القراءة تحت مظلّة مشروع تحدي القراءة العربي

محمد الحمامصي

 عُقد أخيرا بمقر مشروع تحدي القراءة العربي في دبي، الاجتماع التنسيقي الموسع الثاني بحضور ممثلي الدول العربية التي شاركت إضافة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في تحدي القراءة والبالغ عددهم 13 دولة عربية شاملة كل من السعودية والأردن ومصر وفلسطين والمغرب والجزائر وتونس وقطر والكويت والبحرين ولبنان والسودان وسلطنة عمان.

وتم في الاجتماع مناقشة عدد من المواضيع الرئيسية، ومن ضمنها آلية عقد مرحلة التصفيات الإقليمية لمسابقة مشروع تحدي القراءة العربي وصولاً للتصفيات النهائية التي ستقام في دبي.

وافتتحت الأمين العام لمشروع تحدي القراءة العربي؛ نجلاء الشامسي الاجتماع التنسيقي بكلمة رحبت خلالها بالحضور وأثنت على الجهود التي تبذلها القيادات التربوية والحكومية في الدول العربية وتبنيها لهذا المشروع الذي يطمح لإعادة مكانة اللغة العربية مكانتها في حياة الأجيال الصاعدة.

وأشارت إلى أن الإحصاءات الواردة من الدول المشاركة تشير إلى أن عدد الطلبة المسجلين حتى الآن في مشروع تحدي القراءة العربي قد تخطى 2.6 مليون طالب.

وقالت نجلاء الشامسي: "نعمل بكل جهد لتقديم مساهمتنا الفاعلة من أجل تحقيق الجانب الثقافي والحضاري من الرؤية الشاملة للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي أطلق هذا المشروع في سبتمبر/أيلول 2015، ثم أعقبه في مطلع هذا الشهر إعلان إطلاق مشروع ثقافي وتنويري ضخم وغير مسبوق في العالم العربي هو مكتبة محمد بن راشد.

إن هذه الرؤية التي تجسدها المبادرات الطموحة كتحدي القراءة العربي ومكتبة محمد بن راشد إنما هي انجازات ومكتسبات حضارية ستمكننا ليس فقط من استشراف مستقبلنا والتخطيط له بل صنعه أيضًا."

وأكدت الشامسي على أهمية تفعيل دور وسائل الإعلام والاستفادة من وسائل التواصل وتقنية المعلومات للوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من القطاع التربوي والتلاميذ على اتساع الوطن العربي وإشراك المدارس البعيدة عن المدن الرئيسية.

ويستهدف المشروع في المرحلة الراهنة استقطاب 10% من طلبة المدارس في الوطن العربي، على أن يتم رفع هذه النسبة في الأعوام المقبلة بحسب النتائج التي ستتحقق.

وقد تم في الاجتماع التطرق إلى المسودة الأولى لـدليل المشاركين في مسابقة المشروع، وما تحويه من معايير ترشيح واختيار أفضل طالب وأفضل مدرسة وأفضل مشرف.

كما شارك الحضور بتجاربهم الخاصة بالتحديات التي تواجههم في تطبيق المشروع في كل دولة والحلول المقترحة لها، وتفعيل شراكات استراتيجية مع وسائل الإعلام المحلية. كما تم تحديد موعد احتفالات إعلان أسماء الفائزين في الدول المشاركة والتي ستقام على مدار أشهر مارس وأبريل ومايو/آذار ونيسان وآيار، وصولاً إلى الحفل الختامي الكبير الذي سيقام في دبي.

الجزائر ودور الاعلام

وحول الدور الفاعل لوسائل الإعلام، قدم مدني شحامي المفتش المركزي بالمفتشية العامة للتربية في الجمهورية الجزائرية شرحاً للتجربة الجزائرية في هذا الصدد قائلاً: "نجحنا بالتنسيق مع وسائل الإعلام المرئية والإلكترونية في الجزائر لتخصيص مساحات إعلامية أسبوعية تنقل عبر أثيرها جوانب من أنشطة المشروع في المناطق القروية. وأسهم ذلك في تعزيز الوعي المجتمعي والمدرسي والأسري تجاه أهمية تحدي القراءة العربي، وتحفيز المسؤولين والتربويين وأولياء الأمور لتشجيع الطلبة على المشاركة الفاعلة."

