الله في التصور النحوي

د.أحمد محمود عبدالقادر درويش


للعظيم يعرف النحاة الحق ، فيحاولون السير على خط مستقيم لا اعوجاج فيه ولا أَمْتًا ؛ توفية لذي الجلال(الله) ، وقد دلت قواعدهم على إعطاء لفظ الجلالة(الله) حقه من التكريم والتبجيل والتعزير ... وهنا فقط إلماحة إلى أن يكتمل مشروعنا النحوي الدعوي ...تأمل الآتي فقط في نقط سريعة ...

أولا : إذا سبق لفظ الجلالة بفعل أمر ، فالأدب يقتضي منا أن نقول : فعل دعاء لا أمر ، فإذا نصبت الكلمة على المفعولية فلنكن مؤدبين ولنقل : لفظ الجلالة ، منصوب على التعظيم ، جاء في شرح التصريح على التوضيح للشيخ خالد الأزهري ( ت : ٩٠٥ ه‍) تعليقا على قوله تعالى " رب أرني كيف تحيي الموتى " قال : " فأرني فعل دعاء ، وياء المتكلم مفعوله الأول " ٣٩١/١ ...

ثانيا : لا يجوز في النحو الجمع بين حرف النداء ( يا ) ، وكلمة مقترنة بالألف واللام إلا مع لفظة الجلالة ( الله ) فتقول ( يا ألله ) ... ولا يجوز نداء ما فيه ( أل ) فلا تقل : يا الولد ، يا الحبيب ... كما شاع عندنا ...

قال ابن مالك في الألفية :

وباضطرار خص جمع ( يا ) و( أل ) ... إلا مع الله ...

ثالثا : تصير الهمزة في لفظة ( الله ) همزة قطع ، فالأحسن عندما تنادي ربك أن تقول : ( يا ألله ) بإثبات الهمزة

رابعا : في أسلوب القَسَمِ يختص لفظ الجلالة ( الله ) بحرف التاء القسمية ، هذي التاء لا تدخل إلا على لفظ الجلالة ( الله ) تقول مثلا : تالله ، لينتصرن الحق ، فالتاء هنا لا تدخل إلا على لفظ الجلالة ، بخلاف الباء والتاء فيجوز دخولهما على لفظ الجلالة وغيره ...

(بالله / بربك ) ( والله ، والضحى / والشمس ) أما التاء فلا ... وإنك قارئ القرآن كله ، حاول أن تجد (التاء) القسمية مع غير الله ،وإن وجدت فأبلغني آية ذلك مثلا :(وتالله لأكيدن أصنامكم ) ( قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم ) ( قالوا تالله تفتأ تذكر ىوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين)

خامسا : قد تُغَيَّرُ تعريفاتُ النحاة لحدود الباب النحوي من أجل لفظة ( الله (

ففي باب التحذير والإغراء مثلا يعرفه النحاة قائلين " تنبيه المخاطب على أمر مكروه ، ليجتنبه " لكن رُفض هذا التعريف لأنه يتعارض مع جلال (الله) ، فإذا أخذ أحد حقك فإنك تقول للظالم ( اللهَ اللهَ في حقي ) أي احذر الله ، خف الله ، اخش الله وهنا ... قال النحاة : إن الأصوب أن يعرف التحذير فيقال : " اسم منصوب ، معمول للفعل " أُحذِّر" المحذوف " كما ذكر الأستاذ عباس حسن في النحو الوافي الجزء الرابع ص ١٢٦

النحاة مؤدبون يعرفون لله حقه ، فيحاولون أن يصلوا إليه بعلمهم ، فالله معلمهم ورافعهم الدرجات العوالي ، بفضل خدمتهم لكتابه ...

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه ...