
خطأ شائع خير من صواب مندثر
أ. صلاح التوم كسلا
عنوان هذا المقال من أشنع المقولات التي يرددها كثير من أعداء اللغة العربية ، بل ذهبوا لأبعد من ذلك عندما زعموا أن وظيفة اللغة العربية وغايتها هي مجرد أداة لنقل المعلومة بغض النظر عن صحة المفردات والتراكيب
فاللغة عنصر مهم في الحياة ، فهي فوق كونها أداة للتواصل فقد ميزها المولى عز وجل بأن جعلها لغة كتابه الكريم وخصها بأن تكون لغة عبادته ، ومن هنا كان لا بد من ضرورة الحفاظ على سلامتها .
فالملاحظ لحال اللغة العربية اليوم يجد الأخطار التي تحدق بها ولعل من أخطرها كثرة شيوع الأخطاء اللغوية التي ذاعت وتفشت بين الكتاب والأدباء والطلاب ، حتى أضحت ظاهرة جديرة بالاهتمام والدراسة .
فظاهرة الأخطاء اللّغوية الشائعة لم تكن ظاهرة حديثة بدليل وجود بعض المؤلفات القديمة التي أفردت جزءا كبيرا منها لحصر تلك الأخطاء مثل كتاب "أدب الكاتب" لابن قتيبة وغيرها من المؤلفات القديمة . أما في هذا العصر استشرى أمر الأخطاء اللغوية ،لذا انتبه كثير من علماء اللغة وأساتذتها لبذل جهود مقدرة لرصدها وتبويبها ولفت الانتباه إليها وتصويبها وفقا للعربية الفصيحة .
ومن أبرز أسباب ظهور الأخطاء اللغوية وشيوعها :
- نظرة العرب الدونية للغة العربية
- ضعف إعداد مناهج اللغة العربية وضعف معلميها في المراحل التعليمية المختلفة
- أجهزة الإعلام بمختلف أنواعها مرئية ومسموعة ومقروءة
- البعد عن كتب التراث العربي
- تأثير العامية على الفصحي
- عدم تمكن المترجمين من اللغة العربية وضعف ذخيرتهم اللغوية .
فالأخطاء اللغوية الشائعة متعددة ومتنوعة فمنها :
- أخطاء الضبط بالشكل والتي يقل ظهورها في الكتابة (حرص- يحرص) تنطق بكسر الراء في الماضي وفتحها في المضارع والصواب فتح الراء في الماضي وكسرها في المضارع .
- أخطاء في دلالات الألفاظ ، وتكون باستعمال الكلمة في غير معناها الصحيح مما يؤدي الى ذهاب المفردة الى معنى آخر( أدانت الجامعة العربية العدوان الاسرائيلي ) فكلمة أدانت لم يستعملها العرب الا في معنى الدين ومثلها (أبدى الشاعر مشاعره) والصواب شعوره لأن المشاعر جمع "مشعر" ...
- أخطاء نحوية وصرفية ، وهذه تكون بمخالفة قواعد النحو العربي والصرف ( ملفت للنظر ) والصواب "لافت "
- أخطاء إملائية ، وهي أخطاء كثيرة مرتبطة جميعها بعدم معرفة قواعد الإملاء العربي ومنها همزة الوصل والقطع وكتابة الهمزات في وسط الكلمة وفي آخرها . فظاهرة الأخطاء اللغوية الشائعة ظاهرة عامة يجب أن تحظى بعناية كل الدول العربية والاسلامية ، لأنها لا يمكن أن يتم علاجها في إطار فردي أو اقليمي ، فلابد من اهتمام واسع بها تقوده جامعة الدول العربية ورابطة العالم الاسلامي ، كما يتحتم على تلك الدول مراجعة مناهج تعليم اللغة العربية في مراحل التعليم المختلفة والاعداد الجيد لمعلمي اللغة العربية ، والزام أجهزة الإعلام بتأهيل المذيعين والصحفيين .
ولكن رغم كثرة تلك الأسباب وقلة الاهتمام بها ستظل اللغة العربية خالدة محفوظة سليمة الى يوم الدين بحفظ كتاب الله تعالى :"إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" وقوله تعالى : " لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ"
صدق الله العظيم
|