|
|
خصائص اللغة العربية -ثبات أصوات الحروف
د. نعيمة حسن احمد النجار
خصائص اللغة العربية -ثبات أصوات الحروف
على الرغم مما أصاب النطق في الأقطار العربية بعد الاختلاط بالأعاجم من التغيير و التبديل، بقي جوهر الصوت العربي واضحا ممثلا بقراءة القرآن الكريم، وإخراج الحروف الصامتة إخراجا يكاد يكون واحدا، وذلك لعدة أسباب منها أن اللغة العربية محفوظة الأصول ومعروفة الأنساب (1)، وهي أيضا تشتمل على جميع الأصوات الإنسيابية وخارجها(2). ومدرجها الصوتي الواسع.
تتوزع صفات الحروف العربية في أوسع مدرج صوتي عرفته اللغات ذلك أن الحروف العربية تتدرج وتتوزع في مخارجها ما بين الشفتين من جهة و أقصى الحلق من جهة أخرى. قد تجد بعض اللغات غير العربية كثيرة الحروف ولكنها محصورة مخارجها في نطاق ضيق وفي مدرج أقصر. فقد تجدها متكاثرة في جانب الشفتين وما والاها من الفم والخيشوم في اللغات كثيرة الغنة، أوتجدها متزاحمة في جهة الحلق، وفي الحالتين يكون هناك ضيق في الأفق الصوتي و اختلال في الميزان الصوتي وفقدان لحسن الانسجام بسبب سوء توزيع الحروف. ولقد تميزت العربية في مجموع أصواتها بمدرجها الصوتي الواسع كما و أن توزيع الحروف في مدرجها يعد توزيعا عادلا مما يؤدي إلى انسجام وتوازن بين الأصوات، و توازن الأصوات في اللفظة الواحدة . وقد استقبح العرب واستبعدو كثيرا من الألفاظ التي لا تأتلف حروفها. قال الجاحظ (( فإن الزاي لا تقترن بالظاء ولا السين و لا الضاد و لا الذال بتقديم أو تأخير، وكذلك الجيم لا تقارن بالظاء ولا القاف ولا الطاء و الغين بتقديم ولا تأخير))(3)
قال ( ابن جني) (( فإن كثير من اللغة وجدته مضاهيا بأجراس حروفه أصوات الأفعال التي غبربها عنها، ألا تراهم قالوا (قضم) في اليابس و( خضم ) في الأضعف . وكذلك قالوا : صرّ الجندب فكرروا الراء لما هناك من استطالة صوته، وقالوا صرصر البازي فقطعوه لما هناك من تقطيع صوته)).(4)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- صبحي الصالح،دراسات في فقه اللغة، دمشق، مطبعة جامعة دمشق،1960م.ص213.
2- السابق ص 331.
3- الجاحظ البيان والتبين، ج1، ص69، تحقيق عبد السلام هارون، طبعة 4، مكتبة الخانجي القاهرة 1957.
4- ابو الفتح عثمان بن جني, الخصائص، تحقيق محمد علي النجار، القاهرة، دار الكتب المصرية، 1952،ج 1، ص 56
|
|
|
|
|