حديث عن اللغة

أ. محسن حكيم

من أعظم المقومات التي تفتخر بها الأمم لغتها الجميلة التي تتداولها وتحرص ألا تتخذ لغة بديلة عنها سواها ..فهي الناطقة بلسان حالها ..وهي رمز هويتها ..وترجمان ثقافتها ..ودليل حضارتها ..والمعبرة عن أفراحها وأتراحها ..والحاضنة لتراثها ..والشاهدة على حاضرها .. والملهمة لآفاق مستقبلها ؛ من افتتن بها واعتمدها رحبت به في حضرة مملكتها ..وفتحت له كنوز أسرارها ..وأغدقت عليه من دررها ولآلئها .. وأدخلته محراب جمالها ..وأطلعته على حسنها وبهائها .. وعطرته بأعبق نسائمها ورياحينها .. وخلعت عليه من حلل سندسها وإستبرقها .. ووشحته من تيجان ملكها وسلطانها .. وأجلسته عالي مراتبها وكراسيها .. وناولته من يانع قطوفها وثمارها .. وروته من أخلص عيونها وينابيعها .. وزادته من مختوم رحيقها وشهدها .. وحدثته عن عجيب أسفارها وأخبارها .. وجادت عليه من نثرها وقريضها .. وأتحفته بترانيم نايها وقيثارتها .. وحلقت به في سماء فنونها وعلومها .. وعرجت به على رياض آدابها وفكرها .. وبصرته بكتاب الله نبع حكمتها وكوثرها .. وهمست إليه بحبها وولهها .. وانتدبته أن يكون من صفوة محبيها ومريديها.. واحتفت به كأعظم ما تحتفي به أم بمولودها وحبيبها .. أو شجرة بزهرتها وبرعومها .. أو جوقة بلابل بحسونها وغريدها .. أو جماعة بغائبها وعزيزها .. أو فصول بربيعها وأميرها.