الأوزان - 2
م. محمد يحيى كعدان
الأوزان " فِعَلَ ، فِعِلَ ، فِعُلَ ، فِعْلَ ":
السطر الأخير من جدول الأبجدية الرقمي يحوي الحركات، وهي كما جاءت فيه من اليمين إلى اليسار:
الضم ( ُ 00011 ) ، الفتح ( َ 00010 ) ، الكسر ( ِ 00001 ) ، السكون ( ْ 00000 ).
من المقال السابق نرى أننا نركّز على الصيغة اللغوية ذات المنطلق والمستقر، هذه الصيغة هي الجملة الفعلية ذات المسند والمسند إليه. وفي مقالنا الثاني " اللغة والمعرفة " قلنا: إنّ الفعل لغة.
لنتأمّل المثال: " زيدٌ سَبَحَ في النهرِ ".
(لاحظ أنّ " سَبَحَ "، باعتبارها انتقال أو تجوال في الأبعاد الثلاثة، هي عكس " حَبَسَ ").
المنطلق (المسند) هنا هو "زيد"، والصيغة هي "سَبَحَ" والمستقرّ (المسند إليه) هو "في النهرِ".
الإشارات في " سَبَحَ " تعني: أنّ " سبح " هي تشكيلٌ لزيدٍ لشكلِ سباحةٍ لشكلٍ في النهرِ.
لذا من الخطأ القول: " زيدٌ سَبِحَ في النهرِ " (كسر عين الفعل). لأنّ السباحة متجسّدة وليست صفة غير مرئيّة.
لنتأمل المثالين التاليين: " زيدٌ لَبَسَ الثوبَ "، " الأمرُ لَبِسَ على زيدٍ".
الإشارات في " لَبَسَ " تعني: أنّ " لبس " هي تشكيلٌ لزيدٍ لشكلِ لباسٍ لشكلِ الثوبِ.
بينما الإشارات في " لَبِسَ " تعني: أنّ " لبس " هي تشكيلٌ لزيدٍ لوصف لباسٍ (التباس – غير بادٍ أو ظاهر ومتشكّل) لشكلٍ على زيدٍ.
بالتالي لا يصحّ القول: " زيدٌ لَبِسَ "، بل يُقال: " زيدٌ لَبَسَ "، ويُقال: " الأمرُ لَبِسَ ".
الأمر يتعلّق بصحة المعنى. لأنّ لباس الإنسان شيء ظاهر متشكّل، بينما لباس الأمور عبارة عن توصيف يُشير إلى الالتباس.
الوزن " فِعَلَ ":
واضح أنّ إشارات (حركات) الصيغة: " فِعَلَ "، واعتباراً من اليسار إلى اليمين، تعني: التشكيل لتشكيل توصيف.
وذلك لتتابع: الفتح فالفتح فالكسر.
نحن بداية (من اليسار إلى اليمين) أمام شكل متجسّد عام للكلمة " فعل " (عام لغياب التوصيف)، وبعد ذلك نحصل على تشكيل أو تجسيد عام أيضاً لهذا الشكل المتجسّد للكلمة " فعل "، أي أننا في المرحلة الثانية أمام تشكيل لشكل الكلمة " فعل "، أخيراً نحصل على توصيف لتشكيل شكل الكلمة " فعل ".
تخضع للدراسة السابقة، كافة الكلمات الثلاثية المتطابقة بالوزن (بالحركات) مع الصيغة: فِعَلَ.
الأمثلة التالية توضح ما سبق: "كِبَرَ"، "قِبَلَ"، "عِبَرَ"، "عِمَدَ"، … إلخ.
الكلمات من الوزن " فِعَلَ "، تعبّر عن توصيف شكل عام لعنصر، هو شكل عام للكلمة المعنية. قد تكون هذه الكلمة قابلة للجمع مثل " عِبَرَ ، عِمَدَ "، أو قد تكون مفردة غير قابلة للجمع مثل " كِبَرَ ، قِبَلَ ".
لنتأمل المثالين التاليين: " الشجاعةُ فِعَلَ زيدٍ "، " استغربتُ كِبَرَ زيدٍ".
