صحيفة اللغة العربية

السّميائيّة من المنظور الدّوسوسيريّ

تعدّ السّميائيّة (Semiotios) من العلوم اللّسانيّة الحديثة، الّتي أرسى قواعدها العالم اللّغويّ الفرنسيّ فريناند دِوسوسّير. في كتابه " محاضرات في علم اللّسانيّات" سنة ١٩١٦م.

من ذاكَ المنظور تتمثل السّميائيّة عند سُوسّير أنّها مبنيّة من الدّرس اللّغويّ واللّسانيات، بخلاف ما رأه العالم الأمريكيّ تشارلز ساندرز بيرس في كتابه "كتابات حول العلامة"؛ إذ كانت السّميائيّة عنده منيّة على المنطق وفلسفة الأشكال الرّمزيّة الأنطرلُوجيّة ( الوجوديّة) والرّياضيات.

وينطلق دو سوسيّر في تعامله مع البحث العلميّ للظّاهرة اللّغويّة من فكرةٍ جوهريّةٍ، تتمثل في أنّ اللّسان نظام من العلامات الدّالة، يشبه الإشارات وعلامات الصّم والبكم، والإشارات البحريّة، كلّها أنظمة تتكون من

علاماتٍ دالة، ولا يختلف اللّسان عن هذه الأنظمة إلا في كونه يعدّ أهم مظهر من مظاهرها، فالخاصّيّة

المشتركة بين هذه الأنظمة هي الدّلالة الّتي تتحقق بوساطة اقتران الدّال بالمدلول.

فالسّميائيّة من المنظور السابق علمٌ يدرس أنساق العلامات والأدلّة والرّموز، سواءٌ أكانت طبيعيّة أو صناعيّة. موضوعها تتمثل في الكلمات ودلالاتها إمّا لفظًا منفردًا أو الكلمات في تركيب اللّغويّ - السّياق- أيّ؛ ترتكز على مفهومين لا ثالث لهما: الدّل والمدلول.

وإذا كان اللّسان والظّراهر الأخرى الدّالة أنظمة مكونة من علامات وبناء على هذا القاسم المشترك، فإنّه من

الممكن أن نتوقع وجود علمٍ يقوم بدراسة العلامات مهما كانت طبيعةالنّظام الّذي يحتويها. يقول دو سُوسّير

في هذا المقام:" يمكننا أن نتصوّر علمًا يدرس حياة العلامات داخل الحياة الاجتماعيّة وهذا العلم سيكون فرعًا من علم النّفس الاجتماعيّ، ومن ثمّ سيكون فرعًا من علم النّفس العام، ويسمى هذا العلم

بـ(SEMlOLOGIE) المشتقة من اللّفظ اليّوناني ( SEMEION) الّذي يعنى علامة ( SIGNE)"

فالعلامة عند دوسوسّيريّ تتكون إذاً من الدّال والمدلول والمرجع، إلا أنّه استبعد المرجع لطابعه الحسّيّ والماديّ، واكتفى بالصّورة الصّوتيّة وهي الدّال، والصّورة الذّهنيّة المعنويّة المتمثّلة في المدلول.

ومن هنا يتضح أنّ سُوسير يري علم اللّغة جزء من علم العلامات (السّيميائيّة) وأنّها تعني بالتّعبير عن الأفكار المختلفة، واستطاع أن يطوّر هذا العلم بنقله من الّدراسات الفلسفيّة إلي الدّراسات اللّغويّة لا سيّما علم اللّغة . فإذا كان تشارلز ساندرزبيرس عنى بماهية العلامة من حيث درس مقوماتها وطبيعتها وارتباطها بالموجودات الأخرى الّتي تشبهها فإن سُوسّير عني بالعلاقة بين العلامة وعلم اللّغة ، وبفاعليّة العلامة وتوظيفها في الدّراسات اللّغوية.

بذلك تكون العلامة عند دوسُوسّير مكونه من الدّال والمدلول وتقوم علي أساسين : الأوّل الطّبيعة الاعتباطية بين الدّال والمدلول أي أنّ العلامة اللّغوية عنده اعتباطيّة، والثّاني: الطّبيعة الطّوليّة للدّال أو الطّبيّعة الخطّيّة للدّال ، باعتبار أنّ الدّال يمثل امتدادًا زمنيًّا وهذا الامتداد محدد ببعدٍ واحدٍ هو الخطّ الزّمنيّ أي أنّ سُوسّير يقدّم الأنموذج التّزامنيّ الّذي يري اللّغة في علاقاتها بالثّقافة ونشاطاتها في لحظة زمنية واحدة بديلاً للأنموذج التّعاقبيّ الّذي فضّله دراسو اللّغة من بعده.

ولا يفوتنا في هذا المقام أنّ نُبيّن أنّ السّميائيّة انحصرت في أغلب الدّراسات الإنجليزيّة والفرنسيّة في مفهومين هما : السّيميوطيّقا والسّيمولوجيّا، وتعددت تسمياتها في الدّراسات العربيّة بين السّميائيّة و علم الدّلالات و السّيميوطيّقا والسّيمولوجيّا وعلم الإشارات.

الخاتمة

نستنتج مما سبق أنّ السّميائيّة من المنظور السّوسيّري علم يدرس العلامات في إطار الحياة الاجتماعيّة،سواء أكانت هذه العلامات لسانيّة، أم غير لسانيّة، وانطلاقًا من هذا التّصوّر يعدّ اللّسان ظاهرة سميائيّة من حيث

كونه ظاهرة اجتماعيّة.

المراجع

أولًا: المراجع العربيّة

1.دي سوسير ؛ فصول في علم اللغة العام . ترجمة د . أحمد نعيم الكراعين ، دار المعرفة الجامعية الإسكندرية , 1985, ص 40. وللمزيد حول علم العلامات عند دي سرسير ؛ أنظر: رامان سلدن: النظرية الأدبية المعاصرة ، ترجمة د . جابر عصفور , دار الفكر للدراسات والنشر القاهرة 1990 , ص 92- 95 .

2. ديبفد بشبندر , نظرية الأدب المعاصرة , ترجمة عبد المقصود عبد الكريم , الهيئة المصرية العامة للكتاب , 1996, ص 53

3. حساني، أحمد (د:ت). مباحث في اللسانيات. مطبعة المعارف، الشارقة.

ثانيًا: المراجع الأجنبيّة

3. Boersema, D. B. (2013). Beyond pure reason: Ferdinand de saussure s philosophy of language and its early romantic antecedents. Choice, 50(6), 1043. Retrieved from http://ezproxysrv.squ.edu.om:2113/docview/1315525642?accountid=27575

4. Forel, P. A. (2013, Feb 23). Ferdinand de saussure, le géant inacheve. Le TempsRetrieved fromhttp://ezproxysrv.squ.edu.om:2113/docview/1296254887?accountid=27575

5. Larsen, V., Gilchrist, N. D., & Wright, N. D. (1999). THE ESSENTIAL FERDINAND de SAUSSURE: PARADIGMATIC AND SYNTAGMATIC DIMENSIONS OF VISUAL RHETORIC. Allied Academies International Conference.Academy of Marketing Studies.Proceedings, 4(1), 20-27. Retrieved from http://ezproxysrv.squ.edu.om:2113/docview/192410468?accountid=27575

6. Ondrejovic, S. (2013). Ferdinand de saussure (1857 - 1931). Jazykovedny Casopis, 64(2), 151-161. doi:http://ezproxysrv.squ.edu.om:2084/10.2478/jazcas-2013-0009