للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي الحادي عشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

العربية تجري بحب على ألسنة الأجانب

فدوى إبراهيم

بينما يهجرها بعض أبنائها أو يهملونها، تحظى اللغة العربية بإقبال كبير من لدن غير الناطقين بها بدوافع متعددة، منها ما يرتبط بالعمل والرغبة في تطويره والقدرة على التواصل مع البيئة العربية التي يقيم فيها المتعلم، ومنها ما يتعلق بالدين وحب التمكّن من لغة القرآن لتسهل قرءاته، وفهمه . ويسعى بعض هؤلاء بدورهم إلى تعليم اللغة العربية لأبناء وطنهم لتثقيفهم وتعريفهم لغة الإسلام .
تعلّم اللغة العربية لغير الناطقين بها مسألة تحمل صعوبة لتضمنها النحو، وصعوبة ضبط الألفاظ ومخارج الحروف نظراً لاختلافها عن المخارج المعتادة في لغاتهم الأم، لكنّ إرادتهم القوية تحدوهم دائماً إلى تحمّل كل العوائق والصعاب وتجاوزها لبلوغ أهدافهم المنشودة، ولمساعدتهم في تحقيق أهدافهم وتذليل العقبات، فتحت لهم دار زايد للثقافة الإسلامية، التي تلعب دوراً رائداً في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، الباب للتمكّن من اللغة العربية من خلال فروعها في أبوظبي والعين وعجمان . وعززت الدار من قيمة تعليم هذه اللغة، ومنحت الفرصة للتعرّف إلى التجارب والطموحات في هذا المجال، وذلك بعقدها مؤخراً "مؤتمر أبوظبي لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها"، متضمناً جلسات نقاشية وورش عمل استمرت ليومين، في ظل وجود مكثف لعدد كبير من المؤسسات والشخصيات من جميع أنحاء العالم لعرض التجارب الناجحة بهذا الصدد .
تقول د .نضال الطنيجي مدير عام الدار: إن ترسيخ فكرة تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها ينبع من مكانة الإمارات والتنوع الثقافي الناتج عن تعدد الجنسيات القاطنين بها، وهذا ما دفع الكثيرين إلى الاهتمام بتعلم اللغة العربية من غير الناطقين بها، وذلك بهدف التعرّف إلى ثقافة الدولة والاندماج معها كون اللغة وعاء الهوية . ومن هنا ينطلق حرص الدار على تقديم دورات تدريبية للراغبين بتعلّم اللغة العربية للجنسيات المختلفة . وتضيف الطنيجي حول خدمات الدار في مجال تعليم اللغة العربية: "تفتح الدار أبوابها في فروعها في أبوظبي والعين وعجمان لكل الراغبين بتعلم اللغة العربية، من خلال دورات تدريبية بمستويات عدة، تؤهل الدارس لإتقان اللغة حين الانتهاء من الدورات، فالاهتمام بتعلم اللغة العربية في تزايد، وهذا الازدياد نرافقه بتوفير أوقات مرنة تتوافق وظروف الراغبين في التعلم .
وتشير الطنيجي إلى أن تعلم اللغة العربية يحمل تحديات لا تختلف عن تلك التي تتخلل أية عملية تعليمية، من أجل مواكبة التطورات ومتطلبات العصر، مشيرة إلى اتفاقية جديدة قيد الدراسة كمشروع شراكة مع جامعة زايد لإقرار مناهج تعليمية جديدة، باستخدام التقنيات الحديثة وسائل التعلم المتطورة، ذلك أن لتلك الوسائل الأثر الكبير في دعم العملية التعليمية وتشجيع المنتسبين لمواصلة التعليم بطرق مشوقة وجاذبة .
وتشير د . يه ليانغ ينغ نائبة عميد اللغة العربية في جامعة الدراسات الأجنبية ونائبة مدير مركز الشيخ زايد لدراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية في بكين، إلى أن أبرز العوامل التي تدفع الكثير من الصينيين إلى تعلم اللغة العربية، فرص العمل التي تتوفر لهم في الدول العربية في حال إتقانها، كما أن تعمق العلاقات الدبلوماسية بين الدول العربية والصين فتح لهم الباب لتعلم العربية، إضافة إلى أن الصينيين الذين أشهروا إسلامهم تحدوهم دوافع عاطفية لتعلم اللغة للتعرف إلى الدين الإسلامي أكثر بلغته الأم والتمكن من قراءة القرآن الكريم وفهمه .
وتخص ينغ هنا دور العلاقات بين التجار والصلات الاجتماعية التي تنشأ بسببها، ورغبتهم في التعرف إلى ثقافة الدول العربية التي يتعاملون مع تجارها . وتضيف: "إن الراغبين بتعلم اللغة العربية من الصينيين في ازدياد مستمر، ويتجاوز عددهم اليوم في المركز 350 طالباً في درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، لكن أبرز التحديات التي يواجهها المتعلمون صعوبة نطق الحروف العربية، ذلك أن النظامين الصوتيين يختلفان بين العربية والصينية، كما أن النحو يعتبر من المسائل الصعبة على الطلبة لكن مع تقدم المستوى التعليمي تختفي هذه العوائق، وعدم اختلاط الطلبة مع العرب يجعلهم يستخدمون اللغة فقط في الفصول الدراسية، وهذا يصعب عليهم التحدث بها" .
