في رثاء الأستاذ المبرور جعفر بن أحمد الأحسائي رحمه الله
ترملتِ السعادةُ في فؤادي
|
فما للحظِ في الأيامِ حادي
|
و صفحاتُ الزمانِ كأن فيها
|
من الأقدارِ وحيًا للمدادِ
|
كأن حروفَها حنّتْ لوعدٍ
|
تلقاهَا بهجرٍ و ابتعادِ
|
و أزهارُ الربيعِ غدتْ ثَكالى
|
تطاردُهَا وشاحاتُ السوادِ
|
تهافتتِ الرياحُ على أمانِي
|
و شظى جمرُهَا ركنَ العمادِ
|
صروفُ الموتِ تصبغُ كلَ بابٍ
|
نجيعًا يشتكي همَ البعادِ
|
فما أدري أيشبعُهَا أنينِي
|
و تحنانِي المكفنُ بالرُقاد
|
أم الأطماعُ تحدوهَا لوترِي
|
و يلهو أنسُها في خيرِ زادِ
|
ثُكِلْتُ بجعفرِ الأخلاقِ لما
|
هوى كالنجمِ في ليلِ البوادِي
|
تلقتْهُ المنونُ بخافقيها
|
زنادًا يصطلي في كلِ نادِي
|
تفدتني بأنيابٍ شفاءً
|
لجرحٍ يمتطي كفَّ العنادِ
|
لتغفو مهجتِي في راحتيهِ
|
كشمسٍ حينَ تنعمُ بالمهادِ
|
توافتنا عطاياهُ عزاءً
|
لتكسونَا بآهاتِ الضمادِ
|
و جاءتْ لليتامى لاهفاتٍ
|
مهيضاتِ الرجايا و المرادِ
|
و كحلتِ العيونَ بنارِ بعدٍ
|
تلظتْ في جوى هُدْبِ السهادِ
|
أجعفرُ كيفَ غادرْتَ الصبايا
|
كسيراتِ الحنايا و الفؤادِ
|
و كيفَ تهشمتْ أوتادُ روحِي
|
لتهوي خيمةً عمتْ بلادِي
|
و كيفَ تضرمَتْ همًا مريعًا
|
حصائدُهُ تباهتْ في امتدادِ
|
بآلامِي مخالبُهَا تحنتْ
|
لتمزيقِ الوشائجِ و السعادِ
|
و قرتْ في اللحادِ لكَ عيونٌ
|
قرارَ السيفِ في جفنِ الغمادِ
|
كأن حنانَها يغفو لديكَ
|
كما يغفو الرضيعُ على الوسادِ
|
تدلتْ صنعةُ المعروفِ حتى
|
تجازلَ ينعُها بمنى الحصادِ
|
و ناجتْهُ المكارمُ و السجايا
|
بشوقٍ و التياعٍ و انقيادِ
|
أنينُ الموتِ ينعاهُ مثالًا
|
وينسجُ شجوهُ قصصَ الرشادِ
|
كأن خصالَه مدّتْ جسورًا
|
مرصفةً بأزهارِ الرفادِ
|
لقد صاغتْ سريرتُهُ كيانًا
|
تلاقتْ في صبابتِهِ النوادِي
|
فعانقَ صفوهُ الذهبَ المصفى
|
سبائكُهُ أكاليلُ الودادِ
|
كسا تاروتَ حزنٌ سرمديٌ
|
تغشاهَا بأنواعِ الحدادِ
|
فيا ربَاهُ ألهمْ فاقديهِ
|
و أسرتَهُ و أكبادَ الولادِ
|
و أمًا ترتجي منه وصالًا
|
و زوجًا لا تكلُ عن الجهادِ
|
و إخوانًا تفداهُمْ بحبٍ
|
ليسقيهُم من الديمِ الغوادِي
|
جميلًا من رحيقِ الصبرِ حتى
|
يداويهُم إلى يومِ المعادِ
|