للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  دعوة للمشاركة والحضور           المؤتمر الدولي العاشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

حاضر اللغة العربية في ظل العولمة

أ. أمال السحمودي

 


 
      إن الحديث عن حاضر اللغة العربية يدمي القلب، من منظور تشخيص واقع اللغة العربية،التي أضحت عالة اقتصادياً على اللغات التي لا ماضي لها ولا تاريخ،وهي لغات حديثة وهجينة تكونت في عصر السرعة، ونالت المكانة العلمية التي أهلتها لذلك،بفضل الفكر العلمي والرياضي الذي سيطر على  نخبها وعلى مفكريها، وبالتطبيقات التقنية التي مست منظومتها الفكرية،وكان في كل ذلك دعوة إلى الإصلاح التربوي الذي هو أول مبادئ التقدم عندها، والإصلاح التربوي يعني الإصلاح اللغوي الذي تنشده المعرفة العلمية في وقتنا الحالي،وها هو ذا كونفوشيوس حكيم الصين العظيم يستشيره الإمبراطور حول السبيل لأقوم إلى إصلاح الإمبراطورية فيقول له: ابدأ باللغة ، ولم يقل له ابدأ بالاقتصاد،والبدء باللغة يعني التمسك بها أصلا وتحديثاً؛حيث الأصالة لا تعني الانغلاق والانقطاع عن العالم،بل تعني المعرفة العلمية التي هي إدراك الأشياء وتصورها كمًا ونوعًا واستخلاص موجباتها وتحسين نقائصها أو استئصالها وحيث التحديث الذي هو خوض معركة العصر بكل تجلياتها المعرفية فكراً وإنتاجا وهذه هي المعرفة العلمية الداعية للتطور حسب مقتضيات العصر،فاللغة تعد من مقومات بناء الامم و تنميتها وارتقائها.
   ومن بين أكـبـر الـتـحـدّيـات الـتي تـواجه الـلــغـات الحـيّـة في عـالم الـيـوم،تحدي الـعـولمة الـتي   تـنـدفع في اكـتـسـاح جـارف لـلـخـصـوصـيـات الـلـسـانـية واللغوية والـثقافية التي هي القاعدة الصلبة للوجود المادي والمعنوي للأمم والشعوب، لتشكّل بذلك خطراً محدقاً بالهويات الوطنية. الــلـغـة الـعـربـيـة بـاعــتـبـارهـا وعـاء لـلـثـقـافـة الـعــربـيـة ولـلـحـضـارة الإسلامـيـة وتـواجهها أخـطـار تَـتَـفَـاقَم  بـاطـراد، تـأتي من هـيـمـنـة الـنـظـام الـعـالمي الـذي يـرفض صـيــاغـة الـعــالم الجـديــد مـتـعـدّد الأقـطـاب والمـراكـز والــثـقــافـات،وتعد اللغة عــنـوان أيّ أمّـة ،والــلـسـان الـنــاطق بـهـويـتـهـا والمعـبـر عن خـصوصـيـاتهـا والمجسد لمقـوماتـها الـفـكريـة والـمعرفـيـة،واللـغة الــعــربــيــة هـي جــوهــر الـــذاتـــيــة الخــاصــة لـلأمــة الــعــربــيـة الإسلامـية والـعـنصـر الرئـيس في البـنـاء الثـقافي والحـضاري الـذي رفعت الأمـة صروحَه عبـر الزمان،ولـذلك كان التـفريط في هـذا الجوهر تـفريطـًا في هـذا العنـصر الـذي هو من أهم مقـومات الأمة.فـالـلـغـة إذن هي جـزء لا يـتـجـزأ من الـسـيـادة والحـفـاظ عـلى الـلـغـة هـو حـمايـة لـهذه الـسـيادة .
