رسالة شكر وشكوى من صاحبة الجلالة

د. أحمد محمد السماوي

1.    إليــــــك أرسل أيـــــــاتٍ مـن الشــــــكر         مقرونــــةً بـدمـوع الحــزن والقـــــــهـر
2.    فيها اعتـــرافٌ بفضـــل أنت صاحبُــــه         فقد شـــــددتَ بما أنــــــجزت من أزري
3.    وشكــــوةٌ من صمــيمي بالذي وصــلت         إليه حـــــالي من المـــــكروه والضـــــر
4.    وقد يصـــــاحب شكــر الشاكرين مُنــىً        تُـــــرجــى ورَومٌ لدفـع الضـيم والجــور
5.    فأنــت مـــن خير من تُـــرجى عزيمتُــه        لـــرفع هَــمٍّي الــذي نـاء به صـــــدري
6.    وأنــت ذو العــــزم في هذا الزمان ومـا        وجـــدت غيـــرك من أشكـــو له أمـري
7.    وأنت أشهـــــــر من تُـــرجى حمايتُــــه          فصِــــيتُك الــيومَ فوق الأنــجــمِ الـــزُّهر
8.    وقد عهــدتكَ رمز البـــــر، دعمــــك لي          بلا حـــــدود يضـــاهي أفضـــل الـــــبر
9.    كما عهــدتكَ لي إلفـــاً يصــــــــــاحبني        أنَّــى احْـــتُفِي بــيَ في بَــــرٍّ وفي بحــر
10.    وأنــــت خِــدنُ الـوفا دوماً فخَـــرتُ به          بِيضٌ أياديـــك في حفــظي من الهَـــصْر
11.    وللإمـــــــاراتِ دورٌ ليـــس يُنْـــــــكِرُه         إلا حقــــــودٌ حــسودٌ فـــاسدُ الفِـــــكْـــر
12.    وانــظر لهــــا كـــلَّ يوم في مثابـــــرةٍ        ترجـــــو عُـــلُــوِّي ولم تبخلْ بما يُثْـري
 
13.     رَوعِــي إليك – أبا حمدانَ- أرفُـــعُـــه          فـقـــد أصِـــبْــــتُ بما أنهــى إلى حَقْري
14.     يا نجـلَ راشِدَ – أنت الغوث- قد بلغتْ         مـــني المصيبةُ حـــداً صِــرت لا أدري
15.     هل أرتجــــي زمنــــاً يأتي ليُسعــدني        فيرجع الزهــــــو يسقي أجمل الزهـــــر
16.    وما ابتليـــت بـــداءٍ حــــــلَّ بي أبــــداً        من ذات نفســـــي فنـفـسي جِـــلَّةُ القـــدر
17.     كريمـــــةُ الأصل لا يُخـشى نَقِيصَتُهـا        فقـــــد وسِعْـــتُ كلامَ اللهِ فــــي الـــــذكر
18.     ولم أزل وسأبـــــــــقى دونــما هـــرمٍ         فـــفي بنـــــائيَ ما يحـــــمي من الكُــــبْر
19.    ولا أخـــــافُ انصراماً ما الحياةُ بقــتْ         فــــفي عُرى الوحي تخلـيدي مدى الدَّهر
20.    وما عجَـــزْت عن الإيفـــاء من عَــوَزٍ        فـمفرداتــي غــنىً ضـاقت عــن الحصر
21.    كأننـــــي البــحرُ كــلٌ فــــيه حاجَـــتُه        أو أنني المــــــُزنُ كلٌ يستـــــقي قطري
22.    أنا التـــــي بهرت عشَّاقَـــها فغــــــدوا         من سحــــرِ ألفاظِهــــا فــي القيد والأسر  
23.    وإنما الـــداءُ مــن هجــــري وتخلـيتي        وهل أمَــــــــرُّ من الإقصــــاءِ والهجـرِ؟
24.    غريبــــــــةٌ عند جيـلِ اليـومِ يحسَـبُني        أنـي التــــي أورثــَـتْه الــذلَّ في العَــصْر  
25.    غريبـــــــةٌ بين قـومـي وانْتُبِـــذتُ بلا         ذنبٍ كجـــربَى تعانـي الــعَـــزلَ من عَرِّ
26.    وغــــربةُ الــــدار أدهى ما تكون قذىً        فمَـــــن يُغَـــرَّبُ في دارٍ له يـُــــــــزرِي
27.    كـــــــم ذكَّـــــروهـم بأن الله أودعــني         ســـــــرَّ "الكتــاب" وما أدراك من ســر  
28.    وقولَ "حافــــظَ"  لما قـام يمـــــدحُني         بأنني البــــــحرَ يحــــــوي أطيبَ الــــدُّر
29.    لكــــــن أشاحُــــوا بوجهٍ عابسٍ وأتوا        دربَ الرطـــــانةِ في جـــهلٍ وفي كِــــبْر
30.    كأن في أُذنـــــهـــم وقــراً ليمـــنَــعَهم         إرجــــاعَ حقِّي وزجرَ الحَيْفِ لا زجري

