في رثاء... صدى الكلمة يعقوب الشراح
أ. رائد يعقوب الشراح
إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى. عظم الله أجرنا وغفر لفقيدنا وأحسن عزاءنا. إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفراقك يا والدي لمحزونون.
انتقل إلى جوار الرفيق الأعلى والدي الغالي الدكتور يعقوب الشراح إثر صراع مع المرض، الذي كان عليه صابراً وبقضاء ربه راضياً ولأجره محتسباً، فلم يجزع يوماً ولم يشتكي ألماً. فقدنا برحيله رجلاً من رجالات الكويت المخلصين، وعلماً من أعلام التربية والتعليم.
كان أبي رجل عائلة فريدا من نوعه. كان زوجاً محباً وأخاً حنوناً وأباً قدوةً وجدّاً عطوفاً. ترك برحيله فراغاً لا أعتقد أننا استوعبنا حقيقة حجمه. قلوبنا راضية بقضاء ربنا، متيقنة أن ما ألمّ به من معاناة المرض وصبره عليه إنما هو كفارة لذنوبه وإعلاءً لمنزلته.
رجل من الزمن الجميل... أتقن فن الصداقة. عرفه رفاقه خفيف الظل لطيف المعشر جميل المبسم. فكان لهم في الشدائد معيناً وفي الصعاب سنداً وذخراً... فتجلى وفاؤهم له في أشهر مرضه... يتفقدون أحواله و يرجون من الله شفاءه.
كان قيادياً من الطراز الأول... عرفه زملاؤه شغوفاً لا يمل ولا يكل. قضى سنين طويلة في مجال التربية والتعليم ساهم خلالها بالتأليف والإشراف على مناهج العلوم في المراحل المختلفة، ليس في الكويت فحسب بل وفي كل دول مجلس التعاون الخليجي من خلال مركز التربية لدول الخليج العربية. رافقه العديدون في مسيرته التربوية الطويلة ولعل أقربهم له العم د. رشيد الحمد الذي كان بمثابة الأخ والصديق المقرب الذي لازمه على مر السنين. كما أخص بالذكر والشكر العم د. يعقوب الغنيم الذي آمن بقدراته المهنية... فشكراً لكم... أطال الله أعماركم على طاعته.
ثم أردف والدي ليكمل مسيرته وإبداعاته في مجال البيئة، فقام بتأليف كتب عن القضايا البيئية المعاصرة ودرّسها لطلبة الدراسات العليا في جامعة الكويت. أنهى مسيرته رحمه الله في مركز تعريب العلوم الصحية مساعداً للأمين العام إيماناً منه بأهمية إعادة الرونق للغة العربية وجعلها في صدارة اللغات التي تُحصَّل بها العلوم. زامله في هذه المرحلة العم د. عبدالرحمن العوضي فكان خير الرفيق.
أخط كلماتي وقلمي يعتصر ألماً عندما يتذكر قلم والدي الذي لم يتوقف عن الكتابة إلا لمرضه الأخير. أمرّ بمكتبته الزاخرة بالكتب كل ليلة... يتزاول لي طيفه جالساً على ذات الكرسي الجلدي الدوار الذي أحب الجلوس عليه لساعات طويلة من دون كلل. كان دوماً مشغولاً بتأليف فصل من أحدث كتبه أو بكتابة مقال صحافي يعالج قضية من قضايا الوطن الذي لطالما حمل همه.
ولا يسعني في نهاية كلماتي هذه، إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل لكل من واسانا بفقد الوالد الغالي. ولكل من خطت يده أجمل مقالات الرثاء والوفاء. ولكل من منعه مانع من حضور العزاء.. ولكل من بعث برقيات ورسائل التعزية
وأخص بالذكر سمو الأمير حفظه الله وولي عهده الأمين ورئيس مجلس الأمة ونائبه ورئيس مجلس الوزراء وأعضاء مجلس الأمة الأفاضل والهيئات والنقابات داخل الكويت وخارجها. أثلجتم صدورنا بدعائكم. لا أراكم الله مكروهاً.
اللهم اغفر لوالدي وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بماء وثلج وبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس. اللهم اجبر كسر قلوبنا و أعنّا على فراقه واجمعنا به في جناتك. رحمك الله يا أبا رائد.
ابنك رائد يعقوب الشراح
الراي
