رواية الملكة رانيا تعززها التصنيفات الدولية حول الضعف في الرياضيات وكوادر في الأمن العام لا تجيد القراءة والكتابة

بسام البدارين

 قد تصلح إقرارات عضو البرلمان الأردني ووزير الداخلية الأسبق الجنرال مازن القاضي مدخلا لإطلاق توجيهات القصر الملكي بعنوان «إعادة هيكلة» مؤسسات الأمن الداخلي في ظل إفصاح القاضي وهو أيضا مدير سابق للأمن العام بوجود من التحق بجهاز الأمن العام وهو لا يجيد «القراءة والكتابة».

مداخلة القاضي النادرة لها ما يبررها فمجلس النواب قاوم التعديل القانوني الذي تقدمت به الحكومة ويشترط الحصول على شهادة الثانوية العامة لتحصيل الترفيع إلى رتب الضباط.
موقف النواب لم يعجب القاضي فأوضح المعلومة التي يملكها حول وجود كوادر في الأمـن لا تقـرأ ولا تكتب، مؤكدا بأن وجود قدر من الثقافة والتعليم مسألة ضرورية لرجـل الأمن حتى يقوم بواجباته الموكولة إليه بصفته ممثلا لسـلطـة القـانون مع المجتـمع والشـارع.
سبق للقاضي نفسه أن أبلغ «القدس العربي» أن عدد الذين لا يجيدون الكتابة والقراءة أو الضعفاء في المهارتين بين رجال الشرطة كبير جدا مما يعني تلقائيا بأن توجيهات القصر الملكي بإعادة الهيكلة يمكن أن تبدأ عبر سلسلة من التعديلات التشريعية التي تتطلب بكل الأحوال إجراءات إدارية في تعيين وتقديم المتعلمين للسلك الأمني.
طبعا مجلس النواب يخشى أن تؤدي التعديلات للمساس بحقوق وفرص مئات الأردنيين.
لكن حتى رجال الأمن العام يعترفون بأن تجربة تعيين الجامعيين كانت مفيدة في التطبيقات الإجرائية على الأرض خلال الـ20 عاما الماضية.
بكل الأحوال موقف النواب يبدو متخلفا عن موقف الحكومة المتقدم في هذا المجال والتي تسعى فعلا لإعادة هيكلة الكادر الأمني وتثقيفه وكذلك عن موقف الكتلة البيروقراطية الصلبة التي يعبر عنها جنرال أمني ووزير داخلية سابق من وزن القاضي.
حصل هذا النقاش في مجلس النواب في جلسة أمس الأربعاء فيما كانت الوقائع الرقمية تثبت ما أقرت به علنا في وقت سابق الملكة رانيا العبدالله وهي تنتقد بجرأة وضع عملية التعليم حيث أصبح الأردن في المرتبة الرابعة اليوم في الدول الأكثر ضعفا في العالم في الرياضيات على مستوى الصف الثامن الأساسي الذي يعتبر محطة الفرز الأساسية قبل المرحلتين الثانوية والجامعية.
أرقام مؤسسات التصنيف الدولية في مجال الرياضيات أعلنت لتثبت وجهة نظر الملكة التي سبق أن تحدثت عن ضعف شديد في العلوم الأساسية في المرحلة الإبتدائية كما أعلنت في الوقت الذي قدم فيه القاضي الإقرار المفاجئ بافتقاد مهارات الكتابة والقراءة عند عدد لا يستهان به من كادر الأمـن العـام.
ما برز مؤخرا بخصوص تقييم وضع طلاب الصف الثامن بمستوى مادة علمية أساسية وحيوية ومهمة جدا مثل الرياضيات يظهر بالدليل الساطع أن الجدل الاجتماعي الحساس بعنوان تعديل مناهج التربية والتعليم لا يطال إطلاقا المواد الأساسية في الوقت نفسه الذي يفجر فيه قنبلة سياسية بحضن كل الجهات الحكومية المسؤولة عن التربية والتعليم.
معنى الكلام أن المجتمع يتجادل ويتجاذب بعنوان تعديل نصوص في منهاجي اللغة العربية والتربية الإسلامية فيما الضعف أخطر للغاية في منهاج مثل الرياضيات.
وبانضمام الوقائع المتعلقة بمهارات القراءة والكتابة في مؤسسات «سيادية» وحتى على مستوى المرحلة الابتدائية يصبح الاستنتاج واضحا أن الضعف يطال غالبية العلوم الأساسية في وضع يصفه الخبراء بصاعقة أو كارثة حقيقية.
كبار المسؤولين لا يريدون الاعتراف بهذه الوقائع والإفصاحات لكن السياق الشفاف الذي قادته شخصيا في مبادرة أولية الملكة رانيا العبدالله شجع الخبراء على الإدلاء برأيهم في الوقائع الحقيقية التي طالما تمرست الحكومات بإنكارها خصوصا وأن الملكة بدأت بدورها في رعاية المعالجة بمبادرات مخصصة لتثقيف وتأهيل المعلم باعتبارها المحطة الأساسية الأولى في معالجة الإشكال.

 

القدس العربي