|
|
أساليب التعليم النشط ودورها في تعليمية اللّغة العربية
د. عامر رضا
لعلّ من أبرز التحديات التي جابهت التدريس في وزارة التربية والتعليم الجزائرية على وجه العموم منذ سبعينيات القرن الماضي هي تحقيق المهام التقليدية التي تضطلع بها المدرسة، وهي التدريس ومحو الأمية والخدمة العامة للأجيال المتعطشة للعلم والتعلّم على وجه الخصوص، خلال أطرها العلمية التدريسية خاصة بعد (أمرية أفريل 1976م) التي مكنت المدرسة الجزائرية على اختلاف مشاربها ودرجاتها بنقل المعرفة للملتحقين بها من المتمدرسين،ومن ثم تزويد المجتمع بالمهارات والكفاءات العلمية والتقنية، وكذا تقديم مختلف الخدمات الاستشارية، وإنجاز بعض المشاريع المتصلة بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية والعملية.
وعليه يؤكد العديد من مفكري ورواد التربية والتعليم والإدارة التعليمية في ظلّ العولمة وتحديات المدرسة، وأساليب التكوين المستخدمة في المدارس الوطنية والأهلية على أهمية أساليب التعيلم النشط من قبل المعلمين في معظم بلدان العالم المتقدمة، وأنه مفهوم يعتمد على استراتيجية تستهدف تطوير العمل التربوي من خلال تحسين أداء المعلم المهني والقيادي،حيث بدأ مع طلائع القرن التاسع عشر الميلادي التركيز على أساليب هذا النوع من التعليم نظريّاً وتطبيقيّاً، وبيان أثره على الارتقاء ببرامج النمو المهني للمعلمين ، بالإضافة إلى محاولة ترسيخ اقتناع المعلمين بأهمية ممارسة "التعلم التعاوني/العصف الذهني" كمدخل هام في تعليمية اللّغة العربية، لأن المتعلم هو محور العملية التعليمية التعلمية،وقد أثبتت الدراسات الحديثة في علم النفس التربوي،أن الطريقة التي يساهم فيها المتعلم بنفسه في بناء التعليمات هي الأنجع والأهم في تكوينه و تعلمه بدلا من الطرق التقليدية، فالتدريس في المناهج الحديثة (التدريس بالكفاءات) يقتضي أن يكون المتعلم هو محور كل عمليات التعلم، فهو الذي يطرح التساؤلات و يبحث عن الحلول وما على المعلم إلاّ التصديق والإثراء،والتوجيه.
-1- فعّالية التعليم النشط في تعليمية اللّغة العربية:
لابدّ على المدرسة الجزائرية الحديثة أن تعيد تشكيل ما اكتسبه المتعلم من الوسط المنزلي، وتصبه في قوالب تربوية معينة تتميز بالوحدة والتجانس،كما تتميز بمنهج تربوي واضح الأهداف محدد الخطط له أداوته ووسائله الخاصة ويتعلم المتمدرسون أثناء تفاعلهم مع أقرانهم مجموعة من الاتجاهات والمهارات والمعلومات الخاصة بالكفاءات الاجتماعية والتي لا يستطيعون اكتسابها من الكبار كذلك فإن هذه المرحلة الهامة من التعليم تعتبر الفرصة الأولى بل الفرصة الذهبية في الحقيقة للمجتمع ممثلا في الدولة التي تشرف على مؤسسات التربية وترعاها أدبيا وماديا، كي يضع اللبنات الأساسية في تكوين الأفراد تكوينا يساير الأهداف العليا للمجتمع، وفلسفته وذلك بأن يراعي فيها جميع النواحي الدينية والثقافية والاجتماعية حتى يضمن المجتمع في النهاية أجيالا تدين له بالولاء وتحمل رسالته الوطنية والقومية والإنسانية لأبناء أجياله المقبلة،أو لغيره من المجتمعات الأخرى.
ومن أهم طرائق التعليم المعاصرة في تعليمية اللّغة العربية هي طرائق التعليم النشط وهي طرائق حديثة تتماشى مع روح المقاربة العصرية للتعليم واتجاهاته، من خلال عملية التفاعل والمشاركة بين المعلم والمتعلم، من خلال» تنظيم واستعمال مواد التعلم والتعليم لأجل بلوغ الأهداف التربوية«(بن دانيه:1991،30)،وللمربي دور هام في العملية التربوية فهو المؤطر الأول في المؤسسة، يدعم المتعلم بالإجراءات المنهجية الجديدة وذلك بتوفير كلّ الوسائل البيداغوجية التي ستساعد على عملية التعلم من وسائل تكنولوجية إلى وسائل نفسية وغير ذلك اختلفت آراء المدراء في ويحرص على أن يعرض كل نشاط تعليمي مختلف تعلمات اللّغة العربية بواسطة أساليب التعليم النشط، التي تجعل من المعلم والمتعلم في نشاط وتفاعل دائمين،وهذه الطرائق والأساليب قد غيرت الكثير من النظرة النمطية للمتعلم الذي وجد نفسه في محور العملية التعليمية مشاركا إيجابيا فيها،ومن هذه الطرائق نذكر الآتي:
أ-طرائق التدريس القائمة على جهد المعلم:منها(الطريقة الإلقائية/الطريقة الحوارية /الطريقة الهربارتية).
ب-طرائق التدريس قائمة على جهد المعلم والمتعلم:منها(العروض العملية/طريقة المشروعات/التدريس المصغر).
جـ-طرائق التدريس القائمة على جهد المتعلم:منها(أساليب التعليم النشط كالتعليم التعاوني،العصف الذهني،طريقة حل المشكلات/التعليم الذاتي/التعليم بالوسائط كالحاسوب).
-2- أهم طـرائق التــعلم النشـط:
التعليم النشط هو فلسفة تربوية تعتمد على ايجابية المتعلم في الموقف التعليمي ويهدف إلى تفعيل دورالمتعلم في تلقيه للتعلمات من خلال العمل والبحث والتجريب واعتماد المتعلم على ذاته في الحصول على المعلومات واكتساب المهارات وتكوين القيم والاتجاهات فهولا يرتكز على الحفظ والتلقين، وإنما على تنمية التفكير والقدرة على حل المشكلات وعلى العمل الجماعي والتعلم التعاوني،إذن » فالعملية التعليمية ليست عملية ميكانيكية متكررة بل لابدّ فيها من الإبداع والتجديد ومواجهة المواقف ومن مواجهة المشكلات وحلّها «(زيدان:1984، 51)،ومن ثم فطرائق التعليم النشط تؤدي دورا هاما في تحقيق مبدأ التفاعل والمشاركة،لأنّ المتعلم هو محورالعملية التعليمية التعليمية، وقد أثبتت الدراسات الحديثة في علم النفس التربوي،أنّه» لايمكنك أن تعلم إلاّ إذا عرفت الغرض من التربية وتمكنت من معرفة وسائلها وطرقها فنّا من الفنون «(زيدان:1984، 180) ،كما أن الطريقة التي يساهم فيها المتعلم بنفسه في بناء التعليمات هي الأنجع والأهم في تكوينه و تعلمه بدلا من الطرق التقليدية،فالتدريس في المناهج الحديثة (التدريس بالكفاءات) يقتضي أن يكون المتعلم هو محور كل عمليات التعلم،فهو الذي يطرح التساؤلات و يبحث عن الحلول وما على المعلم إلاّ التصديق والتوجيه والإثراء لكل مكتسبات المتعلم التي يبني من خلالها تعلماته من خلال مدركاته ومعارفه اللغوية والفكرية،وهذه الطرائق التي ساهمت في تغيير أساليب التعليم من الطرائق النمطية إلى الطرائق المعاصرة هي كالأتي:
أ- طريـقة التعــليم التعاوني:
هو موقف تعليمي يعمل فيه التلاميذ على شكل مجموعات في تفاعل إيجابي متبادل يشعر فيه كل فرد أنه مسؤول عن تعلمه وتعلم الآخرين بهدف تحقيق أهداف مشتركة يجعل المتعلم محورالعملية التعليمية ويتيح له فرصة للعمل بروح الفريق والتعاون والعمل الجماعي» وهوأحد أوجه التطبيق الفعلي للمنحى التربوي الذي يركز على مركزية المتعلم في العملية التعليمية/التعلمية«(الحلية:2002،51)،إذ ينمي المسؤولية الفردية والجماعية لدى المتعلمين من خلال مسألة الثقة بالنفس، كما نجده يعود التلاميذ على احترام آراء الآخرين،ومراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ،من خلال» ترتيب التلاميذ في مجموعات وتكليفهم بعمل أونشاط يقومون به مجتمعين متعاونين،أين يحدث التعلم في أجواء مريحة تخلو من التوتر والقلق،وترتفع فيها دافعية التلاميذ بشكل كبير«(الحلية:2002، 51) وعليه فالتعليم التعاوني يجعل المتعلم هو محور العملية التعليمية من خلال التعلمات التي يتفاعل معها ويضمن النجاح لكلّ المتعلمين،من خلال ممارسة أسلوب التحدث والاستماع والشرح، وتنمي المسؤولية الفردية والجماعية لدى المتعلمين،وتكسبهم مهارات القيادة والاتصال والتواصل،والعمل بروح الفريق كنوع من أساليب التعلم النشط.
ب- أسلوب التعليم بالعصف الذهني:
هي خطة تدريسية تعتمد على استثارة المتعلمين وتفاعلهم انطلاقا من خلفيتهم العلمية حيث يعمل كل واحد منهم كمدخل لأفكار الآخرين ومنشط لهم في إعداد المتعلمين لقراءة أو مناقشة أو كتابة موضوع ما وذلك في وجود موجه لمسار التفكير وهو المعلم يساعد على تنمية الإبداع والابتكار لحل مشكلة ما وإثارة اهتمام وتفكير المتعلمين في المواقف التعليمية وتنمية تأكيد الذات والثقة بالنفس مع توضيح نقاط واستخلاص الأفكار أو تلخيص موضوعات، وهذا الأسلوب من التعليم يشجعهم على طرح الأفكار والحلول المناسبة وعرض مختلف الإجابات الممكنة وصولا للحلول النهائية بصورة حسنة، ويعد العصف الذهني من أكثر الأساليب المستخدمة في تحفيز الإبداع والمعالجة الإبداعية للمشكلات في حقول التربية والتجارة والصناعة والسياسة، حيث ظهر ،أسلوب العصف الذهني في سوق العمل، إلاّ أنه انتقل إلى ميدان التربية والتعليم وأصبح من أكثر الأساليب التي حظيت باهتمام الباحثين والدارسين المهتمين بالتفكير الإبداعي خاصة.