إلا ان مرد هذا  الضـعف الـعام الذي ينهش جـسد الأمة العربية الإسلاميـة ليس دائمًا إلى العوامل الخارجية  ولـكنه يعود في الـوقت نفسه إلى الـعوامل الـداخـليـة أيضا والتي تتجلى مثلا في:
انعكاس أوضاع التعليم على اللغة:
إنَّ الحــالــة الــتي وصل إلــيــهــا الــتــعــلــيم في أغــلب دول الــعــالم الـعربي من حيث الضعف وقلـة الجودة ومحدودية الأثر تـنعكس سلبًا على حـالة اللغة الـعربية الـيوم وعلى موقف المجـتمعات الـعربية إزاءها.فهناك تلازم مـطـرد بين الحالتين الإثنتين ؛حالة التعليم العام في جميع مراحـله ومسـتويـاته، وحالـة اللـغة الـعربيـة في شتى المـواقع. وهو تلازم يـنسـحب على المـجتمع الذي يـتأثـر سلبًـا بالحـالتـين كلتـيهـما. ولعلَّه بإمكاننا أن نُجمِل أبرز الملامح التي تستوقف نظر المتابع لكثير من الخطط التربوية التي سادت خلال العقود الأخيرة في ما اتصل بتعليمهم اللغة العربية، في المَلْمَحين التاليين:
أولا: غلبة الطابـع التقليدي على العملية التعليمية في المستويـات المختلفة – ما عدا بعض الاستثناءات القليلة سواء في ما تعلق منهجيّا بالطرائق التي اتسمت بالتلقين  والتحفيظ و تركيم المعلومات التفصيلية أو في ما اتصل معرفيا بالمادة المدروسة والتي اختلطت فيها المفاهيم النظرية البحتة التي يَحسُن ألاّ يشتغل عليها إلا المختص والباحث بالقواعد التي تحكم تصاريف الكلام العربي وائتلاف ألفاظه وتراكيبه. وكان أحرى بواضعي هذه الخطط أن يستنيروا بما أشار إليه ابن خلدون في مقدمته من أن "فَتَقَ اللسان" لا يكون إلا بـ "المحاورة والمناظرة"  لا بالتلقين وتحفيظ المتعلمين ألفية لبن مالك وما شابهما من قصائد تعليمية مطولة .
ثانيا: النظرة الدونية التي صارت فئات اجتماعية كثيرة بما فيها فئة المتعلمين توجهها إلى اللغة العربية في المؤسسات التربوية في البلاد العربية. فقد حِيلَ بين العربية والمواد العلمية ووقع في أوهامِ الكثيرين أن العربية لم تكن ولن تكون إلا لغة أدب ودين وأنه لا قِبَل لها بمواجهة هذا الفيض الغامر من المفاهيم المستحدثة والمبتكرات التكنولوجية متجاهلين مافي خصائصها البنيوية من قدرات هائلة على الاشتقاق والتوليد واستحداث تعبيرات تفي بالمعاني المستجدة.إن السياسات التعليمية المعتمدة في كثير من البلاد العربية تتبنّى كما يقول الباحث منصوري عبد الحق " توجهاتٍ غريبة عن مجتمعاتها ...وهي تقوم بتكريسها وعرضها كحقائق ثابتة في قوالب "العلمية والموضوعية" التي يدَّعُونها. وفي المقابل لا نُسجِّل حرصا كبيرا في اتجاه تطوير نظريات جديدة تأخذ في الحسبان حقائق المجتمع وأصالته."
وليس في الإمكان تـقويـة اللـغة والـنهوض بـها وتـطويـرها على المـستـويين الـنحوي والوظيفي، ما لم تتـضافر الجهود لتطـوير المنظومة التـعليمية وفق نسق مـتـكـامل للارتـقـاء بـالـتـعـلـيم من جـهـة؛ و لـتعـزيـز الانـتـمـاء الـلـغـوي لدى الأجيـال النـاشئة من جـهة ثـانية. وفي كـلتـا الحالتـين يحـتاج الأمر إلى إرادة قوية وعـزم شديد وحبّ للغة الضاد واستـعداد للرفع من مكانتها وإنزالها المنزلة التي تستحق .
وسائل الإعلام في العالم العربي:
ومـن جمـلـة الأسبـاب الـعمـلـية الـتي تـسـاعد عـلى إضـعاف الـلـغة الـعربية والحيلولة دون مسـايرتها للتطور الـذي تعرفه الحياة العامة في جـمـيع مـرافـقـهـا الـوقوعُ تحت الـتـأثـيـر الـذي تـمارسه وسـائل الإعلام ووسـائـط الاتـصــال وهي كــثــيــرة ولـكـن في المـقــدمــة مــنـهــا الــقــنـوات الـفضائية التي تبث من الـدول العربية ، والمحطات التلفزيونية الأرضية  والإذاعـات وتــأتي الجـرائــد والمجلات والمـنـشــورات المخـتـلــفـة من كـتب وغـيرهـا في آخر الـقائـمة  لـسبب يـعود إلى عـزوف العـرب عمـومًا عن الـقـراءة قـياسـًـا إلى ما هـو علـيه الوضع في مـناطق أخـرى من العالم .و تـلك مشـكـلة أخـرى تنـعـكس سلـبًـا على حـالـة اللـغـة العـربـية الـيوم من وجـوه عديـدة. فباسـتـثـنــاء نشرات الأخـبار التي يـحافـَـظ فيـها إلى حدٍ ما على سلامة الـلغة العربية ويُختار لـها غالبًا المذيعون والمذيعات من ذوي المـعرفـة بـقواعــد اللـغـة والخبـرة المهـنـية الـعالـيـة فإن جل الـبرامج والمـواد الإعلامـيـة الـتي تـبـث من الـفـضـائـيـات الـعـربـيـة لا يُـلـتــزم فـيـها بـاللغة العربيـة. وتأتي البرامج الحوارية التي تـغطي مساحة واسعة من ساعـات الـبث في مقـدمة الأسـبـاب التي تـفسـد اللـغـة العـربيـة وتسيء إليها إسـاءة بالغة وتحـرم الأجيـالَ الناشئة من تـلقي لغة عربـية سليمة من أفـواه المتـحدثين في هذه البرامج الحوارية الـتي تشكل في مجملها أزمة في الإعـلام المرئي .
