ندوة‮ ‬الشروق ... لن تحطموا اللغة العربية ونحن لكم بالمرصاد‮‬

وردة بوجملين

حذر المشاركون في‮ ‬ندوة‮ "‬الشروق‮"، الثلاثاء،‮ ‬حول‮ "‬واقع اللغة العربية في‮ ‬المدرسة الجزائرية ودعاوي‮ ‬العامية‮"‬،‮ ‬من المساس باللغة العربية الفصحى في‮ ‬المدرسة الجزائرية،‮ ‬مؤكدين أنهم سوف‮ ‬يتصدون لأية محاولة تستهدف المدرسة العمومية بتسميات وبأشكال مختلفة،‮ ‬تحت‮ ‬غطاء تحسين مستوى التلميذ،‮ ‬وضرورة استرجاع المدرسة القديمة ببرامجها الثقافية الهادفة،‮ ‬التي‮ ‬أنجبت فطاحلة العلم والأدب في‮ ‬مختلف المجالات وفي‮ ‬مختلف الدول الكبرى،‮ ‬وعاب المشاركون في‮ ‬الندوة من مفتشين وأكاديميين وقدماء الأساتذة ونقابات قطاع التربية التفات الوزيرة بن‮ ‬غبريط إلى‮ "‬الهوامش‮" ‬بدل التفكير في‮ ‬الحلول التي‮ ‬من شأنها إخراج المدرسة الجزائرية من الحضيض الذي‮ ‬سقطت فيه المنظومة التربوية منذ الإصلاحات التي‮ ‬نادى بها بن زاغو قبل أزيد من عشر سنوات،‮ ‬ولام المتدخلون تكريس وسائل الإعلام وخاصة العمومية منها للرداءة بجيوب الشعب الجزائري‮ ‬بدل بث برامج من شأنها تنمية قدرات الأجيال وترسيخ اللغة العربية الفصحى التي‮ ‬تعد من أهم ثوابت الهوية الوطنية‮.‬
الإذاعات وقنوات التلفزيون العمومي‮ ‬تخاطب الشعب بعبارات لقيطة

فتح الأديب والباحث رابح خدوسي،‮ ‬النار على مفتشي‮ ‬التربية ومديري‮ ‬المدارس التعليمية في‮ ‬المدرسة العمومية بمختلف أطوارها،‮ ‬حيث أكد أن همهم الوحيد هو تقاضي‮ ‬رواتبهم في‮ ‬آخر الشهر وممارسة السياسة وقضاء مصالحهم الخاصة دون الاهتمام بمصير التلميذ والمدرسة‮.‬

ووصفهم رابح خدوسي‮ ‬المفتشين والمديرين،‮ ‬في‮ ‬المداخلة التي‮ ‬ألقاها في‮ ‬إطار مشاركته في‮ ‬ندوة‮ "‬الشروق‮" ‬حول‮ ‬‭"‬واقع اللغة العربية في‮ ‬المدرسة الجزائرية ودعاوي‮ ‬الأمية‮"‬،‮ ‬بـ"الفريضة الغائبة‮"‬،‮ ‬التي‮ ‬أدت إلى تدهور مستوى المدرسة الجزائرية بشكل عام وتراجع مستوى التلميذ‮.‬

وتمحورت مداخلة الأديب خدوسي‮ ‬حول واقع اللغة العربية الفصحى في‮ ‬المدرسة الجزائرية حيث وصفه بالسيئ للغاية وقال موضحا‮: "‬اللغة العربية في‮ ‬الجزائر تواجه وضعا خاصا وذلك بالنظر إلى المكانة المقدسة التي‮ ‬اكتسبتها بعد الاستقلال واعتزاز الشعب الجزائري‮ ‬الشديد بها‮"‬،‮ ‬مشيرا من جهة أخرى،‮ ‬إلى أن حال اللغة العربية في‮ ‬الجزائر من حال العديد من اللغات في‮ ‬العالم‮.‬

واتهم الكاتب رابح خدوسي‮ ‬السلطة بالتواطؤ مع التيار‮ "‬الفرونكوفيلي‮" ‬الذي‮ ‬يسعى بكل الصلاحيات التي‮ ‬اكتسبها إلى تحطيم اللغة العربية وتشتيتها وتفتيتها حيث قال‮: "‬إن الأزمة العميقة التي‮ ‬تعيشها اللغة العربية نتيجة للضغوطات الداخلية والخارجية التي‮ ‬تعاني‮ ‬منها بالإضافة إلى مساهمة النظام في‮ ‬المهزلة التي‮ ‬تعيشها اللغة العربية في‮ ‬بلادنا‮".‬