31.    كــــــم ندوةٍ قـــد أقيـمتْ لي ومــؤتمرٍ         وما رأيــــتُ ســــوى ما خُـــطَّ بالحِــــبْر
32.    فـي كـــــل يومٍ أعـــــاني منه مـذبحةً         عــــلى الإذاعةِ  أو في صــفــحـةِ  النَّشر
33.    خَرقٌ لحُــــــكْـمٍ وإتيـــانٌ بـــدارِجَـــةٍ        ركــيـــكةٍ أصـــلُها يـــنــبــيـك عن مَـكْرِ       
34.    بل ليـــتهم بركـــيـكِ اللــفـظ قد قَنَعوا        فــرب شَــرٍّ بـــــــدا أهــون مــــن شـــر
35.    وإنما عَـــــمَـــدوا نحو الــدخيل لـكي         يَحُــلَّ سـاحي ويـــلقي الســهمَ في نحري
36.    فاستــبدلوا بي لســانَ الأعجمي ومــا        في الأعجمي سوى هضمي سوى قهري
37.    وما ازدَرَيْــــــتُ بتـــاتاً ألْـسُــناً أُخَراً        وما تخلَّــــقْتُ فـي يـومٍ على الحَــــــــكْر  
38.    من حقـــــهم أن يقولوا ما يرون ومِن         حقي بأن أدحرَ الأغْـــرابَ عن وَكـــري
39.    لكنهـــم أثبــــتوا حقــــاً لهــــم وأنــــا         كـــم همَّشــوني لكي يسعـوا إلى طَمـري      
40.    في الجامعـــــاتِ مساقٌ عابرٌ  لَصِبٌ        جـــافٌ لـه محتـــوىً يربو على الــوعر
41.    وفي المــدارسِ قد أصـــبحتُ واحدةً         من الــــموادِ ســـــقامِ الضِّـــمن والفــكر
42.    بل أفظـــعُ الأمـر من يقـرأ وقد كُتِبَتْ        خَـطَـــــــابةً وهو في عَـوْصٍ وفي عُـسْر    
43.    يُلـــــــــَجْـلجُ اللفظَ حتى لست تفهـمُه         كـــأنــــه من طِـلَــسْمٍ غــامضِ الســـحر
44.    حتى اللوافـــــتَ بالـــغربي قد كُـتِبَتْ         حروفُهــــا بدعـاوى الصــيتِ والــشَّهـْـر
45.    لولاك ألزمتــــهم أن يكــــــتـبــوا بلســـــــــــــان الضــــاد ما عـــمـــلوا إلا على عَـــــــــزْر
46.    أنا الـــــهوية والتـــــــاريخ لو علموا          لم ينــطقوا غـــير بي في كــل ما يجري
47.    والمجد لي من قديم العهد دون مـــرا        حتــى وإن مـــرَّ بي عـــهدٌ من الــعَـــثْر
48.    ولســت أرفــضُ تطــعيمي بـمفـردةٍ            إن كـــــان يحتاجـها من شبَّ في حجري
49.    فكـم قــديماً لــسانُ الفُــــرس زودني             ورب نــهــرٍ صغــيرٍ زاد في الـــــــبحر
50.    وقد أعَــــــرْتُ لغاتِ الكــونِ قاطـبةً         وليس عيباً إذا سُلِّــفــتُ  مـن غــــــيري
51.    وإنما العــــيبُ إن زاحــــــت مسلَّفةٌ          لفــظاً أصيـــلاً لـــــكي تنمو وتسـتشري

52.    يا صاحب "الرؤية" المثلى التي سَعَدَت          بها الإماراتُ سَعْــــــد الــــرَّوضِ بالنَّور
53.    أنت المعين وانت  الحـرز ينصـــرني         على صعاب تزيل الصـــبر عن صـبري
54.    ورافـــــدٌ لـــبلوغ المجـــــد أو سندٌ         فــراية المجــــدِ قد تـــحتاج لــــــــلأَزر
55.    حتى أحـــــــــوزَ مكان الصدرِ ثانيةً            في كــــــــل بيت بلا خــــــوفٍ ولا نُكْر
56.    فقــــــــــد تحديتَ رملاً قائظاً  شكساً        حتى استحـــــــــال بُنًى أعجوبةَ العصر  
57.    والبحرُ صار "نخيلاً" أنشَرَتْ سَعَـفاً        مَـــــرَابعٌ طلْـــعُها كالـعِــقدِ في الــصدر
58.    وقد جعلتَ "دبي" للـــــكونِ مفخرةً        بالمنجـــزات التي فـاقـت على الحــصر
59.    وقـد نـذرتُ إذا حقـــقتَ أمـــــــنيتي            وعـــدتُ صاحبـــةَ الصــــولات والأمر        
60.    لأفْـــــرِغَنَّ مـــديحي فيـــــــكَ أبدؤه         إلـــــيك أرســـــل أفـــــــواجاً من الشكر