وأضاف شحامي "نتبنى في الجزائر مشروع تحدي القراءة العربي كمشروع عربي، فمساهمة الجزائر جزء لا يتجزأ من مساهمة الأقطار العربية الأخرى، وإن حرص الدول العربية على إرسال ممثليها لحضور اجتماع اليوم لخير دليل على ذلك. فنحن لدينا جيل في أقناعنا مسؤولية مستقبله، وأطفالنا يشعون ذكاءً ولا يحتاجون إلا لصقل كفاءاتهم وقدراتهم، وتوفير الأجواء البناءة التي من شانها أن تخلق لنا جيل مثقف ومقبل على المعارف في كل فروعها."

المجتمع التربوي السعودي

وحول دور وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها في تعزيز الاتصال مع كل الأطراف ذات العلاقة، قالت فاطمة بن صالح المقبل، مستشارة وكيل التعليم في المملكة العربية السعودية، أن الإتساع الجغرافي للمملكة شكّل تحدياً صعباً، إلا أن تطبيقات التواصل الاجتماعية عبر الإنترنت والهواتف المتحركة وفّرت أداةً حيوية للتواصل الفوري والمتابعة والمشاركة السريعة للمستجدات.

وقد بادرت مجموعة من مدارس المملكة بالتواصل مع أمانة مشروع تحدي القراءة العربي قبل مشاركة المملكة بشكل رسمي في المشروع. وعلى الرغم من أن مشاركتنا بشكل رسمي دخلت حيز التنفيذ في مطلع عام 2016، إلا أننا بفضل الله تمكنا من رفع نسبة المشاركة بواقع 7% خلال الأسبوعين الماضيين فقط."

وأردفت المقبل "المجتمع التربوي في المملكة يتطلع دومًا لهذه النوعية من المبادرات المحفّزة، وقد أصبح مصمماً أكثر من أي وقت مضى على ترسيخ مهارة القراءة لدى الطلبة. ونظرًا لوجود الكثير من تلاميذ المدارس في المملكة الذين يقبلون على القراءة بشغف كبير، سارعنا للحاق بالركب والتواصل مع أمانة المشروع، والقيام بالترتيبات اللازمة.

ولتيسير ذلك أصدر وزير التعليم قرارًا بشأن المشاركة وتم تعميمه على إدارات التعليم والتواصل معهم لمناقشة آليات التنفيذ. كما تم عقد اللقاءات التعريفية على مستوى الإدارات التعليمية لتقديم نبذة عن المشروع وأهدافه وآلياته.

وقد أسسنا كذلك وحدة إعلامية متخصصة للتواصل مع وسائل الإعلام المرئي والإلكتروني، وعقدنا اتفاقيات شراكة استراتيجية مع شركات الاتصالات المحلية لإرسال الرسائل النصية القصيرة بشكل ترويجي، فضلاً عن المبادرات الفردية التي قام بها المشرفون والمدرسون والطلبة مثل إنشاء صفحات ونشر مقاطع فيديو في مختلف مواقع التواصل الاجتماعية عن جهودهم في مشروع تحدي القراءة العربي."

الطالب الفلسطيني واعٍ

بدوره قال حامد عبدالله مدير دائرة النشاطات الطلابية في وزارة التربية والتعليم بدولة فسلطين: "حظينا بمشاركة مبكرة في مشروع تحدي القراءة العربي. ونظراً لتحلى الطالب الفلسطيني بطبيعة الحال بروح التحدي والمثابرة والاجتهاد نظراً للبيئة المحيطة به، فقد انهالت علينا طلبات التسجيل من المدارس بشكل مثير للإعجاب والفخر فور إعلان الوزارة عن المشاركة الرسمية في المشروع.

وقد فاقت أعداد الطلبة المشاركين في المشروع نسبة 10% من طلبة المدارسة في الضفة الغربية التابعة لـ 17 مديرية تعليمية. وقد تغلب المشرفين والطلبة خلال مرحلة الإعداد والتعريف بالمشروع على الكثير من التحديات مثل الحواجز والعوائق التي يفرضها الاحتلال. ونعمل حالياً على التواصل مع الأخوة في قطاع غزة لتفعيل دور الطالب الغزي الذي يتميز بنبوغه وشغفه وحبه للقراءة مثل كل طلبة فلسطين".

