الأخطاء اللغوية في الإعلام… جرصة
حوّلت الأخطاء اللغوية بعض وسائل الاعلام، وقد نكون واحدة منها، إلى “ساحة إعدام” للغة العربية يومياً، من قبل إعلاميين جدد نظروا الى المرآة في مسيرتهم المهنية أكثر مما قرأوا في الكتب والصحف، سواء كانت مطبوعة أو الكترونية، فبات الأثير ملوثاً بالأخطاء اللغوية، بعضها متعمد والبعض الآخر وليد اللحظة، فلماذا هذا الكمّ الهائل من الأخطاء في وسائل الاعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة، ومن يتحمل مسؤولية الحفاظ على اللغة العربية من الاندثار؟
تشبه اللغة العربية الكائن الحي الذي ينمو ويتطور ويتعرض من حين إلى آخر للانكسار والمرض. واقع اللغة المتقهقر ومستوى الانحدار الذي وصلت إليه لا يبشّر بالخير، علماً أن لسان العربية ليس للعرب وللمسلمين مثل عامة اللغات، وانما هو جزء من حقيقة الاسلام، وقد خلدّها القرآن الكريم بخلوده، من هنا يطلق على الحرف العربي اسم “الحرف الشريف”.
من الواضح أن وسائل الاعلام الحديثة بمختلف أنواعها قد اتفقت على مسخ اللغة العربية وتسميتها بغير مسمياتها وتهجين المعجم اللغوي فيها وتغليب الألفاظ الأجنبية على العربية وإلغاء الإعراب تماماً سواء في الاذاعة أو التلفزيون أو الصحف.
من نافل القول إن الصحافة المكتوبة تمثّل الاداة الحديثة لإحياء اللغة العربية ونشرها، ومما لا شك فيه أن الوسائط المكتوبة من صحف ومجلات توفر انتشار اللغة في شكل سليم وتضمن الالفة في سماعها، لذا يجب الاهتمام بلغة الصحافة لكونها الشاهد الأول على حيوية اللغة العربية التي أصابها قدر كبير من الاهمال ومن تدني الإلمام بها.
كثيراً ما يخطىء كتّاب الأخبار والمقالات في نصوصهم التي يكتبونها ويستخدمون كلمات في غير مكانها الصحيح، لأن البعض منهم يجهل أصول اللغة ومعاني الكلمات، وآخرون يستسهلون المعاني الدارجة في العامية. هم يطلبون الأسهل للفهم، لكن الأمر لا يقتصر فقط على المصطلحات، بل يتعدّاه الى كتابة مقالات كاملة باللهجة العامة. كما تمتلىء صفحات الجرائد والمجلات بالاعلانات المصوغة بلهجة عامية، مع أنه من المفترض بهذه الوسائط أن تمثل أحدى وسائل ترسيخ اللغة العربية الفصحى لدى الناشئة، وأن تقرّبهم منها وتشجّعهم على استعمالها. هذا الاستسهال ترافق مع انتشار دعوة استعمال اللغة العامية في وسائل الاعلام بحجة أنها لغة التفاهم والتداول، وأن الفصحى لا تلبي متطلبات الحداثة إلى جانب الدعوة إلى ترك الإعراب لصعوبته وجفافه وتسكين اواخر الكلمات وترك رسم الهمزة.
هذا الواقع غير السوي تتحمّل وزره أطراف عديدة، منها الجامعات العربية التي تعاني من تقصير في تدريس علوم اللغة العربية، حيث أن الكثير من هذه الجامعات اهتمت باللغات الأجنبية وأهملت اللغة العربية، التي باتت توصف بأنها جامدة وسيأتي يوم تفارق فيه الحياة تماماً مثل اللغة اللاتينية.
onlylebanon
|