وبقدر ما تسـاهم البرامج الحواريـة في الفضائيـات العربية في إفــســاد الـلــغــة الــعــربـيــة وتــبــعــد المـشــاهــدين عن لــغــتــهم الأم تــقـوما المسـلـسلات الـدرامـيـة بـدور في تمـيـيع الـلـغـة الـعربـيـة والإسـاءة إلـيـها،فإن حالة الـلغة العربية في الفضائيـات العربية لا تسر،مما يساعد في عزوف المـشـاهديـن عن لغـتـهم وعدم الاكـتـراث بـها وهـو مـا يؤدّي إلى اتخاذ موقف اللامبالاة من اللغة العربية جملة وتفصيلاً.في حين نرى أن الـفـضـائــيـات الأجـنـبـيــة الـتي تـبث من عـواصم غربية وتـوجَّه للعالم الـعربي  تحترم الـلغة العربـية بشكل واضح سواء في نشـرات الأخبـار أو في البرامج الـسيـاسية الحـوارية أو في المواد الثقافية والبرامج الوثـائقية والتاريخية. ولا بأس أن نذكر من جملة تلك الـفـضـائيـات الـغـربـية الـتي تـخـاطب المـشاهـد الـعـربي (قـنـاة البي. بي.سي الـعربـية، وقـنـاة فرانس 24 الـعـربيـة،وقـنـاة "الحـرة"الأمـريـكـيـة الـعـربـيــة، ...) فـهـذه القنوات الفضائيـة يحرص القائمون عليها أشـدَّ الحرص على سلامة الـلغـة الـعربـية لـدى المذيـعـين والمذيـعات عـلى نحـو يـكاد أن يـنعـدم لدى الفضائيات والقنوات الأرضية العربية إلاَّ فيما ندر .
ومن العوامل الخارجية :
تأثيرات العولمة الثقافية على اللغة العربية :
تهدف العولمة إلى تعميم ثقافة واحدة وسيادتها وهيمنتها على غيرها من الثقافات بمضمون تلك الثقافة و  محتواها من أساليب تفكير وأنماط السلوك والمعاملة والنظرة للمستقبل وهي في معناها العام امتداد العولمة الاقتصادية وتوسّع فيها، ولا تكاد تختلف عنها إلا في طبيعة ميادينها، تتفق مع العولمة الاقتصادية في التفرد و والسيطرة فهي تعني تعميم ثقافة واحدة وسادتها وهيمنتها على غيرها من الثقافات ومحاولة إحلال هذه الثقافة الواحدة محل الثقافات الأخرى بمضمون تلك الثقافة ومحتواها من: أساليب التفكير والتعبير والتذوق الفني، وأنماط  السلوك والتعامل والنظرة على الحياة والكون وتعتمد اللغة في هذا المجال على اعتبار أن اللغة هي ما يعبر عن كينونة الإنسان .