نلاحظ أنّ الكلمتين في المثالين أعلاه " فِعَلَ "، " كِبَرَ " عبارة عن توصيف لتشكيل شكل الكلمة المعنية، أي كلاهما عبارة عن توصيفِ شكلٍ عام لعنصرٍ متشكل عام، لكن الأولى في حالة الجمع (كونها عامة وقابلة للجمع)، بينما الثانية في حالة المفرد (كونها عامة وغير قابلة للجمع). التعبير الصحيح هو أنهما في الحالة العامة، ويُحدد العدد إمكانية استغراق العنصر الذي تعبّر عنه الكلمة المعنية للعنصر المصاغ بها وهو "زيد" هنا.
في المثال الأول إشارات " فِعَلَ " تعني أنّ الصيغة " فعل " لشكلٍ عام وصيغة متجسّدة هي "زيد"، يدل على ذلك إشارة الفتح (من اليسار)؛ ثمّ تُصبح " فعل " صيغة متشكلة عامّة (أي لدينا أفعال) للعنصر المتشكل "زيد"، يدل على ذلك إشارة الفتح الثانية، ثم تنتهي الصيغة " فعل " لتصبح توصيفاً يجعل صيغة "الشجاعة" صفة لتشكّل الأفعال في العنصر المتشكل "زيد"، يدلّ على ذلك إشارة الكسر.
في المثال الثاني تعني الإشارات أنّ الصيغة " كبر " لشكلٍ عام وصيغة متجسّدة هي "زيد"، يدلّ على ذلك إشارة الفتح (من اليسار)؛ ثمّ تُصبح " كبر " صيغة (متجسّدة، ظاهرة) متشكلة عامّة (غير قابلة للجمع هنا) للعنصر المتشكل "زيد"، يدل على ذلك إشارة الفتح الثانية، ثم تنتهي الصيغة " كبر " لتصبح توصيفاً يجعل (استغرابي) صيغة "استغربت" صفة (للكبر الظاهر) لتشكّل الكبر في العنصر المتشكل "زيد"، يدل على ذلك إشارة الكسر.
الكلمات من الوزن " فِعَلَ " هي توصيف أو تخصيص وتحديد لعنصر عام هو تشكيل لشكل الكلمة المعنية.
الوزن " فِعِلَ ":
إشارات الصيغة " فِعِلَ " تعني: التوصيف لموصف لمتشكل، وذلك لتتابع: الكسر فالكسر فالفتح.
نحن بداية (من اليسار إلى اليمين) أمام شكل متجسد عام للكلمة " فعل "، وبعد ذلك نحصل على توصيف أو تمييز لهذا الشكل المتجسد للكلمة " فعل "، وأخيراً فإننا نحصل على توصيف، لتوصيف شكل العنصر " فعل ".
تخضع للدراسة السابقة، كافة الكلمات الثلاثية المتطابقة بالوزن مع الصيغة " فِعِلَ ".
الأمثلة التالية توضح ما سبق: "ضِرِبَ"، "فِكِرَ"، "إِبِدَ"، "عِلِمَ"، … الخ.
لنتأمل المثالين التاليين: " استغربتُ فِعَلَ زيدٍ في الرحلةِ " ، " استغربتُ فِعِلَ زيدٍ في الرحلةِ ".
الكلمة " فِعَلَ " في المثال الأوّل، تدل على توصيف لعنصر (متشكّل) عام هو شكل للعنصر " فعل ".
هذا يعني كما قلنا: كل أفعال زيد في الرحلة (لأنّ إشارة الفتح في عين الفعل تدل على أنّ " فعل " عنصر عام).
الكلمة " فِعِلَ " في المثال الثاني، تدلّ على توصيف أو تخصيص عنصر موصّف (مخصص) هو شكل للعنصر " فعل ". هذا يعني فعلاً مخصصاً (مُختاراً أو موصفاً) من أفعال زيد في الرحلة (لأن إشارة الكسر في عين الفعل تدل على أننا أمام عنصر مخصص).
نستخدم الكلمات الثلاثية من الوزن: " فِعِلَ "، للتعبير عن الصيغ التي تُميّز تمييزاً لتشكيل.
الوزن " فِعُلَ ":
إشارات (حركات) الصيغة: " فِعُلَ "، تعني: التوصيف لتشكيل وتوصيف شكل. وذلك لتتابع: الكسر فالضم فالفتح.
نحن بداية (من اليسار إلى اليمين)، أمام شكل متجسّد عام للكلمة " فعل "، بعد ذلك نحصل على تشكيل وتوصيف معاً لهذا الشكل المتجّسد للعنصر " فعل "، أخيراً فإننا نحصل على صفة، لتشكيل وتوصيف شكل العنصر " فعل ".