وحذر المتحدث من مغبة السقوط في‮ ‬مخطط تشتيت البلاد من خلال هذا المقترح البذيء قائلا‮: "‬اللغة العربية هي‮ ‬اللغة الموحدة للوطن لأنها لغة التدريس وأي‮ ‬مساس بها هو تهديد للوحدة الوطنية ومساس به‮"‬،‮ ‬مشيرا إلى أن التدريس بالدارجة لن‮ ‬يخدم الملكات الفكرية للتلميذ في‮ ‬شيء‮ ‬غير تشتيت قدراته،‮ ‬خاصة في‮ ‬ظل الأساليب والمناهج التي‮ ‬تعتمدها وزارة التربية في‮ ‬تعليم الأجيال في‮ ‬السنوات الأخيرة،‮ ‬حيث اعتبر أن اللغة العربية تدرس مفصولة عن مضمونها الذي‮ ‬يساهم في‮ ‬تعزيز مقومات الشخصية الوطنية لدى الطفل بشكل عام لكنه لفت إلى أن أصحاب هذا المقترح قد خدموا اللغة العربية من حيث لا‮ ‬يدرون،‮ ‬لأن هذا الاقتراح أيقظ النائم وأحدث حراكا فكريا معتبرا في‮ ‬الجزائر بشكل عام‮.‬

ونبه خدوسي،‮ ‬من جهة أخرى إلى خطورة استغناء إدارات المدارس عن‮ "‬الطقوس‮" ‬التي‮ ‬تساعد الطفل في‮ ‬تنمية قدراته الفكرية على‮ ‬غرار المسرحيات والنشاطات الفكرية،‮ ‬حصص المطالعة،‮ ‬الجداريات،‮ ‬حفلات نهاية السنة والمكتبة المدرسية،‮ ‬مشيرا إلى أن هذه الطقوس من شأنها أن تساهم في‮ ‬تثقيف التلميذ وتنمية معارفه‮.‬

وانتقد رابح خدوسي‮ ‬اللغة التي‮ ‬توظفها القنوات العمومية التلفزيونية وبشكل خاص اللغة‮ ‬غير المهذبة التي‮ ‬تستعملها في‮ ‬مخاطبتها للشعب،‮ ‬مشيرا إلى أن ما‮ ‬يحدث هو بمثابة الهجوم على اللغة العربية‮".‬

وأوضح‮  ‬في‮ ‬سياق متصل‮: "‬ما‮ ‬يحدث من تشويش مبرمج من الإدارات والتلفزيون العمومي‮ ‬على اللغة العربية،‮ ‬ولكن هذه المرة بأموال الشعب‮"‬،‮ ‬وتساءل المتحدث في‮ ‬سياق متصل،‮ ‬كيف تخاطب نخاطب بعبارت بذيئة ولقيطة؟‮" ‬مشيرا إلى أن المحيط في‮ ‬بلادنا ساهم في‮ ‬الأزمة التي‮ ‬تعيشها اللغة العربية،‮ ‬لأنه لا‮ ‬يساعد على اكتسابها وتطويرها‮.‬

آليات الخروج بالمدرسة من مستنقع الفوضى والتخلف
ودعا رابح خدوسي‮ ‬إلى ضرورة استحداث وتطبيق بعض الاليات في‮ ‬سبيل الخروج بالمدرسة العمومية من مستنقع الفوضى والتخلف الذي‮ ‬تشهده منذ سنوات وكذا الرفع من مستوى اللغة العربية في‮ ‬المدرسة الجزائرية‮.‬

واعتبر أن من بين أهم التوصيات التي‮ ‬يجب أن‮ ‬يعمل بها القائمون على المدارس هو العقلانية في‮ ‬التدبير وإعداد المنهاج المدرسي‮ ‬بشكل‮ ‬يساير النمو العقلي‮ ‬والخصوصية الجزائرية وكذا العصرنة في‮ ‬التسيير والابداع في‮ ‬التفكير،‮ ‬بالإضافة إلى إنعاش البحث التربوي‮ ‬العلمي‮ ‬الخاص بترقية تعليم اللغة العربية في‮ ‬المدارس،‮ ‬وتخصيص المرحلة الأولى والثانية كمرحلة ثقافية تزرع فيها بذور الحس الجمالي‮ ‬والتذوق الفني‮ ‬للطفل عبر مختلف مجالات الإبداع في‮ ‬الشعر والقصة وغيرها من مجلات الإبداع،‮ ‬إنشاء النوادي‮ ‬الأدبية،‮ ‬تبسيط النحو،‮ ‬إدراج النصوص الأدبية الجزائرية حتى لا‮ ‬يبقى التلميذ‮ ‬غريبا عن وسطه،‮ ‬تعميم التعليم التحضيري‮ ‬ونشر الوسائل السمعية البصرية،‮ ‬تمكين الطفل من اللغة العربية لغة مجتمعة حتى‮ ‬يتمكن من اكتساب اللغات الأجنبية الأخرى،‮ ‬العمل على جعل اللغة العربية لغة تواصل في‮ ‬البيت وفي‮ ‬المدرسة لتصبح لغة التعبير الوجداني‮ ‬وحتى نقضي‮ ‬على الدارجة،‮ ‬وكذا تكوين المعلمين وغيرها من الآليات التي‮ ‬من شأنها رفع مستوى التلميذ وكذا تحسين أداء المدرسة العمومية‮.‬
‮"‬تغيير مواد الدستور من حق الشعب فقط‮ ‬يا بن‮ ‬غبريط‮"‬

