د. ريم الدوسري
«أنا البحر في أحشائه الدر كامن... فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي».. حافظ إبراهيم.
تتمركز لغتنا العربية بالمرتبة الرابعة بين أكثر اللغات انتشارًا حول العالم، يتحدثها أكثر من 467 مليون نسمة من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي. وتشكّل العربية أهمية بالغة للمسلمين، يستخدمها حوالي 1.5 مليار في أداء شعائرهم الدينية.
العربية لغة الفصاحة، ثريّة بالمفردات، حيث تحوي ما يقارب اثني عشر مليون مفردة.
يحتفل العالم في كل عام بالثامن عشر من ديسمبر باللغة العربية، وذلك ناتج عن القرار الصادر في (ديسمبر 1973) من الجمعية العامة للأمم المتحدة -رقم 3190 - والذي أقرّ بإدخالها كإحدى اللغات الرسمية الست، وللمملكة العربية السعودية والمملكة المغربية دور ريادي في ذلك، حيث تم تقديم المقترح في الدورة 190 للمجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو.
احتفت اليونسكو هذا العام (18 ديسمبر 2019) في العاصمة الفرنسية بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية تحت عنوان «اللغة العربية والذكاء الاصطناعي»، حيث تمّ تنظيم الاحتفال بالتعاون مع الوفد الدائم للسعودية لدى اليونسكو، وبالشراكة مع مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية. تمت مناقشة تأثير الذكاء الاصطناعي في المحافظة على اللغة العربية وحوسبتها؛ لضمان المستقبل المعرفي، وإطلاق تقرير إقليمي بعنوان «اللغة العربية بوصفها بوابة لاكتساب المعارف ونقلها». تكمن أهمية معالجة اللغة العربية في برامج الكمبيوتر والاستفادة من الذكاء الاصطناعي، والفرص المتعددة التي قد يوفرها للتشجيع على انتشارها والمحافظة على حيويتها.
للغة العربية دور رائد في نقل العلوم إلى القارة الأوروبية والعالم، وهذا مدعاة فخر للعرب، لكن المؤلم أن تكون العربية من أقل اللغات استخدامًا في التكنولوجيا، بل إنها متأخّرة عن الركب بمسافات ضوئية، فنلاحظ أن المساعدات الصوتية كأليكسا وسيري لا تفهم غير بعض الكلمات العربية؛ لذا فإن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في ظل ثورة السرعة التقنية والتطور الرقمي من شأنه حمايتها والحفاظ على أصالتها.
تروق لي الشعوب التي تعتز وتتمسّك بلغتها كالصين، اليابان وفرنسا.. التعددية اللغوية والتنوّع الثقافي لمخاطبة العالم أمر غاية في الأهمية، لكن لابد من التمكّن من لغتنا الأم قبل ذلك، فهي قوة الأمم، وتوضح عمقها الحضاري والثقافي، ويكفينا فخرًا أنها لغة القرآن الكريم .
اعتزازنا بالعربية ليس مجرد شعارات نرددها، بل من خلال الاستمرار بممارستها، واستخدامها، وتعليمها لأبنائنا، ونشرها دون إقحام لغات أخرى في جُملنا، فلا يدل ذلك على التطور أو الثقافة، بل على تشتت الهوية.
«وسعت كتاب الله لفظًا وغاية.... وما ضقت عن آيٍ به وعظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة.... وتنسيق أسماءٍ لمخترعات».
كل عام ولغتنا العربية في انتعاش، وازدهار وانتشار.
اليوم