تخضع للدراسة السابقة، كافة الكلمات الثلاثية المتطابقة بالوزن مع الأداة " فِعُلَ ".
المثال التالي يوضح ما سبق: " تأثَّرَ زيدٌ لِجُمَلِ عمروٍ ".
نستطيع كتابة المثال السابق كما يلي: " تأثّرَ زيدٌ (لِجُمَ (لِعَمروٍ)) "، دون أنْ يؤثر ذلك على المعنى العام للصيغة لأنّ تركيب الصيغ تجميعي.
منه الصيغة " لِجُمَ " ذات الوزن " فِعُلَ " تُعطي: صفة لتشكيل وتوصيف شكل العنصر " لجم ".
تعني الإشارات أنّ الصيغة " لجم " لشكلٍ عام وصيغة متجسّدة هي " لعمروٍ "، يدلّ على ذلك إشارة الفتح (من اليسار)؛ ثمّ تُصبح " لجم " صيغة (متجسّدة، ظاهرة) متشكلة عامّة (قابلة للجمع هنا) وكذلك هي توصيف للعنصر المتشكل " لعمروٍ "، يدلّ على ذلك إشارة الضمّ، ثم تنتهي الصيغة " لجم " لتصبح توصيفاً يجعل صيغة " تأثّر زيدٌ " صفة لتشكيل وتوصيف " لجم " في العنصر المتشكل " لعمروٍ "، يدل على ذلك إشارة الكسر.
نلاحظ أننا لا نتفق مع الآراء حول عدم وجود الكلمات العربية ذات الوزن " فِعُلَ ". كذلك نلاحظ أنّ عملية تركيب الصيغ اللغوية، تؤكّد عدم وجود ما يسمى بالفراغات بين الكلمات ويمكن إثبات ذلك رياضياً، فهذا الإجراء هو اصطلاح كتابي تنظيمي فقط. إنّ كافة الأحرف في الصيغة (الجملة) مركّبة مع بعضها بعضاً تسلسلياً دون انقطاع أو فراغ.
بالتالي أيّة جملة لن تختلف عن أيّة كلمة، لأنها جميعاً تركيب للصيغ الأساسية (الأحرف الأبجدية)، فالجملة هي كلمة ولكنها مركّبة من عدد أكبر من الحروف.
نستخدم الكلمات الثلاثية من الوزن: " فِعُلَ "، للتعبير عن الصيغ التي توصّف عنصراً معروفاً (شكلاً وصفة) لتشكيل.
الوزن " فِعْلَ ":
إنّ إشارات الأداة " فِعْلَ " تعني: التوصيف لمستقل عن التشكيل والتوصيف لمتشكل.
وذلك لتتابع: الكسر فالسكون فالفتح.
نحن بداية (من اليسار إلى اليمين) أمام شكل متجسد عام للكلمة " فعل "، بعد ذلك نحصل على استقلال عن التشكيل والتوصيف معاً لهذا الشكل المتجسّد للعنصر " فعل "، أخيراً نحصل على صفة للاستقلال عن التشكيل والتوصيف لشكل العنصر " فعل ".
تخضع للدراسة السابقة، كافة الكلمات الثلاثية المتطابقة بالوزن (بالحركات) مع الأداة " فِعْلَ ".
الأمثلة التالية توضح ما سبق: "جِلْدَ"، "عِنْدَ"، "عِلْمَ"، … الخ.
نستخدم الكلمات الثلاثية من الوزن " فِعْلَ " للتعبير عن صفات، لعناصر مستقلة عن التشكيل والتوصيف، قابلة لأن تكون شكلاً أو صفة أو كلاهما، لمتشكّل.
لنتأمل المثال التالي: " خبرتُ عِلْمَ زيدٍ ".
تعني الإشارات أنّ الصيغة " علم " لشكلٍ عام وصيغة متجسّدة هي " زيدٍ "، يدلّ على ذلك إشارة الفتح (من اليسار)؛ ثمّ تُصبح " علم " صيغة مستقلة عن الشكل والصفة أو التعميم والتخصيص، للعنصر المتشكل " زيدٍ "، يدلّ على ذلك إشارة السكون، ثم تنتهي الصيغة " علم " لتصبح توصيفاً يجعل صيغة " خبرتُ " صفة لاستقلال " علم " عن التشكيل والتوصيف في العنصر المتشكل " زيدٍ "، يدل على ذلك إشارة الكسر.
|