انتقد ممثل جريدة‮ "‬الشروق‮"‬،‮ ‬الأستاذ علي‮ ‬ذراع،‮ ‬نية وزيرة التربية نورية بن‮ ‬غبريط،‮ ‬في‮ ‬إدراج الدارجة في‮ ‬المدرسة الجزائرية بحجة أن الطفل الجزائري‮ ‬يصاب بـ"صدمة‮" ‬من اللغة العربية الفصحى للوهلة الأولى من التحاقه بالمدرسة‮.‬

وأكد الأستاذ علي‮ ‬ذراع،‮ ‬الذي‮ ‬ألقى كلمة لدى افتتاح الندوة،‮ ‬نيابة عن المدير العام لمجمع‮ "‬الشروق‮" ‬الأستاذ علي‮ ‬فضيل‮: "‬أن الداعين إلى التدريس بالدارجة‮ ‬يسعون إلى خلق صراعات جهوية،‮ ‬ويريدون ضرب الجزائر في‮ ‬الصميم‮". ‬وتابع‮: "‬المقصود من هذا السيناريو ليس العربية فقط ولكن الجزائر كاملة،‮ ‬فالدعوة إلى العامية هي‮ ‬دعوة إلى الفوضى ولكن هيهات‮ ‬يا بن‮ ‬غبريط،‮ ‬فالشعب فقط بيده أن تغيير المادة الثانية من الدستور‮"‬،‮ ‬وأضاف الأستاذ علي‮ ‬ذراع،‮ ‬في‮ ‬سياق متصل‮: "‬هم‮ ‬يعرفون ويدركون ذلك،‮ ‬ولكن‮ ‬يجسون نبض الضمير الجزائري‮"‬،‮ ‬موضحا‮: "‬كان عليهم أن‮ ‬ينظروا في‮ ‬كيفيات تطوير اللغة العربية وإدراجها في‮ ‬مختلف المجالات الإدارية والاقتصادية ولكنهم‮ ‬يتعمدون إلهاءنا بمثل هذه الأمور عن الأمور التي‮ ‬ينبغي‮ ‬أن ننظر إليها ونجتهد فيها‮".‬

وأعرب الأستاذ علي‮ ‬ذراع،‮ ‬عن آماله في‮ ‬أن تسفر الندوة عن توصيات بيداغوجية وفكرية مهمة من شأنها أن تخدم المدرسة الجزائرية بالدرجة الأولى والمجتمع بشكل عام،‮ ‬مشيرا إلى رفضه المطلق لفكرة تسييس المدرسة،‮ ‬حيث قال‮: "‬نحن نرفض أن‮ ‬يكون من وراء هذا الاقتراح مطالب إيديولوجية تقضي‮ ‬بتسييس المدرسة كما نرفض المساس بعربيتنا‮"‬،‮ ‬وتابع‮: "‬اللغة العربية فرضت نفسها اليوم في‮ ‬المجتمع الجزائري‮ ‬ولا أحد بإمكانه أن‮ ‬يقترب منها،‮ ‬أعتقد أنها من دسائس الاستعمار الفرنسي‮ ‬الذي‮ ‬أراد أن‮ ‬يعود من النافذة،‮ ‬ولكن خابت نواياه وآماله لأننا سنتجند وستتفوق وحدة الشعب الجزائري‮"‬‭.‬
‮"‬احذروا‮... ‬أعين فرنسا مازالت مصوبة نحونا‮"‬

صرح البروفيسور عمار طالبي،‮ ‬أن واقع اللغة العربية في‮ ‬البلاد مترد ومتهالك سواء في‮ ‬التعليم أو في‮ ‬الاقتصاد في‮ ‬ظل اعتماد الفرنسية في‮ ‬تسيير البنوك وكل المؤسسات الاقتصادية‮.‬

