لحماية اللغة العربية ونهوضها

أ. جواد محمود مصطفى

أصبح للغة العربية "منظمة عالمية" لحمايتها والنهوض بها ،وجعلها لغة تخاطب وبحث وعلم وثقافة،أسست وانطلقت من قطر ، بعد جهود طويلة ومضنية من العمل والتحضير منذ نحو عامين،وتوّجت في الاجتماع الثالث لمجلس أمناء المنظمة المكوّن من كوكبة من الشخصيات العلمية والأكاديمية والدبلوماسية والثقافية والإعلامية العربية .

الولادة الحقيقية للمنظمة التي حملت اسم "المنظمة العالمية للنهوض باللغة العربية"، جاءت من الدوحة ،والقراءة الأولى لبيان التأسيس يؤكد على أهمية هذه الخطوة، وسط المبادرات العربية العديدة التي تصب في المنحى ذاته ،والهدف تحدد بالتالي: حماية اللغة العربية والنهوض بها وبتطلعاتها السامية، والعمل على تفعيل وتطوير دورها في كل مجالات الحياة ، خاصة في مجالات التعليم والإعلام والتقنيات الحديثة.
 
المنظمة ما تزال في مرحلة التأسيس الأولى، وهي مرحلة باعتقادي ليست سهلة ،ولها متطلبات متعددة يتوقف عليها جودة الأداء ونجاح التطبيق، ومنها استكمال البناء المؤسسي وتهيئة الموارد البشرية اللازمة.

تركز المنظمة في أولوياتها كما جاء في بيان التأسيس على نشر الوعي بأهمية اللغة العربية، وتغيير الصورة الذهنية التقليدية والنمطية عنها من جهة، وحمايتها والتمكين لها ،وتطويرها من جهة أخرى ،من خلال البرامج والمشاريع والدراسات والبحوث الواردة في الخطة الاستراتيجية.

وتعتمد  الخطة الاستراتيجية للمنظمة العالمية للنهوض باللغة العربية على الدستور القطري الذي ينص على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد،كحال باقي دساتير الدول العربية،وعلى الاستراتيجية الوطنية المنبثقة عن رؤية قطر ٢٠٣٠، وعن  نتائج مستخلصة من تحليل الوضع الراهن للغة العربية في الوطن العربي.  
وخطة العمل تركزت على ترسيخ الهوية الوطنية العربية الإسلامية ، والاعتزاز بها ،مع الانفتاح على الثقافات الأخرى بما يعكس روح التسامح
والتعايش مع الآخر دون إقصاء ،والأخذ بزمام المبادرة في تطبيق كل ما من شأنه النهوض باللغة العربية ،وجعلها لغة تخاطب وبحث وعلم وثقافة،والتنسيق مع المؤسسات المناظرة العربية والدولية ومنظمات المجتمع المدني ودعم الجهود المشتركة في مجال النهوض باللغة العربية.
البيان التأسيسي للمنظمة يتضمن العديد من خطوات العمل وهي تحتاج لتطبيقها جهودا ومثابرة عظيمين من القائمين عليها لمواكبة التطورات الحديثة في مجال تطوير اللغة العربية، والحرص على أن تتسم مبادراتها في هذاالمجال بروحٍ عصرية القالب ميدانية التطبيق .
 لكن الشيء الملفت ويعكس بالتالي الاستعداد والروح الايجابية لعمل المنظمة ما جاء من استعدادها لتبني البرامج التي تصل باللغة العربية إلى الحضور المؤثر في المحافل الدولية ذات العلاقة، والإسهام في جعلها لغة تخاطب في التجمعات والملتقيات العالمية، وتفعيل المبادرات الخاصة بنشرها بمنهجية صحيحة داخل تلك التجمعات والمواقع.
وأحسب أن العربية، لغة حيّة ومطواعة وقابلة للتجدّد، وتتفاعل مع المستجدات العلمية بكل فروعها واختصاصاتها ، وتقع مسؤولية تطوير اللغة العربية ، مجامع اللغة العربية، الأكاديميين وأساتذة الجامعات والمدارس، الإعلاميين،المبدعين والمترجمين في العلوم الأدب .
اللغة العربية أمانة في عنق كل عربي ومسلم، وحمايتها والمحافظة عليها وتطويرها ليست مقصورة على المؤسسات والمنظمات والمراكز العربية والإسلامية بل يمتد ذلك إلى الأفراد والأسر العربية والمسلمة، فلكل منهم دور رئيس في العناية بلغتنا العربية ...فهل نفعل ؟.