والخطر المؤثر في اللغة العربية في ظلال العولمة يأتي من تهميشها تدريجياً مع الزمن لصالح الإنجليزية،على أن الأخيرة هي لغة عمل وتواصل على جميع الأصعدة بدأً بالنشر العلمي وتبادل الخبرات التقنية ( التكنولوجية ) مروراً بالتعليم العالي والتجارة والصناعة وغيرها ، وصولاً إلى التعليم الأساسي ، وهذا يعني ضمور اللغة العربية واستخدامها في مجالات تقليدية محددة ، وقد يزداد دور اللهجات العامية في تأثيرها على الفصيحة فتغدو لغات مستقلة عن بعضها ، وقد تنضم العربية إلى اللغات الأخرى المهمشة على الرغم من أنها لغة العقيدة والحضارة والعراقة والأصالة.و الـغـزو الـلـغـوي هــو أخـطـر أنـواع الـغـزو الـثـقـافي عـلى الإطلاق فـأثـره في شـخـصـيـة الـفـرد وفي الـشـخـصـيـة الجـماعـيـة لـلـمـجـتـمع من الخطورة بمكان؛ لأنه يُـفقد الإنسان أهمَّ مـقوّم من مقوّمات الوجود وهو الـهـويـة الـوطـنـية الـتي تـنـطـوي عـلى الخـصـوصـيـات الـروحـيـة والـثـقـافـية والحـضــاريـة. ولــذلك فـإن الــلـغــة الـغــازيـة الأجــنـبـيــة وهي في واقــعـنـا المـعـاصـر لـغـات الـشـعـوب الـغـربـيـة المـسـتـعـمـرة  تحـارب الـلـغـة المـغـزوة، وتبـعـدها عن الحـياة وتـُــفـقدهـا المنـاعـة الذاتـيـة فتـنهـار وتـسقط و لربما تـتلاشى وتذوب وبذلك تنقـطع الصلة بين الإنسـان وبين جذوره  فيصبح بلا هـوية ويـكـون غـير قـادر عـلى حـمايـة مـقـوماته الـديـنـية والحـضـارية لفقدانه السلاح للدفاع عن الذات الذي هو قبل كل شيء اللغة الوطنية .
ومن الملاحظ أن الأجيال العربية الصاعدة ترى في إتقان اللغة العربية بعض الصعوبة ، كما ترى أن الجهد التطويري في إدخال اللغة العربية في نظم المعلومات غير كاف ويقتصر على الاستيعاب السطحي, ومادام أرباب العولمة يرومون وأد كل القيم الإيجابية التي تعمل على تقدم مجتمعنا العربي وإيقاظ كل القيم السلبية التي تفتت بنيته ، ومادامت اللغة العربية توحد بين أبناء الأمة العربية ، وفي وحدة العرب قوة لهم ، كانت هذه اللغة هدف سهامهم فعملوا على تفتيت هذا الرابط بطرائق إحياء العامية من جهة،فبدأت العامية  تسري على  الألسنة والأفلام في المسلسلات التلفزيونية والقنوات الفضائية،على أن العامية عامل تفريق ، في حين أن الفصيحة عامل توحيد.
بعض السبل للنهوض باللغة العربية و مواجهة التحديات؟
ولقد أدركت الشعوب الحية أنه لا وجود لها على خريطة العالم إلا بتمسكها بلغتها الأم والحفاظ على ذاتيها الثقافية وهويتها المميزة . ومن السبل التي علينا أن نسلكها في مجالات لغتنا العربية بغية مواجهة   التحديات :
: بث الوعي اللغوي -
إذا كانت الثقافة قد أصبحت محور عملية التنمية في مجتمع المعرفة ، فإن اللغة هي محور منظومة الثقافة؛ لأنه إذا ما فقد أي شعب استخدام لغته الأم فذلك سيؤدي إلى طمس ذاتيته الثقافية  وفقدانه هويته .
- البرامج التربوية اللغوية :
لما كان عصرنا هو عصر العلم والثقافة  وهو عصر المعلوماتية ، ولا مكان فيه إلا للأقوياء بعلمهم ومعرفتهم،كان المستقبل المنشود للمجتمع العربي يتوقف على دخوله إلى مجتمع المعرفة وردم الهوة بينه وبين المجتمعات المعرفية ، ولما كانت التربية هي البداية ونقطة الانطلاق إلى التقدم والنهوض ، كان التركيز على البرامج التربوية اللغوية على الشابكة ( الانترنيت ) يتصدر سلم الأولويات,
لأن اللغة هي وسيلة المرء للتحكم في بيئته ولأنها أداة التفكير وثمرته ، فإنها في الوقت نفسه هي الجسر الذي تعبر عليه الأجيال من الماضي إلى الحاضر ومن الحاضر إلى المستقبل ، وتعمل على تمتين العلاقة بين أفراد المجموعة البشرية ؛ لأنها مؤسسة اجتماعية وإنسانية ولا يتم اجتماع بشري بغير اللغة .
ومن هنا كانت اللغة العربية الأم هي هوية المرء وهوية الأمة التي ينتسب إليها في الوقت نفسه ، إنها رمز لكيانه وثقافته ودالة على المستوى الحضاري الذي بلغته أمته ، وإنها القلعة الحصينة للذود عن الهوية والوحدة القومية .
