حديثنا اليوم قديم جديد ..لكنه مجرد حكاية

أ. محسن حكيم

ـ إستدرك أحد الظرفاء قصة الهدهد الخالدة الذكر في القرآن الكريم وأحب أن يتوقف عندها بالتأمل والتمحيص لعله يستشف منها بعض حديث جديد يذكر لنا فيه مرة أخرى محاسن ذلك الطائر الحكيم ويصور لنا منحى لطيفا محتملا يكون قد سار إليه مآل هدهد نبي الله سليمان عليه السلام ؛ فقال :
ـ هذا ومما تجدر الإشارة إليه أنه بعد التمكين المظفر الذي هيأه المولى تبارك وتعالى لملك الزمان وبعد الفتح المبين الذي أنجزه عز وعلا لنبيه الكريم سليمان عليه السلام والذي انتهى بدخول بلقيس ملكة سبإ هي وقومها طواعية في دين الإسلام ..مع عدم الإغفال عن ذكر الدور البارز للهدهد الحكيم في جميع تطورات الأحداث٠ ويتابع راويتنا حديثه وهو يحاول أن يعرض لنا بعض صور عجيبة تلخص لنا ما آل إليه مصير ذلك الهدهد البطل فقال :
ـ قيل أن أحد وزراء ذلك العصر ممن يغويهم تقلد منصبهم حاك في صدره شيء من غل دفين وحقد وحسد اتجاه طائر الهدهد فقام واستدعاه إلى مجلسه ذات مرة وأظهر له مودة مزيفة مبديا ترحيبه به في بادئ الأمر، لكن نفسه الطماعة سرعان ما وسوست إليه فأومأ يلح على الهدهد ويخبره بالرجوع إليه على التو إذا حدث ورأى في المملكة أمرا جللا وعظيما آخر يشبه نبأ بلقيس وقومها٠ ماكان لذلك الوزير أن يتخذ موقفه الظالم والجائر وهو يعلم أن الهدهد هو ذو مقعد أمين ومكين عند الملك سليمان عليه السلام ..ولكنها نوازغ النفس الخبيثة وبواعث اللؤم والجشع والطمع والخيلاء والرياء والإستحواذ والأثرة وحب التملك ٠ أدرك الهدهد الحكيم بنظرته الثاقبة كل تلك المرامي الدنيئة للوزير الطامع ولنواياه السيئة ..وهكذا لم يمض زمن طويل على تلك المناظرة المشبوهة التي تحمل في طياتها ما تحمله حتى استأذن الطائر البطل من رؤسائه وألح على طلب اعتزاله وإعفائه من سلك الجندية على الرغم مما كانت قد صارت إليه مكانته من شأن رفيع وعظيم٠ وقال الراوي ..إنما عقبنا في الحديث على سبيل المؤانسة والإستلطاف ؛ لكن الحقيقة التي لا غبار عليها هي أن الهدهد الحكيم كان بطلا بما في الكلمة من معنى وأن ذكره سيظل محفوظا في كتاب الله تعالى لتتناقله الأجيال فيما بينها شاهدة له بالفضل والبلاء الحسن وهذا في حد ذاته تكريم له ومفازة كبرى ما بعدها مفازة !!

ـ إنتهى ـ