اللغة العربية والمجتمع العربي

د.سيد محمد عبدالعليم عبدالله


الحمد لله الذي أنزل القرآن بلسان عربي مبين، قال تعالى: "إِنّا جَعَلْناهُ قرْآنًا عربيًّا لعلَّكُمْ تَعْقِلونَ" الزخرف(3)، و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين، و خير من نطق بالضاد، وبعد :

فلا ريب أن اللغة العربية ركن ركين من أركان وحدة أمتنا العربية والإسلامية؛ فهي دعامة بقاء المجتمع، وعنصر تفوّقه، و من هنا أستطيع القول: إن أيّة لبنة تضاف إلى لبنات أيّ مجتمع عربيّ تزيد في شموخ لغته؛ فهي قوة دافعة لروح المجتمع، و شعاع ينضم إلى حزمة ضيائه، فعندما أوحى الله – جلّ وعلا- رسالة إلى رسوله محمد - صلى الله عليه و سلم - أنزلها قرآنًا عربيًّا، فقال تعالى لرسوله :"فَإنّما يسّرْناهُ بِلسانِكَ لِتُبشِّرَ بهِ المُتَّقينَ وَ تُنْذِرَ بِهِ قَومًا لُدًّا"مريم(97) ،

فلا تستطيع أيةُ لغةٍ أن تطاول اللغة العربية في شرفها؛ لأنها الوسيلة التي اختيرت لتحمل رسالة الله النهائية، و هي لغة تسمو على سائر اللغات؛ لما أودع الله فيها من قوة وبيان، وسعة، ومن يتتّبع جميع اللغات لا يجد فيها لغة تضاهي اللغة العربية؛ فجمال أصواتهــــا، و ثرواتها المدهشة في المترادفات و الدقة، جعلها سامية فوق كل لغة، فلغتنا العربية الخالدة باقية؛ لأنها لغة القرآن، وقد حفظها الله بحفظ كتابه "إنَّا نحْنُ نزّلْنا الذّكْرَ وإنَّا لهُ لَحَافِظُونَ"(الحجر-9).

فاللغة العربية تمتاز بما ليس له مثيل من اليسر في استعمال المجاز و الكنايات والاستعارات؛ فهي بذلك مرفوعة القدر فوق أية لغة بشرية أخرى، كما أن لها خصائص أسلوبية و نحويّة لا نجدها في أية لغة أخرى ، كما أنها أفضل اللغات في إيصال المعاني، والنقل إليها، وهي لغة أهل الجنة؛ فلسان العرب أوسط الألسنة مذهبًـا وأكثرها ألفاظًا، اللغة مظهر من مظاهر السلوك البشري ، وهي وسيلة لنقل المعلومات والمشاعر والآراء ، كما إنها ظاهرة اجتماعية ، وهي مركب معقّد، واللغة عامل من عوامل ربط الفرد بالجماعة ، وهي مجموعة منظمة من العادات الصوتية التي بواسطتها يتبادل أفراد المجتمع الواحد الأفكار والمعارف، فاللغة أداة للاتصال بين الفرد من ناحية ، وأفراد جماعته من ناحية أخرى ؛ لقضاء حاجاته اليومية ، ولمعرفة ما لديهم من أفكار ومعلومات، واللغة أداة للتعبير بعرض الأفكار والانفعالات ، والمكتوب منها يعد أداة لتسجيل الخبرات والتجارب والأفكار والمشاعر .