة كيف تتم صياغة هذه الصيغ (الأحرف) مع بعضها البعض، لنحصل على الصيغ المعقّدة وغير المحدودة العدد، من عدد محدود من الرموز أو الصيغ الأوليّة، والتي مقدارها 32 صيغة، وهي الأحرف الأبجدية العربية.
|
|
|