إنّ النجاح الفعلي للأستاذ المكون في ممارسته لمختلف الأنشطة البيداغوجية وأدائه لمختلف الأدوارالاجتماعية، يتوقف على مدى توفره على العديد من الخصائص والشروط الأساسية في شخصيته بمختلف جوانبها البيولوجية، العقلية،المعرفية،النفسية والاجتماعية، والتي تتطلبها عملية التعليم كعملية بيداغوجية،حيث نجد أنّ» التربية لن تكون حقا ما ينبغي أن تكون، نعني إعدادا لمهنة الرجل وإعدادا للحياة في جميع أشكالها، إلا إذا امتلك المربي حول جميع مشكلات الحياة أضواء ومعارف كافية تجعله قادرا على أن يحكم عليها وأن يكيف عمله معها«(أوبير:1982،797)،وعليه تم إحصاء جملة من النقاط في مقاربة أساليب التقويم مع روح المنهاج ،وهي كالآتي:
1- ضرورة إحداث تنسيق بيداغوجي دائم مع هيئة التأطير المختصة في كلّ مدرسة تربوية ينسق بين أهداف المنهاج التربوي،وطرائق التعليم النشط المناسبة للتعلمات.
2- تحديد نوعية المتمدرسين و المؤطرين سلفا من أجل إخضاعهم لآليات تقويم طرائق التعليم وتغيير مسارها من الطرائق التقليدية إلى الطرائق الأكثر نجاعة وفعّالية في تواصل المنهاج الدراسي معهم معرفيا ولغويا ونفسيا وبيئيا واجتماعيا.
3- تحديد متطلبات المنهاج الجديد وربطها برغبات و ميولات الطلاب سلفا أثناء التعامل مع أنشطته التعليمية بأساليب التعليم النشط المناسب لذلك.
4- تحديد مدى ملائمة البيئة المدرسية لمختلف آليات تقويم طرائق التدريس التي تتماشى مع خصائص المنهاج.
5-مقاربة أساليب تقويم طرائق التعليم مع المنهاج التعليمي من خلال عمليات التنسيق والتشاور المعرفي بين المؤطرين، والمشرف التربوي في الندوات والملتقيات التربوية.
6- تقيم وتفعيل كفاءات التعليم المناسبة،وذلك باستخدام وسائل وآليات مستحدثة في تقويم التعلمات التي تتوافق مع روح المنهاج دون الإخلال بالأهداف أوالغايات.
*- خـــاتمة الدراسة
مما سبق يمكن القول إن أساليب التعليم النشط من شأنها دفع المتمدرسين لتعلم العربية بشكل كبير لأنها تحررهم من القيود التي يشعرون بها داخل الصف التعليمي حيث تترك حرية النقاش والحوار داخل المجموعات، فتساعد الطالبة على اكتشـاف القـدرات الموجودة لديهم .بناء على طريقة الذكاء المتنوع ،وحتى أسلوب التعليم التعاوني الذي يستخدم في جلسات العصف الذهني له أثر كبير في تنمية التفكير الإبداعي للمتعلمين، حيث يتيح الفرصة لتبادل الأفكار وتحويرها والإضافة كما نجد التخطيط وجودة التدريس داخل الصف التعليمي هي» العملية الأساسية للإدارة التي يتم من خلالها تحديد الغايات والوسائل عن طريق إصدار القرارات ورسم السياسات ووضع البرامج والميزانيات«(زاهر:1995،16)، من أجل تحقيق أهداف التعليم،وفلسفته.
الهــوامش والإحــالات:
1)أوبير،رونيه:1982،التربية العامة، ترجمة عبد الله عبد الدايم، دار العلم للملاين،بيروت،
بيروت، لبنان، ط5.
2)الحيله، محمد محمود:2002، طرائق التدريس واستراتجياتها، دارالكتاب الجامعي،
الإمارات العربية، ط1.
5)بن دانيه،أحمد:1991، طرق التدريس والإثارة العقلية للتلاميذ في المدرسة الأساسية، مجلة الرواسي،ع1،جمعية الإصلاح الاجتماعي والتربوي، باتنة.
6)زاهر،ضياء الدّين:1995،الوظائف الحديثة للإدارة التعليمية،مجلة مستقبل التربية، مج01،
ع24،مصر.
7)زيدان،محمد مصطفى:1984،الكفاية الإنتاجية للمدرس، دار الشروق للنشر والتوزيع، جدة،المملكة العربية السعودية، ط1.
|
|
|
|
|