ويعتبر تعلّم اللغة العربية هدفاً للكثيرين من غير الناطقين بها، حيث يعملون على دراستها بهدف تحقيق أغراض عدة، بعضها مشترك رغم اختلاف ثقافاتهم وجنسياتهم، وبعضها مختلف بحسب ظروف كل منهم . وينتسب هؤلاء للفصول الدراسية التي تنظمها دار زايد للثقافة الإسلامية، موفرة لهم كل السبل التعليمية الملائمة لأجل تحقيق أهدافهم، ومنهم الفلبينية مارجين باساليوتي التي تتعلم اللغة العربية في الدار في العين، وتقول عن أهداف تعلمها اللغة: "إن أهم هدف لي معرفة الدين الإسلامي بلغته التي أنزل بها، ورغم أن القرآن الكريم أصبح مترجماً بلغات عدة ومتاحاً للعموم، أرغب بتعلمه بلغته كي أفهمه وأفهم كلماته بلا ترجمة، كما أن قراءة آيات القرآن الكريم في الصلاة تفرض عليّ تعلم اللغة العربية، هذا من الناحية الدينية، أما من الناحية الاجتماعية والمهنية، فإن تعلّم العربية مهم لي في عملي كموظفة في المستشفى مسؤولة عن ملفات المرضى، التي تتضمن الكثير من اللغة العربية، إضافة إلى التواصل الاجتماعي مع الأشخاص" .
أما الفلبينية ميشيل دسكالسو، فهي تعمل بائعة، وعملها يجعلها ترغب في التعرّف إلى كيفية التواصل مع العملاء العرب بلغتهم، وترى أن تعامل البائع مع عملائه بلغتهم أياً كانت إحدى وسائل التواصل الفعّال مهنياً . وحول أهداف تعلمها تقول: "يعد تعلم القرآن الكريم أحد أهم أهداف تعلمي اللغة بعدما أشهرت إسلامي رغم أنني حاولت أن أتعلم العربية بمفردي قبل دخولي الإسلام لرغبتي بالتعرف إلى الثقافة العربية، لكنني وجدت صعوبة في تعلمها، وحين انتسبت إلى الدار وجدت أن التعليم النظامي أفضل وأقدر على الوصول إلى ذهني" . وحول أهمية امتلاكها مهارة التعامل باللغة العربية بعد عودتها إلى دولتها، تقول دسكالسو أنها ستكون فخورة هناك بتعلمها اللغة، وتأمل أن تكون مرجعاً للراغبين بالتعرف إلى اللغة والثقافة العربيتين، مشيرة إلى أن هناك فئة من المسلمين ومساجد ومدارس إسلامية من الممكن أن تعّلم اللغة فيها .
الزوجان الطبيبان عبدالرحمن جو وعائشة لي، وهما صينيان يتعلمان اللغة العربية لتعزيز مكانتهما في عملهما في الطب الصيني، ويقول جو : "تعلم اللغة العربية أمر مهم في شتى نواحي الحياة، فكل ما نمر به في حياتنا اليومية في الدولة يحتاج إلى ذلك، كما أن رغبتي في التعرف إلى ثقافة الدول العربية وبالأخص الإمارات كانت دافعاً قوياً لاتخاذ هذه الخطوة، أما العمل فإن الكثير من المراجعين يتحدثون بالعربية، وأجد أنه من الواجب علي كطبيب أن أتواصل معهم بلغتهم للوصول إلى نتائج مرضية، كما أن الكثير من الأعشاب التي أصفها للمريض أو المراجع أعمل على كتابتها باللغة الصينية ويفهمها الصيادلة المختصون، إلا أنني ملزم بإيضاحها للمراجع لأن من حقه أن يعرف ما يستخدم" .، ويشير جو إلى أنه حاول تعلّم العربية في الصين، لكنه لم يستطع الاستفادة، كما هو في الدار، ذلك أن دراستها والتواصل الاجتماعي بها يعززانها في الذهن بشكل أفضل أما زوجته لي، فترى أن البيئة المتوفرة في الإمارات ملائمة لتعلم اللغة العربية خصوصاً في الدار، إذ تتوفر المواصلات ومرونة الوقت، كما أن إدارة مقر عملها توفر لها البيئة الملائمة لاستمرارية التعلم وتشجعها على ذلك . وتؤكد أن التعامل مع الإماراتيين، والعرب عموماً يحتّم تعلم لغتهم، ما يعزز القدرة على التواصل وينشط من العمل .
وتشير الشابة الإثيوبية مدينة حسن إلى أن تقارب الثقافة الإثيوبية مع العربية كان حافزاً مهماً لها لتعلم اللغة، مؤكدة أن قراءة القرآن الكريم بلغته الأم مهم لفهمه . ورغم أن عملها في أحد الصالونات النسائية يتطلب منها في كثير من الأحيان التعامل مع الزبونات باللغة العربية، إلا أنها تتعلم اللغة لأجل تقوية قدراتها ومهاراتها الذاتية لأسباب عدة سوى عملها . ومن ذلك، كما تقول، تعليمها اللغة العربية لأبناء دولتها حين عودتها، خاصة أنها تنوي أن تستمر في التعلم حتى المراحل النهائية في الدار .

الخليج

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية