المدينة
قال الدكتور الباحث سيف الدين الفقراء عن المفاضلة بين اللغات في العصر الحديث: إنه "لمّ تعد المفاضلة حكماً، بل هي سؤال، والإجابة عليه تتطلّب اختبار الخصائص الأساسية للغة وموازنتها مع غيرها.
جاء ذلك في الندوة الثانية التي نظّمها مجمع اللغة العربية الأردني ضمن سلسلة فعاليات موسمه السابع والثلاثين ضمن مبادرة (ض) بالتعاون مع مؤسسة ولي العهد، مساء أمس الأربعاء، التي حملت عنوان: "أيُّ مستقبل للعربية في ضوء المفاضلة بين اللغات" قدّمها عضو هئية التدريس في جامعة مؤتة الدكتور سيف الدين الفقراء، وأدارها عضو مجمع اللغة العربية الدكتور محمد عصفور، بحضور عدد من الجمهور المهتم.
وأوضح الفقراء في محاضرته، بأن شعور الأمم بتفوق لغاتها ظاهرة بعيدة الامتداد زمنياً ومكانياً، ويسمّى هذا في اللسانيات الحديثة بالتحيّز اللغويّ، ولقد استندت المفاضلة بين اللغات والتحيّز إلى لغة ما إلى معطيات عرقية، وأخرى دينية، وثالثة جغرافية، ولم تسلم اللغات الأوروبية نفسها من هذا التحيّز، وثمّة كتب كثيرة تضمنت مظاهر من هذا التحيز وانتقاص اللغات الأخرى.
وأضاف الفقراء: "لم تكن المفاضلة بين العربيّة الفصيحة ولهجاتها حكراً على العرب، بل كان ذلك سمة عامة في علم اللغة، واتجه علم اللغة الحديث إلى إنهاء مثل هذه المفاضلات التي لا تستند إلى معايير لغويّة".
وبشأن مستقبل العربية، التي تصنّف رابعة على سلّم الانتشار في العالم حسب إحصائيات عام 2018، بيّن الفقراء انه تناول ذلك في فصل واحد من كتاب عنوانه: "اللغويات التطبيقية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: الممارسات الحالية والاتجاهات المستقبلية" لمؤلفه مدير برنامج الدراسات اللغوية في قسم اللغات والآداب الحديثة في جامعة فريجينبا جون إيزيل ويرى المؤلف انّ الوضع اللغوي ظلّ منذ ما قبل الإسلام وحتى تاريخه وضعاً تغلّبت فيه إيديولوجيا وحدة اللغة وتوحدّها ضدّ التعدّد والتنوّع، فبرزت قضية كبرى هي الازدواجيّة التي هيمنت على مشاكل العربيّة.
واستعرض إيزيل أثر التطورات السياسية الأخيرة في المنطقة على اللغة ممثلة بما حدث في العراق وسوريا ورحلة النزوح التي ستترك أثراً بالغاُ على العربيّة، وما رافق ذلك من انفصال بعض المناطق في شمال العراق، وجنوب السودان، ويضاف إلى ذلك شمال سوريا، ولا نعرف عن مستقبل العربيّة في اليمن، زيادة على مسألة الاعتراف باللغة الأمازيغية في المغرب العربيّ، وما يطالب به الأمازيغيون في الجزائر، وهيمنة الفرنسية على بعض الدول كالمغرب والجزائر وتونس، وهيمنة الإنجليزية في بعض دول الخليج كالإمارات وقطر، وهذه قضايا كبرى تؤثر على امتداد العربيّة عدداً ومساحة.
ويخلص أزويل إلى أنّ المستقبل للعربية سيكون لغات عربية وسيطة وليست لغةً وسيطةً، بؤرتها لهجات العواصم، وربّما تضطر العربيّة الفصحى إلى إشراك اللهجة الوطنية في المشروعية.
المدينة نيوز