المغاربة يدافعون عن لغتهم: الدارجة لا تعلو على الفصحى

 قابل المغاربة بمزيج من السخرية والغضب، قاموس اللهجة المغربية الجديد الذي أصدره عضو المجلس الأعلى للتربية والتكوين المهني، ورجل الأعمال نورالدين عيوش من أجل تسهيل عملية اعتماد اللهجة المغربية في المدارس. وتداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ “#عيوش” على موقع “تويتر” وتراوحت التغريدات بين انتقاد للقاموس وسخرية منه، واعتبر البعض منهم أن القاموس يهدف إلى القضاء على “الأمازيغية” وإقصاء لهجات مدن عديدة في المغرب، بينما وجد آخرون أنه بمثابة حرب على العروبة والإسلام ولغة الضاد، ومنهم من اعتبر الأمر محاولة جديدة لضرب القيم الوطنية.

وقال أحد المغردين ساخرا “نورالدين عيوش وأصدقاؤه ينجزون معجما بالدارجة ويصرحون بأنه سيحدث نقلة نوعية في ميدان الثقافة! يا لهذه الحداثة والثقافة العمياء”. وكتب مدون آخر “نورالدين عيوش قطعة غيار لماكينة استعمارية استغلت سذاجة البعض للتلاعب بهم وتوجيههم حيث تشاء”. وعلق مغرد “هذا ما كان ينقص التعليم في المغرب”.

وقالت ناشطة على موقع فيسبوك “المشكلة هنا ليست مع لغة التعليم (فرنسية إنكليزية…) المشكلة يا سيدي أنهم يريدون إقحام اللاّلغة. وهل الدارجة لغة؟ أين هي قواعدها من نحو وإعراب؟”. وكتبت أخرى “اللغة العربية لغة القرآن لن تندثر أبدا”. وكان صاحب فكرة القاموس نورالدين عيوش، أكد في ندوة صحافية بالدار البيضاء، أن هذا القاموس، الذي أعده “مركز تنمية الدارجة زاكورة”، يأتي من أجل جعل اللغة العربية المغربية حية ومستمرة، مشيرا إلى أنه سيتم العمل على إعداد قاموس في كل سنتين.

وأضاف عيوش للصحافة، أن إنجازه تطلب أربع سنوات من العمل، وأشرف عليه خبراء في اللسانيات والتواصل والثقافة المغربية والعربية، وقال “تم استعمال الدارجة المغربية المستعملة في وسط المملكة، وخصوصا محور الدار البيضاء والرباط والقنيطرة، وذلك لكونها أضحت مفهومة لدى جميع المغاربة”. وأضاف أن الجديد في القاموس يتمثل في ترتيب أبجدي للمفردات، وقاموس مصور وغني بالأمثلة والحكم المغربية، وطريقة كتابة مبنية على معطيات علمية تسهل المرور من العربية المغربية إلى العربية الفصحى، خاصة بالنسبة إلى المتعلمين.

واعتبر ناشطون أن هذا القاموس يكرس لهجة بعض المناطق على حساب البعض الآخر، فقال أحد المغردين “القاموس الذي يسوق له عيوش لا يشمل الدارجة المغربية ولكن لهجة جهتين فقط من المغرب…”. وعلق أحد الناشطين العرب على فيسبوك قائلا “مسكين عيوش يكرر محاولات الاستعمار منذ عقود والمصير سيكون الفشل الذريع.. طالما هناك قرآن وأذان وإسلام ستبقى العربية.. وهي رابع لغة في العالم…”. واعتبر ناشط أن “عيوش لا علاقة له باللغة والمعرفة والثقافة”.

وكتب آخر “هناك بعض الآراء يمكن أن تدمر الأمم… وهذا القاموس أحدها.. وإذا استعمل في التعليم فإن ذلك يعتبر مشكلة حقيقية”. من جهته انتقد فؤاد بوعلي، رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، نورالدين عيوش رئيس مركز تنمية الدارجة المغربية، بعد إعلانه عن “قاموس اللغة المغربية أو لغة الشارع”. ووصف بوعلي إعلان عيوش “بالوليد غير الشرعي”.

وأوضح “بأن الوسط الأكاديمي والعلمي لن يهتم بهذا العمل المرفوض قبل طرحه، ولأنه اختار بعض المريدين التواقين للظهور، فقد نقل النقاش إلى ساحة الإعلام والإشهار عله يكسب مناصرين من خارج أسوار الجامعة ومخابر البحث العلمي”. وأضاف “لماذا يتم تخصيص ندوة صحافية عن قاموس أو معجم كيفما كان نوعه ومفرداته؟ وهل كل مؤسسة تصدر معجما أو قاموسا ينبغي أن تحتفي به على شاكلة ما يفعله الإشهاري عيوش؟ لو كان الأمر كذلك لغدت معاهد التعريب والترجمة مؤسسات للاحتفالات والندوات الصحافية”.

وقام بوعلي بتحليل للفيديو المنشور على يوتيوب لعيوش، الذي أظهر وكأن وضع قاموس للهجة المحكية هو فتح جديد للمغاربة، وأن الأطروحات التي تختزنها مكتبات الجامعات الغربية، من أساتذة مدافعين عن الفصحى، حول اللهجات المغربية المختلفة مجرد كلام لا قيمة له. ووقف بوعلي على تحليل للقاموس اللغوي الجديد لعيوش، حيث أكد أنه مازال يكرر نفس الخطاب الشعبوي وبنفس الألفاظ التي تظهر جهله بأبجديات البحث اللساني وعدم قدرته على الارتقاء إلى مستوى النقاش العلمي واللساني كما بدا واضحا في مناظرته مع البروفيسور العروي.

ويذكر أن نورالدين عيوش قد أطلق في 2013 دعوة تهدف إلى إدراج اللهجة المغربية في مناهج التعليم، والتخلي عن اللغة العربية الفصحى. وقدم عيوش مذكرة أرسلها إلى رئيس المجلس الأعلى للتربية والتعليم والتكوين المهني، داعيا فيها إلى “اعتماد الدارجة كلغة في المدرسة المغربية، ونزع الطابع الديني عن التعليم الأولي في المملكة، الذي يقوم بتحفيظ القرآن الكريم لتلاميذ ما دون السابعة”. وأثارت تلك الدعوة غضب عدد كبير من الهيئات والجمعيات والأحزاب التي اعتبرت أن اللغة العربية في خطر، وناشدت رئيس الحكومة للتدخل.

العَرب