وأضاف البروفيسور عمار طالبي‮ ‬مستذكرا حديث الدكتور سعيد شيبان الذي‮ ‬كان‮ ‬يقول له دائما‮: "‬أنا أعجب من شيء،‮ ‬من أمة لها لغتها العلمية الفصيحة والتاريخية العلمية العظيمة وتعطي‮ ‬لغة أجنبية ميزة كبرى لا تعطى للغة الأصلية نفسها‮"‬،‮ ‬وتابع‮: "‬فنحن نعطي‮ ‬ميزة كبرى للفرنسية للأسف،‮ ‬لأن الذين صوتوا ضد الاستقلال بقوا في‮ ‬جزائر الاستقلال ومازالوا‮ ‬يعملون من اجل تأليه هذه اللغة التي‮ ‬يقدسونها والتي‮ ‬أصبحت جزءا من عقليتهم،‮ ‬وهذه مصيبة كبرى‮".‬

وأضاف عمار طالبي‮ ‬في‮ ‬سياق متصل‮: "‬استغربت لتصريحات السيد الوزير الأول‮ ‬يقول ان هذه اجتهادات،‮ ‬عن أي‮ ‬اجتهاد تتحدث عندما‮ ‬يتعلق الأمر بنص دستوري‮ ‬يا سلال‮".‬

وأرجع المتحدث مخطط تشتيت اللغة العربية إلى الحركى وابناء فرنسا،‮ ‬حيث قال‮: "‬هؤلاء‮ ‬يحافظون على العهد القديم ويريدون العودة إلى العهد الفرنسي‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬يعلم اللغة الدارجة،‮ ‬والمقصود من كل هذا هو إبعاد اللغة العربية وإحلال الفرنسية التي‮ ‬أصبحت مقدسة في‮ ‬بلادنا،‮ ‬لها أنصار مدافعون ومجتهدون،‮ ‬وهذه عقلية قديمة فرنسية راسخة فقط ووجدوا فرصة وأرادوا إعادة بعث الفكرة‮".‬

وختم عمار طالبي‮ ‬حديثه قائلا‮: "‬نحن نقول أن اللغة العلمية والحضارية التي‮ ‬عاشت قرونا وهي‮ ‬تعبر عن الحضارة هي‮ ‬لغة المدرسة لا اللغة الهجينة المشوشة والمخلوطة،‮ ‬وقد حسم

ابن باديس في‮ ‬هذه القضية،‮ ‬وقال شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة‮ ‬ينتسب‭..‬‮ ‬فكفانا من هذه الأغاني‮ ‬المفرقة،‮ ‬فنحن معرضون للخطر من الحدود إلى الحدود وأعين فرنسا مازالت مصوبة باتجاهنا إلى اليوم‮".‬

 "‬يجب منح الأقسام الابتدائية لذوي‮ ‬الخبرة‮"‬

أكد سعيد فضيل،‮ ‬المفتش السابق بوزارة التربية الوطنية،‮ ‬أنه‮ ‬يجب أن نمكن التلميذ من الحجم الساعي‮ ‬الضروري‮ ‬من أجل اكتساب اللغة العربية الفصحى،‮ ‬مشيرا إلى أن الحجم الساعي‮ ‬الذي‮ ‬يتلقاه التلميذ اليوم‮ ‬غير كاف‮.‬

وأشار الأستاذ سعيد فضيل،‮ ‬في‮ ‬سياق متصل إلى أنه وإلى جانب ضرورة رفع الحجم الساعي‮ ‬لمادة اللغة العربية في‮ ‬المدرسة‮ ‬يجب أن تمنح الأقسام الابتدائية لذوي‮ ‬الخبرة في‮ ‬التدريس لأن المهمة صعبة وتحتاج إلى الصبر،‮ ‬معتبرا أن مدة تكوين المعلمين التي‮ ‬حددت بـ21‮ ‬يوما‮ ‬غير كافية من أجل تأهيل المتخرج من الجامعة من تعليم الطفل‮.‬


   

حذر المشاركون في‮ ‬ندوة‮ "‬الشروق‮"، الثلاثاء،‮ ‬حول‮ "‬واقع اللغة العربية في‮ ‬المدرسة الجزائرية ودعاوي‮ ‬العامية‮"‬،‮ ‬من المساس باللغة العربية الفصحى في‮ ‬المدرسة الجزائرية،‮ ‬مؤكدين أنهم سوف‮ ‬يتصدون لأية محاولة تستهدف المدرسة العمومية بتسميات وبأشكال مختلفة،‮ ‬تحت‮ ‬غطاء تحسين مستوى التلميذ،‮ ‬وضرورة استرجاع المدرسة القديمة ببرامجها الثقافية الهادفة،‮ ‬التي‮ ‬أنجبت فطاحلة العلم والأدب في‮ ‬مختلف المجالات وفي‮ ‬مختلف الدول الكبرى،‮ ‬وعاب المشاركون في‮ ‬الندوة من مفتشين وأكاديميين وقدماء الأساتذة ونقابات قطاع التربية التفات الوزيرة بن‮ ‬غبريط إلى‮ "‬الهوامش‮" ‬بدل التفكير في‮ ‬الحلول التي‮ ‬من شأنها إخراج المدرسة الجزائرية من الحضيض الذي‮ ‬سقطت فيه المنظومة التربوية منذ الإصلاحات التي‮ ‬نادى بها بن زاغو قبل أزيد من عشر سنوات،‮ ‬ولام المتدخلون تكريس وسائل الإعلام وخاصة العمومية منها للرداءة بجيوب الشعب الجزائري‮ ‬بدل بث برامج من شأنها تنمية قدرات الأجيال وترسيخ اللغة العربية الفصحى التي‮ ‬تعد من أهم ثوابت الهوية الوطنية‮.‬