طلاب مصر والأزهر

وأكد المدير التنفيذي لمركز ضمن الجودة والتدريب في الأزهر عباس حلمي الجمل أن أعداد طلاب المعاهد الأزهرية من القراء تحت مظلة مشروع تحدي القراءة العربي يتجاوزون النسبة المقررة للمرحلة الراهنة بنسبة بلغت 25% من إجمالي 2 مليون طالب أزهري.

وقال "يعي قادة وعلماء الأزهر الرسالة السامية لهذا المشروع كما يستشعره طلبة المعاهد الأزهرية القرّاء بطبيعتهم، وهذا ما ساعدنا على تحقيق نتائج سريعة تخطينا بها النسبة المقررة لهذه المرحلة وهي 10%، لنصل بعدد الطلبة المشاركين في التحدي إلى نسبة 25%".

ولفتت هناء قاسم حسانين، مدير عام الإدارة العامة للقرائية في وزارة التربية والتعليم المصرية إلى أن مشروع عروبي وقومي سيستعيد مكانة لغة القرآن، ولهذا يلقى اهتماماً كبيراً من جميع قيادات وزارة التربية والتعليم في مصر الذين يسخرون كل الإمكانيات من أجل إنجاحه ونشره على أوسع نطاق في الجمهورية.

ورأى فؤاد شفيقي، أستاذ التعليم العالي لعلوم التربية ومدير المناهج بوزارة التربية والتكوين المهني بالمملكة المغربية أنه "لا يمكن أن نتصور مدى إيجابيات المشروع على مستقبل الطفل العربي، فالقراءة هي مفتاحنا على العالم، والمشروع حجر زاوية لتأسيس مصالحة بين طلابنا والقراءة باللغة العربية التي توحدنا من الخليج إلى المحيط."

أما مبارك العتيبي مدير إدارة الأنشطة التربوية بوزارة التربية في دولة الكويت فقد أكد أن المشروع يمثل مبادرة فريدة من نوعها لاتساعها على مستوى الوطن العربي، ومعه سنتمكن من بناء جيل يعتز بلغته وهويته العربية، وفي ذات الوقت منفتح ومطّلع على ثقافات الآخرين."

وقالت موزة علي راشد المضاحكة رئيسة قسم اللغة العربية في وزارة التربية والتعليم ومساعد مدير مكتب الإشراف التربوي بدولة قطر: "صفحات التاريخ تشهد على حضارة العرب وأثرها على العالم عندما كان العرب يقرأون ويبدعون، ولطالما تغنينا بذلك. لكننا اليوم بحاجة إلى أن نعتز بحاضرنا ومستقبلنا عبر بناء جيل مستنير ومثقف، ونؤمن بأن مشروع تحدي القراءة العربي يقدم لنا خارطة طريق نحو إخراج هذا الجيل الذي سيقودنا نحو استعادة مكانتنا بين الأمم."

ورأى الطيب أبوسن، مفوض مشروع تحدي القراءة العربي في جمهورية السودان أن المشروع "أسهم في توحيد رؤية مجتمع التربية والتعليم في الوطن العربي نحو هدف واحد. وها نحن نجتمع في دبي اليوم لتوحيد التوجهات والاتفاق على الكثير من الأمور المفصلية التي ستسهم في تطبيق هذا المشروع على النحو الذي يراد له".

وقال أسامة كامل جرادات، رئيس قسم اللغة العربية في إدارة المناهج والكتب المدرسية بالمملكة الأردنية الهاشمية "نتمنى أن يستمر هذا المشروع بنفس درجة الحماس وأن ينمو ويتطور، لأن إيجابياته ستطال العديد من الجوانب، منها المستوى الفكري والثقافي والقدرة على الابداع وبالتالي تأسيس مجتمع قوي ومزدهر."

وأشار منذر بن محمد ذويب مدير عام المرحلة الإعدادية والتعليم الثانوي بوزارة التربية بالجمهورية التونسية: إلى أن المجتمع التربوي في تونس يتبنى مشروع التحدي باعتباره مشروع وطني، وقد برهن على استيعابه لأهمية هذا المشروع. فقد بادرت المدارس بالتسجيل على الموقع الإلكتروني للمشروع فور إطلاقه، أعقب ذلك إعلان المشاركة الرسمية، ما أسهم في تحفيز المجتمع التربوي على المشاركة بقوة في هذا المشروع الرائد."
 

ميدل ايست أونلاين