ناقد أدبي: نجيب محفوظ منح العربية القدرة على الحياة
قال الناقد الأدبي محمد بدوي، الأستاذ بجامعة القاهرة، إن الأديب العالمي نجيب محفوظ منح اللغة العربية القدرة على الحياة، ووصفه بأنه "المواطن الصالح" الذي ظل يعمل ويكدح وظل مستعدا لدفع الثمن.
جاء ذلك في ندوة نظمها، الثلاثاء، متحف نجيب محفوظ التابع لوزارة الثقافة المصرية بالمجلس الأعلى للثقافة، تحت عنوان "الكلام المحفوظي.. اللغة وتحولات الخطاب في عالم نجيب محفوظ".
واستعرض بدوي، خلال الندوة، واقع اللغة العربية في نهاية القرن التاسع عشر، وما تعرضت له من جمود وفرق بين اللغة في الشعر والرواية، وبين مدارس الأدب المختلفة مثل الأسلوبية والبنيوية، والكلمة من خلال الموروث البلاغي، كما استعرض عددا من الكتابات النقدية عن اللغة، مشيراً إلى أن اللغة تموت لو لم يتم تداولها.
وأضاف أن الرواية خليط من الأبطال والمؤلف والثقافات، يمثلون مواقع اجتماعية وأيديولوجية مختلفة، ولا بد أن تكون اللغة حية لتعبر عن واقع جديد وبوجه عام اللغة العربية لما لها من لغة موحدة وهي الفصحى.
بدوي :كانت قبضته قوية على النص وتفاعلاته لكن مع كتابة " اللص والكلاب " أنهى الخطوة ا لكبرى وتحول لسيد من سادة اللغة
ورأى الأستاذ بجامعة القاهرة أن معركة نجيب محفوظ الحقيقية كانت مع اللغة، حيث تعايشت في نصوصها الأولى لغة قديمة ولغة حديثة كما يعيش توأم في بطن واحدة.
وقال إن المجهود الحقيقي لمحفوظ وزملائه توفيق الحكيم ويحيى حقي ويوسف إدريس كان الخروج من فكرة "كراسات الإنشاء" وإيجاد لغة الواقعية تدافع عن الهوية الوطنية وتمثلها عقب ثورة 1919.
وأشار بدوي إلى أن محفوظ في كتاباته الأولى عانى من هيمنة "صوت المؤلف"، حيث كانت قبضته قوية على النص وتفاعلاته، لكن مع كتابة "اللص والكلاب" أنهى الخطوة الكبرى وتحول لسيد من سادة اللغة.
وشرح بدوي في محاضراته كيف تمكن صاحب جائزة نوبل للأدب من خلق حوار يعبر عن الاختلافات في الشخصيات وبيئاتهم الاجتماعية، وقال إن الوعي باللغة تطور عند محفوظ بعد أن توقف عن كتابة الروايات التاريخية، فهو عندما أراد أن يكتب عن الأحياء الوطنية ويسمي الأعمال باسمها مثل "بين القصرين" أو "زقاق المدق"، و"خان الخليلي" أدرك حاجاته إلى لغة تماثل هذه الأماكن وتلتصق بها.
واعتبر أن نجيب محفوظ مع "خان الخليلي" أنهى تماما مرحلة تفاوضه مع اللغة وساعده اتساع العالم على إبراز التنوع اللغوي الهائل، ومن ثم خلق لغة روائية جديدة، تحتمل الازدواج اللغوي بين العامية والفصحى، وأنتج ما نعرفه الآن من أشكال "اللغة العربية الحديثة".
وأكد بدوي أن محفوظ حين كتب "ميرامار" قالت الروائية والناقدة لطيفة الزيات إنها تعلمت منه كيف تخلق شخصية روائية تجيد قطع المسافة بين داخل الشخصية وخارجها.
وذكر محمد بدوي أن نجيب محفظ بلغ ذروة التعامل مع اللغة في أعماله الأخيرة عقب ملحمة الحرافيش، مرورا بأحلام فترة النقاهة وأصداء السيرة الذاتية، حيث إن لغته أصحبت "شعرية" تقوم على التكثيف والاستبطان. كانت لغة غامضة وغنائية تؤكد أنه سارد الأمة المصرية.
العين الإخبارية
|