|
|
|
|

عدم إجادة العربية عائق أمام الدبلوماسيين البريطانيين
رشا صفوت
سلطت صحيفة الإندبندنت البريطانية الضوء على مشكلة اللغة العربية التي تعاني منها بريطانيا، فثمة أزمة في العلاقات الثنائية بين المملكة المتحدة والعالم العربي الذي شهد تغيرات كبيرة في الآونة الأخيرة.
فخلال برنامج "راديو الرابعة" أجرى المذيع ديزموند جون همفريز حواراً مثيراً مع سفير إحدى الدول العربية، بشأن القضايا الشائكة التي تتعلق بالمنطقة، استطاع السفير شرح وجهة نظره ورؤية دولته متحدثاً الإنجليزية بطلاقة دون الحاجة إلى مترجمين فوريين، هذا ليس بالأمر الغريب، فهذا ما اعتدنا عليه.
الموقف المضاد
يتساءل كاتب المقال إذا ما قلبنا الآية وعكسنا الموقف وظهر سفير بريطاني في إحدى البرامج العربية اليومية، وناقش موقف المملكة بشأن قضية ما باللغة العربية الفصحى، هل سيجيدها كما تحدث السفير العربي الإنجليزية بطلاقة؟ ويقول الكاتب مجيباً على نفسه "من غير المرجح ذلك" فوفقاً لأرقام صادرة اليوم، فإن 3 من كل 16 سفير بريطاني يجيدون اللغة العربية ويتحدثون بها بطلاقة.
تأثير محدود
وأشار رئيس كلية ترنتي أكسفورد وعضو هيئة شكلتها الأكاديمية البريطانية التي تحقق حالياً في ملف يتعلق بضعف القدرات اللغوية الموجودة في السلك الدبلوماسي ووزارة الدفاع والأمن القومي، إلى أن "من دون القدرة على الظهور في المحطات الإذاعية والقنوات المتلفزة للتعبير عن وجهة نظر الحكومة البريطانية، سيكون تأثير الدولة في الداخل والخارج ضعيفاً ومحدوداً".
وأدى نقص المهارات اللغوية لدى السفراء البريطانين في الدول العربية، إلى فشل مكتب الكومنولث والعلاقات الخارجية في تقدير مدلولات التطورات المختلفة، التي أسفرت عما يسمى بـ"الربيع العربي".
ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، فثمة عجز واضح في ترجمة وتفسير المنشورات على تويتر وغيرها من الشبكات الاجتماعية، أسفر عن بطء ردود أفعال المملكة المتحدة حيال القضايا الراهنة في المنطقة العربية.
ويقول الكاتب مستهجناً: "على النقيض تماماً ومنذ 24 عاماً مضى في روسيا، تمكن "رجلنا" في موسكو سيمون ليستر الذي استيقظ على أصوات الدبابات في الشوارع، ولأنه على معرفة معقولة باللغة الروسية، تمكن من الإحاطة بما يجرى من المسؤولين الروسيين، وأبلغ على الفور رئيس الوزراء البريطاني الأسبق جون ميجور بتطورات الأحداث، مما مكن الأخير من اتخاذ رد الفعل المناسب على حكومة جورباتشوف آخر رئيس للاتحاد السوفيتي".
مسألة حياة أو موت
استشهد الكاتب بقصة ذكرها رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس العموم البريطاني ريتشارد أوتاواي، عندما سارت شاحنة تقل مجموعة من العراقيين متوجهة ناحية نقطة تفتيش للجيش البريطاني، فصاح أحد الجنود قائلاً: "أوقف الشاحنة، وإلا سنطلق النار". قالها باللغة الإنجليزية، "لم يفهم العراقيون كلمة واحدة ومضوا في طريقهم"- تخيل ماذا حدث بعدها.
وذكر تقرير لجنة الأكاديمية البريطانية الذي صدر 25 نوفمبر (تشرين الثاني) 2013 تحت عنوان "عجز في الكلمات" أن "قدرة ضباط الجيش ودوريات الحراسة في التعامل والاحتكاك مع المجتمع المحلي أثناء العمليات البرية قد تساعد، ليس في الاندماج مع المواطنين فحسب، ولكن قد تعني أيضاً التمييز بين الحياة والموت".
وأكد التقرير أن أزمة قدرات البريطانيين اللغوية أمر محرج للغاية بالنسبة للدبلوماسيين والعاملين في قطاع الأمن، ويمكن أن يسفر عن عواقب ونتائج مأساوية وخيمة.
العجز المستمر
تضمن التقرير فقرة عنونت بـ"العجز المستمر" في المهارات اللغوية الأجنبية التي "تهدد قدراتنا في التأثير مستقبلاً"، مشيراً إلى أن الموقف الراهن حرفياً "محرج" على صعيد قدرة المملكة المتحدة في المحافظة على مكانتها وسط العالم اليوم.
وأضاف التقرير "في نهاية المطاف، حال عدم اتخاذ أي إجراء حيال هذه المسألة، فالقدرات اللغوية جراء ذلك ستظل آخذة في التدهور والتراجع، ولن تتمكن الحكومة من استقبال لغويين جدد قادم من القطاع التعليمي الذي يُفترض إعادة بناء قدراته وتعزيز اللغات الأجنبية الأخرى، بالقدر الذي يضمن تلبية متطلبات الدبلوماسية والدفاع على نحو كفء".
وتابع التقرير "نحن بحاجة إلى مهارات لغوية متخصصة متقدمة عادة داخل وكالة الاستخبارات، بالإضافة إلى حاجة متزايدة في تعزيز القدرة اللغوية على نحو أفضل، ومجموعة من اللغات بحثياً تغيرت تماماً، من اللغات أوروبا الشرقية إلى لغة الماندرين والفارسية والكورية والصومالية ولغات غرب أفريقيا وعدد كبير من اللهجات العربية الإقليمية".
ويعترف التقرير أن أزمة اللغة بدأت مع قرار إلغاء دروس اللغة الإجبارية التي أقرها حكومة حزب العمال البريطاني عام 2002، فيما يشيد بالجهود التي بُذلت في الآونة الأخيرة لإدخال اللغات الأجنبية الإجبارية من سن 7 سنوات.
وفي الختام أورد المقال أكثر 10 لغات استخداماً في بريطانيا، وتشمل الإسبانية (4%)، والعربية (1%)، والفرنسية (15%)، ولغات الماندرين (1%)، والألمانية (6%)، والبرتغالية (أقل من 1%)، والإيطالية (2%)، والروسية (1%)، والتركية (أقل من 1%)، واليابانية (1%).
24
|
|
|
|
|
|