ياَسَمِينُ العُبُور

أ. رشيد الياقوتي

 يَا نُضْرَةً في أفْقِنَا يَا تُونُسُ ** يَا دَمْعَ ” بُوعْزيزي” الَّذِي لاَ يَيْبَسُ

يَا مُهْـرَةً لـمَّـا تهِـيجُ تـشـبُّهًا ** بِالـيَعْـمَلاَتِ ٱلْبِـيـضِ لَمَّـا تَــشْـمُسُ

حيَّتْكِ أوْرَاسُ الذُّرَى وَلكِ ٱنْحَنَتْ ** شُمُّ الرَّوَاسِي : ريفُهَا وَالأطْـلَسُ

وَ سَقَـاكِ وَسْمِيُّ الحَيَا شُـؤْبُـوبُهُ ** وَ رَعـَـى مَـرَابـِـــعَ جِـــدَّةٍ لاَ تَــدْرُسُ

مُنْذُ الخَوَالِي مِنْ جِرَاحِكِ لمْ يَشِمْ ** ألَـقَ البُـرُوقِ بِنَاظِـرَيْكِ النَّرْجِسُ

وَ التِّينِ وَالزَّيْتُـونِ مَا أضْـحَى لنَا ** لوْلاَ هَـوَائُـكِ في الفَضَا مُتَنَفَّسُ

قَدْ جَاءَ نَصْرُ الحُبِّ وَ الفَتْحُ الذِي ** مَا عَـادَ يَهْـتِكُ وَرْدَهُ مُتَغَطْرسُ

لليَـاسَمِـيـنِ ٱهْتَــزَّ تَـاجُ مَهَــابَـةٍ ** لِشَـذَاهُ حِــيكَ مِنَ العَزَائِم بُــرْنُـسُ

طَفِقَتْ بَنَاتُ الفِكْر تَحْجُبُ فَجْرَهَا ** فٱفْـــتَضَّهَا آذَارُ خَشْيَةَ تَعْـنُسُ

قَرْطَـاجَةُ الحَسْناءُ فِينِيقيّةً ** فِي ثَوْبِ”جُولْيَا” ذَابَ فيكِ “أغُسْطُسُ”

لَوْ أنَّ رُهْـبَانًا رَأوْا مَا بِٱلْحَـشَا ** مِمَّـا يَشُبُّ بعَاشِقِـيـكِ لَمُجِّـسُـوا

مِنْ هاهَنَا مَرَّتْ كَتَـائِـــبُ هَانِبَعْـ**ـــلَ وَ مَرَّ مُنْصَلِتـا فَتـاكِ الأشْــوَسُ

أَ عَلَى مَسَارحِكِ الرِّحَابِ ٱنْدَقَّ فَصْـ**ـــلٌ وَ ٱعْتَرَى رَكْحَ الخَلاَصِ تَوَجُّسُ؟

فِي الشَّـارعِ الخَلْـفِيِّ تَـشْهَـقُ زَهـْـرَةٌ ** وَ نُيُوبُ طُلاَّبِ الغَنِيمَةِ تَشْرُسُ

ظِـلاَّنِ للجَـبَّـارِ فِي مَـلـكُوتِهِ ** يَتــنَاظَـرَانِ بِــأيِّ نَـابٍ نُـفْـرَسُ

الرَّاشِقُـونَ الغَـيْمَ أنَّى عَـرْبَـدُوا ** وَ الرَّاجِمُـونَ الغَيْبَ أنَّى عَسْعَـسُوا

فِي غَمْرة الاَّهِينَ فِي لاَهُوتِهِمْ ** وَالكَائِـدِيـنَ بليْلهِمْ : مَنْ نَدْهَــسُ؟

صَاحَ ٱبْنُ خَلْدُونٍ بِـ”عَابِـرِ” حُزْنِهِ ** و الفِكْرُ فِي دَمِهِ رهَانٌ مُفْـلِسُ

يا سَـاكِـبًا تَرْحَالَهُ في “دَفْـتَـرٍ” ** فكأنَّ بِالأنْهَـار بَوْحَكَ أسْـلَسُ

أإذَا ٱنْسَكَبْتَ بدَرْبِ نَصْبِي”عَابِرًا” ** جَمِّلْ أسَاكَ وَخَلِّ صَمْـتَـكَ يَنْبِسُ

لاَ تعْجَـبَنْ يَا صَاحِبِـي مِنْ حَالنَا ** أوْ تَأسَـفَنْ إنْ غَـلَّنِي ذَا المَحْبِسُ

أرْضُ العُرُوبَةِ سُبْحَةٌ مَا بَيْنَ كَـأ **ــــسَيْنِ ٱسْتُبِيحَا فِي الغَبُوقِ وَ مُؤْنِسُ

أرْضُ العُرُوبَةِ مَا رَعَى فِي خِصْبِهَا ** وَسَـبَى بمَرْعَـاهَـا رُعَـاةٌ خُلَّسُ

وَ كَذَلِكُمْ قَدْ كانَتِ الأعـْرابُ: مَحـْـ**ـــرُوسُونَ يَصْلوْنَ الهَـوَانَ وَ حُرَّسُ

فِي حَـوْمَةِ الطـُّغْـيَانِ تَأْلُهُ سَاسَةٌ ** وَ تَـذِلُّ أشْرَافٌ وَ تَشْرُفُ مُومِسُ

فِي خَيْمَةِ الأوْثـانِ تَجْمَحُ نَعْرَةٌ ** وَتُطِيحُ ليْلاً بالرُّؤُوسِ الأَرْؤُسُ

تَـبَّـتْ يَـدَا عُزَّى القَـبِيلِ وَ لاَتِهَا ** مَا جَلَّ قُدَّاسٌ وَ جَالَ مُـقَـدَّسُ