 الأديب والباحث وعضو لجنة بن زغو رابح خدوسي‮:‬

المروجون للدارجة خدموا اللغة العربية من حيث لا‮ ‬يدرون مديرو ومفتشو التربية تهمهم رواتبهم أكثر من مستقبل التلاميذ

الإذاعات وقنوات التلفزيون العمومي‮ ‬تخاطب الشعب بعبارات لقيطة

فتح الأديب والباحث رابح خدوسي،‮ ‬النار على مفتشي‮ ‬التربية ومديري‮ ‬المدارس التعليمية في‮ ‬المدرسة العمومية بمختلف أطوارها،‮ ‬حيث أكد أن همهم الوحيد هو تقاضي‮ ‬رواتبهم في‮ ‬آخر الشهر وممارسة السياسة وقضاء مصالحهم الخاصة دون الاهتمام بمصير التلميذ والمدرسة‮.‬

ووصفهم رابح خدوسي‮ ‬المفتشين والمديرين،‮ ‬في‮ ‬المداخلة التي‮ ‬ألقاها في‮ ‬إطار مشاركته في‮ ‬ندوة‮ "‬الشروق‮" ‬حول‮ ‬‭"‬واقع اللغة العربية في‮ ‬المدرسة الجزائرية ودعاوي‮ ‬الأمية‮"‬،‮ ‬بـ"الفريضة الغائبة‮"‬،‮ ‬التي‮ ‬أدت إلى تدهور مستوى المدرسة الجزائرية بشكل عام وتراجع مستوى التلميذ‮.‬

وتمحورت مداخلة الأديب خدوسي‮ ‬حول واقع اللغة العربية الفصحى في‮ ‬المدرسة الجزائرية حيث وصفه بالسيئ للغاية وقال موضحا‮: "‬اللغة العربية في‮ ‬الجزائر تواجه وضعا خاصا وذلك بالنظر إلى المكانة المقدسة التي‮ ‬اكتسبتها بعد الاستقلال واعتزاز الشعب الجزائري‮ ‬الشديد بها‮"‬،‮ ‬مشيرا من جهة أخرى،‮ ‬إلى أن حال اللغة العربية في‮ ‬الجزائر من حال العديد من اللغات في‮ ‬العالم‮.‬

واتهم الكاتب رابح خدوسي‮ ‬السلطة بالتواطؤ مع التيار‮ "‬الفرونكوفيلي‮" ‬الذي‮ ‬يسعى بكل الصلاحيات التي‮ ‬اكتسبها إلى تحطيم اللغة العربية وتشتيتها وتفتيتها حيث قال‮: "‬إن الأزمة العميقة التي‮ ‬تعيشها اللغة العربية نتيجة للضغوطات الداخلية والخارجية التي‮ ‬تعاني‮ ‬منها بالإضافة إلى مساهمة النظام في‮ ‬المهزلة التي‮ ‬تعيشها اللغة العربية في‮ ‬بلادنا‮".‬

وحذر المتحدث من مغبة السقوط في‮ ‬مخطط تشتيت البلاد من خلال هذا المقترح البذيء قائلا‮: "‬اللغة العربية هي‮ ‬اللغة الموحدة للوطن لأنها لغة التدريس وأي‮ ‬مساس بها هو تهديد للوحدة الوطنية ومساس به‮"‬،‮ ‬مشيرا إلى أن التدريس بالدارجة لن‮ ‬يخدم الملكات الفكرية للتلميذ في‮ ‬شيء‮ ‬غير تشتيت قدراته،‮ ‬خاصة في‮ ‬ظل الأساليب والمناهج التي‮ ‬تعتمدها وزارة التربية في‮ ‬تعليم الأجيال في‮ ‬السنوات الأخيرة،‮ ‬حيث اعتبر أن اللغة العربية تدرس مفصولة عن مضمونها الذي‮ ‬يساهم في‮ ‬تعزيز مقومات الشخصية الوطنية لدى الطفل بشكل عام لكنه لفت إلى أن أصحاب هذا المقترح قد خدموا اللغة العربية من حيث لا‮ ‬يدرون،‮ ‬لأن هذا الاقتراح أيقظ النائم وأحدث حراكا فكريا معتبرا في‮ ‬الجزائر بشكل عام‮.‬

ونبه خدوسي،‮ ‬من جهة أخرى إلى خطورة استغناء إدارات المدارس عن‮ "‬الطقوس‮" ‬التي‮ ‬تساعد الطفل في‮ ‬تنمية قدراته الفكرية على‮ ‬غرار المسرحيات والنشاطات الفكرية،‮ ‬حصص المطالعة،‮ ‬الجداريات،‮ ‬حفلات نهاية السنة والمكتبة المدرسية،‮ ‬مشيرا إلى أن هذه الطقوس من شأنها أن تساهم في‮ ‬تثقيف التلميذ وتنمية معارفه‮.‬

وانتقد رابح خدوسي‮ ‬اللغة التي‮ ‬توظفها القنوات العمومية التلفزيونية وبشكل خاص اللغة‮ ‬غير المهذبة التي‮ ‬تستعملها في‮ ‬مخاطبتها للشعب،‮ ‬مشيرا إلى أن ما‮ ‬يحدث هو بمثابة الهجوم على اللغة العربية‮".‬

وأوضح‮  ‬في‮ ‬سياق متصل‮: "‬ما‮ ‬يحدث من تشويش مبرمج من الإدارات والتلفزيون العمومي‮ ‬على اللغة العربية،‮ ‬ولكن هذه المرة بأموال الشعب‮"‬،‮ ‬وتساءل المتحدث في‮ ‬سياق متصل،‮ ‬كيف تخاطب نخاطب بعبارت بذيئة ولقيطة؟‮" ‬مشيرا إلى أن المحيط في‮ ‬بلادنا ساهم في‮ ‬الأزمة التي‮ ‬تعيشها اللغة العربية،‮ ‬لأنه لا‮ ‬يساعد على اكتسابها وتطويرها‮.‬

آليات الخروج بالمدرسة من مستنقع الفوضى والتخلف

ودعا رابح خدوسي‮ ‬إلى ضرورة استحداث وتطبيق بعض الاليات في‮ ‬سبيل الخروج بالمدرسة العمومية من مستنقع الفوضى والتخلف الذي‮ ‬تشهده منذ سنوات وكذا الرفع من مستوى اللغة العربية في‮ ‬المدرسة الجزائرية‮.‬

واعتبر أن من بين أهم التوصيات التي‮ ‬يجب أن‮ ‬يعمل بها القائمون على المدارس هو العقلانية في‮ ‬التدبير وإعداد المنهاج المدرسي‮ ‬بشكل‮ ‬يساير النمو العقلي‮ ‬والخصوصية الجزائرية وكذا العصرنة في‮ ‬التسيير والابداع في‮ ‬التفكير،‮ ‬بالإضافة إلى إنعاش البحث التربوي‮ ‬العلمي‮ ‬الخاص بترقية تعليم اللغة العربية في‮ ‬المدارس،‮ ‬وتخصيص المرحلة الأولى والثانية كمرحلة ثقافية تزرع فيها بذور الحس الجمالي‮ ‬والتذوق الفني‮ ‬للطفل عبر مختلف مجالات الإبداع في‮ ‬الشعر والقصة وغيرها من مجلات الإبداع،‮ ‬إنشاء النوادي‮ ‬الأدبية،‮ ‬تبسيط النحو،‮ ‬إدراج النصوص الأدبية الجزائرية حتى لا‮ ‬يبقى التلميذ‮ ‬غريبا عن وسطه،‮ ‬تعميم التعليم التحضيري‮ ‬ونشر الوسائل السمعية البصرية،‮ ‬تمكين الطفل من اللغة العربية لغة مجتمعة حتى‮ ‬يتمكن من اكتساب اللغات الأجنبية الأخرى،‮ ‬العمل على جعل اللغة العربية لغة تواصل في‮ ‬البيت وفي‮ ‬المدرسة لتصبح لغة التعبير الوجداني‮ ‬وحتى نقضي‮ ‬على الدارجة،‮ ‬وكذا تكوين المعلمين وغيرها من الآليات التي‮ ‬من شأنها رفع مستوى التلميذ وكذا تحسين أداء المدرسة العمومية‮.‬


‮"‬تغيير مواد الدستور من حق الشعب فقط‮ ‬يا بن‮ ‬غبريط‮"‬

انتقد ممثل جريدة‮ "‬الشروق‮"‬،‮ ‬الأستاذ علي‮ ‬ذراع،‮ ‬نية وزيرة التربية نورية بن‮ ‬غبريط،‮ ‬في‮ ‬إدراج الدارجة في‮ ‬المدرسة الجزائرية بحجة أن الطفل الجزائري‮ ‬يصاب بـ"صدمة‮" ‬من اللغة العربية الفصحى للوهلة الأولى من التحاقه بالمدرسة‮.‬

وأكد الأستاذ علي‮ ‬ذراع،‮ ‬الذي‮ ‬ألقى كلمة لدى افتتاح الندوة،‮ ‬نيابة عن المدير العام لمجمع‮ "‬الشروق‮" ‬الأستاذ علي‮ ‬فضيل‮: "‬أن الداعين إلى التدريس بالدارجة‮ ‬يسعون إلى خلق صراعات جهوية،‮ ‬ويريدون ضرب الجزائر في‮ ‬الصميم‮". ‬وتابع‮: "‬المقصود من هذا السيناريو ليس العربية فقط ولكن الجزائر كاملة،‮ ‬فالدعوة إلى العامية هي‮ ‬دعوة إلى الفوضى ولكن هيهات‮ ‬يا بن‮ ‬غبريط،‮ ‬فالشعب فقط بيده أن تغيير المادة الثانية من الدستور‮"‬،‮ ‬وأضاف الأستاذ علي‮ ‬ذراع،‮ ‬في‮ ‬سياق متصل‮: "‬هم‮ ‬يعرفون ويدركون ذلك،‮ ‬ولكن‮ ‬يجسون نبض الضمير الجزائري‮"‬،‮ ‬موضحا‮: "‬كان عليهم أن‮ ‬ينظروا في‮ ‬كيفيات تطوير اللغة العربية وإدراجها في‮ ‬مختلف المجالات الإدارية والاقتصادية ولكنهم‮ ‬يتعمدون إلهاءنا بمثل هذه الأمور عن الأمور التي‮ ‬ينبغي‮ ‬أن ننظر إليها ونجتهد فيها‮".‬

وأعرب الأستاذ علي‮ ‬ذراع،‮ ‬عن آماله في‮ ‬أن تسفر الندوة عن توصيات بيداغوجية وفكرية مهمة من شأنها أن تخدم المدرسة الجزائرية بالدرجة الأولى والمجتمع بشكل عام،‮ ‬مشيرا إلى رفضه المطلق لفكرة تسييس المدرسة،‮ ‬حيث قال‮: "‬نحن نرفض أن‮ ‬يكون من وراء هذا الاقتراح مطالب إيديولوجية تقضي‮ ‬بتسييس المدرسة كما نرفض المساس بعربيتنا‮"‬،‮ ‬وتابع‮: "‬اللغة العربية فرضت نفسها اليوم في‮ ‬المجتمع الجزائري‮ ‬ولا أحد بإمكانه أن‮ ‬يقترب منها،‮ ‬أعتقد أنها من دسائس الاستعمار الفرنسي‮ ‬الذي‮ ‬أراد أن‮ ‬يعود من النافذة،‮ ‬ولكن خابت نواياه وآماله لأننا سنتجند وستتفوق وحدة الشعب الجزائري‮"‬‭.‬

‮"‬احذروا‮... ‬أعين فرنسا مازالت مصوبة نحونا‮"‬

صرح البروفيسور عمار طالبي،‮ ‬أن واقع اللغة العربية في‮ ‬البلاد مترد ومتهالك سواء في‮ ‬التعليم أو في‮ ‬الاقتصاد في‮ ‬ظل اعتماد الفرنسية في‮ ‬تسيير البنوك وكل المؤسسات الاقتصادية‮.‬

وأضاف البروفيسور عمار طالبي‮ ‬مستذكرا حديث الدكتور سعيد شيبان الذي‮ ‬كان‮ ‬يقول له دائما‮: "‬أنا أعجب من شيء،‮ ‬من أمة لها لغتها العلمية الفصيحة والتاريخية العلمية العظيمة وتعطي‮ ‬لغة أجنبية ميزة كبرى لا تعطى للغة الأصلية نفسها‮"‬،‮ ‬وتابع‮: "‬فنحن نعطي‮ ‬ميزة كبرى للفرنسية للأسف،‮ ‬لأن الذين صوتوا ضد الاستقلال بقوا في‮ ‬جزائر الاستقلال ومازالوا‮ ‬يعملون من اجل تأليه هذه اللغة التي‮ ‬يقدسونها والتي‮ ‬أصبحت جزءا من عقليتهم،‮ ‬وهذه مصيبة كبرى‮".‬

وأضاف عمار طالبي‮ ‬في‮ ‬سياق متصل‮: "‬استغربت لتصريحات السيد الوزير الأول‮ ‬يقول ان هذه اجتهادات،‮ ‬عن أي‮ ‬اجتهاد تتحدث عندما‮ ‬يتعلق الأمر بنص دستوري‮ ‬يا سلال‮".‬

وأرجع المتحدث مخطط تشتيت اللغة العربية إلى الحركى وابناء فرنسا،‮ ‬حيث قال‮: "‬هؤلاء‮ ‬يحافظون على العهد القديم ويريدون العودة إلى العهد الفرنسي‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬يعلم اللغة الدارجة،‮ ‬والمقصود من كل هذا هو إبعاد اللغة العربية وإحلال الفرنسية التي‮ ‬أصبحت مقدسة في‮ ‬بلادنا،‮ ‬لها أنصار مدافعون ومجتهدون،‮ ‬وهذه عقلية قديمة فرنسية راسخة فقط ووجدوا فرصة وأرادوا إعادة بعث الفكرة‮".‬

وختم عمار طالبي‮ ‬حديثه قائلا‮: "‬نحن نقول أن اللغة العلمية والحضارية التي‮ ‬عاشت قرونا وهي‮ ‬تعبر عن الحضارة هي‮ ‬لغة المدرسة لا اللغة الهجينة المشوشة والمخلوطة،‮ ‬وقد حسم

ابن باديس في‮ ‬هذه القضية،‮ ‬وقال شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة‮ ‬ينتسب‭..‬‮ ‬فكفانا من هذه الأغاني‮ ‬المفرقة،‮ ‬فنحن معرضون للخطر من الحدود إلى الحدود وأعين فرنسا مازالت مصوبة باتجاهنا إلى اليوم‮".‬

سعيد فضيل‮:

"‬يجب منح الأقسام الابتدائية لذوي‮ ‬الخبرة‮"‬

أكد سعيد فضيل،‮ ‬المفتش السابق بوزارة التربية الوطنية،‮ ‬أنه‮ ‬يجب أن نمكن التلميذ من الحجم الساعي‮ ‬الضروري‮ ‬من أجل اكتساب اللغة العربية الفصحى،‮ ‬مشيرا إلى أن الحجم الساعي‮ ‬الذي‮ ‬يتلقاه التلميذ اليوم‮ ‬غير كاف‮.‬

وأشار الأستاذ سعيد فضيل،‮ ‬في‮ ‬سياق متصل إلى أنه وإلى جانب ضرورة رفع الحجم الساعي‮ ‬لمادة اللغة العربية في‮ ‬المدرسة‮ ‬يجب أن تمنح الأقسام الابتدائية لذوي‮ ‬الخبرة في‮ ‬التدريس لأن المهمة صعبة وتحتاج إلى الصبر،‮ ‬معتبرا أن مدة تكوين المعلمين التي‮ ‬حددت بـ21‮ ‬يوما‮ ‬غير كافية من أجل تأهيل المتخرج من الجامعة من تعليم الطفل‮.‬

‬كلنا مستهدفون تحت‮ ‬غطاء اللغة

قال السيد‮ ‬يحياوي‮ ‬قويدر الأمين الوطني‮ ‬المكلف بالتنظيم في‮ ‬النقابة الوطنية لعمال التربية،‮ ‬إنه ليست اللغة العربية وحدها هي‮ ‬المستهدفة ولكن المعلم مستهدف واللغة العربية مستهدفة والمنظومة التربوية كذلك‮.‬

صرح الاعلامي‮ ‬خليفة بن قارة،‮ ‬أن الجميع متورط في‮ ‬خدمة التيار الفرونكوفوني‮ ‬المختفى‮ ‬المندس في‮ ‬أجهزة الدولة من خلال تكريس اللغة الفرنسية في‮ ‬تعاملاتنا اليومية‮.‬

وانتقد المتحدث في‮ ‬سياق متصل،‮ ‬مؤسسات الدولة في‮ ‬إشارة إلى وسائل الإعلام وبشكل خاص الإذاعات،‮ ‬متسائلا:كيف لمؤسسات الدولة أن تشارك في‮ ‬تحطيم لساننا العربي‮ ‬وتشويهه‮"‬،‮ ‬مشيرا إلى أن قوة المجتمع أكبر من أي‮ ‬سلطة ردا على طموح الوزيرة بن‮ ‬غبريط في‮ ‬إدراج الدارجة في‮ ‬المدرسة الابتدائية‮.‬

ورد الإعلامي‮ ‬خليفة بن قارة على الذين‮ ‬يسخرون من إنجازات المدرسة الجزائرية قائلا‮: "‬المدرسة الجزائرية أنجبت‮ ‬60‮ ‬الف مبدع ومخترع هم اليوم‮ ‬يبدعون في‮ ‬المؤسسات الغربية،‮ ‬وتابع‮: "‬أعتقد أن العيب فينا وعلينا إصلاح ذواتنا‮".‬


الشروق