حرف الخاء
م. محمد يحيى كعدان
إن الصيغة ( خ 01000 ) تعني غياب شكل وصفة (الخانتان 00 الرابعة والخامسة بدءً من اليسار) عنصر حاضر (الخانة 1 الثانية)، مع غياب المتكلم والمستمع (وجود القيمة 0 في الخانتين الأولى والثالثة بدءً من اليسار).
أي أن الخاء تدل على وجود عنصر غير معروف (غير متشكل أو موصّف)، مستقل عن المتكلم والمستمع، لغيابهما عنه.
" خاء " تعني أن عنصراً حضر غير معروف الشكل والصفة مستقلاً عن المتكلم والمستمع، من عنصر واسع التآلف (خ ، ا ، ء)؛ أي لدينا حضوراً غير معروف لعنصر مألوف. أي نحن أمام إخلاء أو تفريغ العنصر الواسع التآلف.
نلاحظ أنّ معنى الصيغة " أخ " هو عكس معنى الصيغة " خأ = خا ".
يقول ابن منظور في اللسان: تحت عنوان حرف الواو والياء من المعتل، فصل الخاء المعجمة: " خَوا: خَوَتِ الدار: تهدّمَت وسقطت؛ ومنه قوله تعالى: " فتلك بُيوتُهم خاويةٌ " أي خالية، كما قال تعالى: " فهي خاويةٌ على عرُوشها " أي خالية؛ ... وأرضٌ خاوية: خالية من أهلها، وقد تكون خاوية من المطر. وخوَى البيتُ إذا انْهدَم ... ".
وفي اللسان أيضاً: تحت عنوان حرف الألف اللينة، مادة خا: " ... وخاءِ بِكَ: معناه اعْجَلْ. ... ويُروى: بِخاء بِكَ؛ وقال ابن سلمة: معناه خِبْتَ، وهو دعاء منه عليه، تقول: بخائبكَ أي بأمْرِكَ الذي خابَ وخَسِرَ ... ".
أقول: خاءِ بِكَ = خائِبِكَ، تُفيد عَجِّلْ أو فرّغ نفسك. وهي نوع من النداء والحثّ بمعنى الخيبة التي ألمّتْ بِكَ، وهي تشبه أنواع النداء لا أبا لك، لا أخا لك = لا أخالك، ... إلخ؛ وهو كثير في قول العرب.
أمّا بِخائِبِكَ فهي تُفيد الحثّ والاستحلاف، وهي مشابهة لقولهم: بِنجاحِكَ، بِالغوالي عليك، بِرَبِّكَ، ... إلخ.
الصياغة بالأداة " خلا ":
يقول فيها المرادي ما يلي: " خلا: لفظ مشترك؛ يكون حرفاً من حروف الجر، وفعلاً متعدياً. وهي، في الحالين، من أدوات الاستثناء. فإذا كانت حرفاً جرَّتِ الاسم المستثنى بها، نحو: قام القوم خلا زيدٍ. وإذا كانت فعلاً نصبت الاسم المستثنى، نحو: قام القوم خلا زيداً. وكلا الوجهين، أعني الجر والنصب، ثابت بالنقل الصحيح عن العرب. وإذا استُثني بها ضمير المتكلم، وقُصد الجر، لم يؤت بنون الوقاية. وإذا قصد النصب أتي بها. فيقال، على الأول: خَلايَ. وعلى الثاني: خَلاني.
وتتعين فعليّتها بعد "ما" المصدرية، نحو: قام القوم ما خَلا زيداً. فـ "خلا" هنا فعل، لأن " ما " المصدرية لا توصل بحرف الجر، وإنما توصل بالفعل. وذهب الجرمي والكسائي، والفارسي في كتاب "الشعراء" له، والرَّبعي، إلى إجازة الجرّ بها، بعد "ما"، فتكون " ما " زائدة، لا مصدرية، و "خلا" حرف جر. وكلك اختلفوا في " عدا " نحو: ماعدا زيد. وقد روى الجرمي، عن بعض العرب في كتاب "الفرخ" الجرَّ بـ " خلا " و " عدا "، بعد " ما ".
وقال بعضهم: الجرميُّ يخفض بها، ويجعل "ما" زائدة، دخولها كخروجها. فإن كان ذلك قياساً منه فهو فاسد، لأن "ما" لا تكون زائدة أول الكلام. لأنها ضد الاعتناء الذي قُدِّمتْ له. وإن كان يَحكي ذلك، عن العرب، فهو من الشذوذ، بحيث لا يُقاس عليه.
واعلم أن "خلا" إذا جرّت ففيها خلاف. فقيل: هي في موضع نصب، عن تمام الكلام. وقيل: تتعلق بالفعل، أو معنى الفعل، كسائر حروف الجر غير الزوائد، وما في حكم الزوائد.
وإذا نصبت فاختلف في جملتها: هل لها محل أم لا؟ أجاز السيرافي أن تكون في موضع نصب على الحال، كأنك قلت: خالين زيداً. وأجاز أيضاً ألا يكون لها موضع من الإعراب، وإن كانت مفتقرة، من حيث [المعنى، إلى ما قبلها، من حيث] كان معناها معنى "إلاّ". قال ابن عصفور: وهو الصحيح.
وإذا دخلت عليها "ما" المصدرية فـ "ما" والفعل في موضع نصب، بلا خلاف. ولكن اختلفوا في وجه انتصابه، فقل: إنه مصدر موضوع موضع الحال، كما يجوز ذلك في المصدر الصريح. وهذا قول السيرافي. وذهب ابن خروف إلى أن انتصابه على الاستثناء، كانتصاب " غير" في قولك: قام القوم غيرَ زيد. وقيل: منصوب على الظرف، و "ما" مصدرية ظرفية. أي: وقتَ خلوّهم. ودخله معنى الاستثناء.
والكلام على " عدا " في جميع ما ذكر كالكلام على " خلا ". وسيأتي في موضعها، إن شاء الله تعالى." .
لنتأمل الصيغة التالية كمثال: "خلا زيد"، وندرسها وفق المراحل: "خ(لا( زيد ))". تعني: حضور لعنصر غير متشكل وغير موصف لدى غياب المتكلم والمستمع ( خ 01000 )، من عنصر منفي بالأداة " لا "، هو الصيغة "زيد".
أي: حضور لعنصر غائب الشكل والصفة معاً (يمكن أن يكونا متغيرين، وبالتالي ليس للعنصر شكل وصفة ثابتين حاضرين) مع غياب المتكلم والمستمع (خ)، أي حضور عنصر غير معروف، من عنصر منفي بالأداة " لا "، هو الصيغة "زيد".
تعمل الخاء على تفريغ الصيغة " لا زيد " (الصيغة النافية لزيد، هي متممة زيد، وهي كل شيء عدا زيد)، وبالتالي الإبقاء على " زيد ".
لتكن لدينا الصيغة " خلاء "، تعني: حضور لعنصر غائب الشكل والصفة معاً، مع غياب المتكلم والمستمع (خ)، من عنصر منفي بالصيغة "لا"، هو العنصر المتآلف وفق " ء = أْ " (لاحظ أن الألف الساكنة هي همزة ساكنة). أي: حضور لعنصر لا شكل ولا صفة له، باستقلال عن المتكلم والمستمع، من عنصر ينفي التآلف. وبالتالي نحن أمام: فراغ.
|
|
|