تعزيز الانتماء : -
إ ن الحفاظ على الهوية والذاتية الثقافية للأمة واجب مقدس في عصر العولمة  ولغتنا هي رمز كياننا وعنوان شخصيتنا العربية وهويتنا الثقافية ، إلا أن ذلك كله لا ينفي أهمية الانفتاح على الثقافات الأخرى في جو من العقلنة ،ذلك لأن الحفاظ على الهوية لا يعني الجمود ؛ بل هو عملية تتيح للمجتمع أن يتطور ويتغير دون أن يفقد هويته الأصلية ، وأن يقبل التغيير دون أن يغترب فيه ، إنه التفاعل بين الأصالة والمعاصرة ، وبين الإيجابي البناء في تراثنا والبناء الإيجابي من الثقافات الأخرى بما يتفق مع مناخنا وأرضنا .
العمل الجاد على تنقية البيئة من التلوث اللغوي : -
إن كان ذلك في المدارس بطريق التزام الفصيحة وانتشارها على الألسنة والأقلام لدى المعلمين في مختلف تخصصاتهم ولدى المتعلمين ، وإن كان ذلك في خارج جدران المدارس في وسائل الإعلام من إذاعة وتلفزة وصحافة ومجلات وإعلانات ولافتات .
: ـ تنشيط اللغة العربية في المعلوماتية
يعد المحتوى العربي على الشابكة ( الانترنت ) ضئيلاً ، إذ إن 80% من صفحات الموقع المتوافرة على شبكة الويب مكتوبة باللغة الإنجليزية ،وهذا ما يعيق نفاذ غير الناطقين بالإنجليزية إليها،وكان لا بد من العمل على زيادة المحتوى العربي الرقمي على الشابكة (الانترنت ) مثل المواقع التعليمية والإعلامية والثقافية والمكتبات الإلكترونية بالعربية, ففي عصرنا الحالي  عصر العلم والثقافة والمعلوماتية ، أضحت اللغة هي الوجود ذاته ، وأصبح هذا الوجود مرتبطاً بثقل الوجود اللغوي على الشابكة ( الانترنيت ) ...قديماً قال سقراط لجليسه : ( تكلم حتى أراك ) أما اليوم فالشعار هو : تحاور عن بعد حتى يراك الآخرون وتراهم.
- الإنفاق وتوحيد الطاقات البشرية والمادية: وهذا مطلوب من الحكومات العربية وكان عليها أن تعمل على توحيد طاقاتها المادية وعقول أبنائها في الجانب الثقافي والعلمي علن طريق المنظومات التربوية ولتكن العبرة من اليهود الذين لم يتخلوا عن لغتهم، و من اليابانيين أو الصينيين أو الكوريين وبقوا متمسكين بها أمام الزخم الكبير لما تفيض به اللغات الحية، لأنهم يدركون سر الهوية الثقافية، ،لأنهم واعون بأن الثقافة تعني وحدة الفكر والذات والهوية ومن و راء كل هذا يجب أن نفهم ونعي جيدا اننا في وضع عالمي جديد، لابد من التفعيل داخله،ولابد من إتقان اللغة الوطنية أولا والتحكم في اكتر من لغة اجنبية  للإستفادة منها في الترجمة،ولابد أيضا من تأسيس لجنة خاصة بالترجمة .ولد سئل طه حسين ذات مرة: كيف يمكن أن تُفَّعل اللغة العربية، فأجاب: ترجموا وترجموا هم ترجموا.
 إننا في حاجة لحماية هويتنا القومية وخصوصياتنا الثقافية، فالتعدد الثقافي واقع لا يجوز القفز عليه. فالثقافة القومية اليوم  دليل الأمة نحو إنسانيتها ودليلها الحضاري نحو التمسك بالحوار،على الرغم من عوامل الصراع التي تهدد الأمة بمصيرها الحضاري،نحن مدعوون إلى التحديث لكن دون إلغاء ذواتنا و آلياتنا ،الذي دفع البعض لينتهز الفرصة ويجهر بالدعوة إلي مقاطعة اللغة العربية،ظنا انه السبيل إلى التطور والإزهار .
إن الاعتزاز باللغة العربية لا يكون من الخطب الرنانة ، و إنما يكون من خلال العمل على إحلالها محلها اللائق في نفوس الصغار،وصياغة المادة التعليمية و العلمية و الإعلامية و الترفيهية بلغة الفصحى البسيطة السلسة،وتطوير أساليب دراستها و إغنائها بالبحوث التطبيقية،والعمل على استيعاب المنجزات العلمية و تطوير مصطلحاتها بما ينسجم وعصر ثورة المعلومات  .
 

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية