للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  دعوة للمشاركة والحضور           المؤتمر الدولي العاشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

استخدام المصطلحات الأجنبية مع العربية تتحول إلى عادة

رياض بن سليمان العسافي

 يعتبر التفاعل والتداخل اللغوي أمورا مألوفة بين اللغات لكن أن يتحول الأمر الى اداء يكاد يطمس شخصيتنا اللغوية فذلك مدعاة للتوقف عنده.. فمن الأمراض التي منينا بها في بلادنا التعلق بكل ماهو اجنبي في اللغة وغير اللغة يفضلونه على ما عندهم من ند أو نظير وقد اورثهم ذلك عدم الثقة بالنفس وانطفاء نار الغيرة على لغة القرآن الكريم.
ان بعض المفتونين ممن استهوتهم مدنية الغرب وحضارته يسول لهم هذا الداء ان كل ماهو أجنبي عظيم، وكل ما هو عربي اسلامي بجانبه حقير في العلم والصناعة والتجارة فمن الكمال عندهم اصطناع اللغة الانكليزية وعلى أوسع نطاق في حديثهم وبيعهم وشرائهم، الشباب لا يروق لهم الا اذا استعملوا OK بدلا من نعم او استخدموا Sorry بدلا من آسف او عفوا وكذلك نو بروبلم ولايت وكلوز وأوبن وكل هذا له التأثير السلبي على لغتنا العربية اللغة الأم والصدر الذي يضم العربي والمسلم في كل مكان.
ولخطورة هذه المشكلة على جيل بكامله ولمقتل قد يصيبه في شخصيته الاسلامية والعربية كان هذا التحقيق..

شعور بالنقص
يقول الدكتور محمد بن ابراهيم الأحيدب قسم اللغة الانجليزية بكلية اللغات والترجمة بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية ان استخدام المصطلحات الأجنبية أمر له أسباب عديدة فمثلا في مجال البحث العلمي غالبا ما يكتب الباحث المصطلح العلمي باللغة العربية واللغة الانجليزية او الفرنسية ويعود ذلك الى أن هذه المصطلحات العلمية جديدة على اللغة العربية ولم يتفق على ترجمةمعتمدة لها باللغة العربية فيكتب الباحث اسم المصطلح باللغة الأجنبية منعا لاي لبس في فهم معنى المصطلح والحقيقة ان المصطلحات العلمية أمر يجب النظر في توحيد ترجماتها باللغة العربية خاصة بين مشرق الوطن العربي ومغربه اللذين يستخدمان مصطلحات علمية مختلفة للتعبير عن معنى واحد ولاشك ان هناك جهودا كبيرة تبذل على مستوى الدول العربية ومنظماتها الاقليمية والقطرية لتوحيد هذه المصطلحات، ولعل مكتب تنسيق التعريب التابع لجامعة الدول العربية بالمغرب يعد من اهم المنظمات العاملة في هذا المجال ولكن جهوده تحتاج الى دعم وتفعيل على المستويين الرسمي من قبل وزارات التعليم العالي والبحث العلمي كما اود ان اشيد هنا بجهود مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في مجال تعريب المصطلحات خاصة مشروعها الذي يعرف باسم (باسم) الذي بدأ بداية نشيطة قوية ثم لم نسمع عنه اي شيء بعد ذلك.
اما استخدام المصطلحات غير العلمية بجانب اللغة العربية فهو أمر غير مقبول لأن الأمر لا يستدعي ذلك خاصة اذا ما كان استخدام اللغة الأجنبية فجاً وبدون سبب وجيه.
ولعل سبب هذا الاستخدام غير المقبول هو الشعور بالنقص والضآلة امام الحضارة العلمية الغربية المتقدمة ويعد هذا الشعور انسلاخا من ثقافتنا وحضارتنا العربية الاسلامية التي ما وقفت يوما ما عاجزة عن استيعاب اي مصطلح كان، وما الترجمات المكثفة للتراث العلمي والفلسفي اليوناني في زمن الدولتين الأموية والعباسية الا دليل ساطع على اهتمامنا نحن العرب بالتقدم العلمي والأخذ بأسبابه عن طريق ترجمةالعلوم وتعريب المصطلحات الى اللغة العربية.
وجدير بالذكر ان الكثير من المصطلحات العلمية لازالت عربية وتستخدم في اللغات الأجنبية بألفاظها العربية والسبب يعود الى أن العرب هم الذين قدموا التراث اليوناني وغيره الى أوروبا بعد ان طوروه وزادوا عليه، ولم يجد الغرب غضاضة في الأخذ بهذه المصطلحات العربية كما هي، والحقيقة ان الامر في المجالات العلمية يعد انسانيا فكل حضارة أسهمت بلغتها ومصطلحاتها وذكاء أبنائها لتقدم العلم.
وأوضح د. الأحيدب ان الاستخدام المبالغ مرفوض في كل شيء فما بالك اذا كان ذلك في مجال لغتنا العربية ومن يبالغ في ذلك هو انسان فاقد لهويته الثقافية ومنسلخ عن حضارته العربية فالانسان يجب ان تكون لديه عزة وافتخار بلغته في حدود المعقول بحيث لا تنقلب عزته وافتخاره الى انغلاق ثقافي يصعب معه التعرف على الآخر والاستفادة منه.
وقلل د. محمد الأحيدب من تأثير المصطلحات العلمية الأجنبية أو غيرها على لغتنا العربية موضحا بأن لغتنا لا نحفظها نحن ولكن الله يحفظها لأنها اللغة التي شرفها بأن تكون لغة لكتابه الكريم فقد قال تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له حافظون}..
ولا شك أن حفظ الذكر حفظ للغة العربية، ولعل هذا هو السبب وراء احتفاظ اللغة العربية بقوتها ووحدتها اللغوية وعدم انقسامها إلى لغات مختلفة كما هي الحال مع الكثير من اللغات مثل اللغة اللاتينية التي انقسمت الى لغات قومية مختلفة، فالحمد لله الذي ضمن لهذه الأمة العربية بقاء لغتها التي تعتبر رمزاً لوحدتها وقوتها، ولذلك فالمهمة أمامنا يسيرة في مجال تعريب العلوم والمصطلحات اذا ما خلصت النية ووفرت الجهود والأموال.
وحول استخدام المصطلحات الأجنبية في حديثنا العادي وبشكل مفرط يرى د. الأحيدب بأن ذلك مقزز ومثير للاشمئزاز لأنه لا داعي له، ولا يفعله الا جاهل اراد ان يفاخر باللغة الأجنبية وهو شعور بالنقص والانبهار امام الحضارة الغربية وأجد نفسي في كثير من الأحيان مشفقا على بعض الناس الذين يرددون في أحاديثهم ألفاظا أجنبية ويعقبون ذلك بأنهم لا يعرفون المقابل العربي والحقيقة أنهم كاذبون فقد تعمدوا استخدام اللفظ الأجنبي بل ان الأمر قد يتعدى ذلك لأنهم يفكرون باللغة الأجنبية بدلا من العربية ولعل هذا سبب في تخبطهم، صحيح ان هناك بعض العرب الذين ولدوا ونشأوا في الغرب وتجد لغتهم العربية ضعيفة وتعد لغتهم الأجنبية هي الأم ولكن هؤلاء قلة وقد نتلمس لهم العذر في البداية ولكن لابد لهم من تعريب ألسنتهم ونبذ ما فيها من رطانة غير مقبولة، ولا شك ان المسؤولية في أمر هؤلاء القلة ترجع الى أسرهم التي شجعتهم على الحديث باللغة الأجنبية حتى داخل بيوتهم مما نتج عنه اكتساب هؤلاء للغة الأجنبية بوصفها لغتهم الأم، ولكن عند عودة هذه الأسر الى أوطانها العربية أدركت حجم المشكلة التي أوقعت اولادها فيها وبدأوا معهم عملية طويلة من التعريب الذي لن يكون كاملا  100في المائة مع أولادهم خاصة اذا كان هؤلاء الأولاد قد تقدمت بهم العمر ورسخت اللغة الأجنبية في أدمغتهم وطريقة تفكيرهم وتعبيرهم.
واوصى د. محمد الأحيدب في ختام مشاركته ان تمنع الحكومات العربية استخدام الكلمات الأجنبية في المحلات والمتاجر وما شابهها وان تفعل مكتب تنسيق التعريب التابع لجامعة الدول العربية بحيث يستفاد من اعماله وابحاثه في مجال تعريب المصطلحات العلمية.
وأن يتم الاهتمام بطرق تعليم اللغة العربية، لأبنائنا الذين يعانون من هبوط حاد في مستوى اتقانهم للغتهم العربية فما زالت طرق تعليمنا للغة العربية في مدارسنا الابتدائية والمتوسطة والثانوية تقوم على التلقين والحفظ بدون الاهتمام بتنمية المهارات اللغوية المختلفة من استماع ومحادثة وقراءة وكتابة ومازلنا ننظر الى لغتنا المحلية على أنها عربية وهذا غير صحيح لأن ما نحكيه لغة عامية تختلف في كثير من مفرداتها وتراكيبها عن اللغة الفصحى التي تعد بالنسبة لنا لغة ثانية يجب ان نتقنها ونتعلمها على أصول علمية تضمن لأبنائنا اتقانها والتفوق فيها، وهذا أمر لازالت الجهات المسؤولة عن التعليم العام في بلادنا مقصرة فيه ولم تعطه من الاهتمام ما يجب، وان تهتم وسائل الاعلام والجهات التي تمولها حكومية كانت أم أهلية بدعم اللغة العربية الفصحى في اعمالها ولعل انتاج افلام باللغة الفصحى أنجع طريق لدعم لغتنا الفصحى كما ان اهتمام باقي الوسائل الاعلامية الأخرى المقروءة والمسموعة بحسن استخدام اللغة العربية الفصيحة سيساهم بشكل كبير في ترسيخ استخدام لغتنا العربية وأجد ما تفعله الدول الاوروبية وغيرها من الدول في مجال جعل الأفلام الأجنبية ناطقة بلغتهم امرا مهما يجب الاقتداء به فمحطات التلفزة العربية لا زالت تعرض الأفلام الأجنبية كما هي وتكتفي بترجمة مكتوبة لها.

الانجليزية أصبحت عثرة أمام توظيف أبناء الوطن
من جانبها أكدت الأستاذة فادية آل عبدالواحد الاخصائية الاجتماعية في مستشفى الملك خالد الجامعي ان هناك عدة مؤثرات ادت الى استخدام المصطلحات الأجنبية منها الابتعاث للخارج وبالتالي الكوادر الموجودة هي كوادر أخذت العلم باللغة الانجليزية وبالتالي اثر ذلك في تكوين مصطلحات الحوارات وكثرة معاهد اللغات التي تروج الى تعلم اللغة الانجليزية وانخراط اعداد كبيرة من الدارسين وبالتالي اصبح الجميع يجد اهمية تعلم اللغة كما ان جعل اللغة الانجليزية شرطا من الشروط الرئيسة سواء في التوظيف او الدراسات العليا للأسف وهذه اعتقد عثرة امام توظيف ابناء الوطن.
اضافة الى دخول بعض وسائل الاتصال التي تعتمد على اللغة الانجليزية  مثل الانترنت وبعض القنوات الفضائية وبالتالي تعود المتعاملين معه على المصطلحات وبالتالي تحولها الى حوار يومي وهناك ايضا السفر للخارج بكثرة مما يجعل اتقان اللغة الانجليزية ضرورة ويتحول بالتالي الى حوار مطلوب لاستخدامه عند السفر ومن المؤثرات المهمة هناك المظهر الاجتماعي يمكن ان لا يكتمل لدى البعض الا بالحديث باللغة الانجليزية وبالتالي يحرص هؤلاء على اثبات هذا التطور الحضاري المزعوم خلال حواراتهم.
وتحذر فادية آ ل عبدالواحد من استخدام اللغة الانجليزية بشكل مفرط مما يجعل اللغة العربية في وضع خطر بعد فقدنا الكثير من مصطلحاتها ودلالاتها ونفقد بالتالي هويتنا ويتبع ذلك فقدان أحد أساسات ثقافتنا العربية ولغتنا الأم لغة القرآن الكريم مورثنا الذي يجب ان نعتز به ونحرص عليه دوما على أن لايخدشه شيئ .

خليط من العربية والأجنبية
الدكتور ابراهيم الشمسان عضو هيئة التدريس بقسم اللغة العربية بجامعة الملك سعود بالرياض يقول في مداخلته:
حين ينال الضعف من أمة ينال مظاهرها ويورث الوهن في خصائصها ترى الأمر واضحا كل الوضوح في أمتنا العربية التي نالت الازدواجية اللغوية منها مقتلا.
لا تكاد تستمع الى متحدث او تحاور مثقفا أو تناقش متعلما الا استمعت من لغته ما يبعث على الغثاثة مماتعافه نفسك وتوشك لولا الحياء ان تزور عنه، فلست تسمع منهم الا خليطا من العربية والأجنبية حتى ترى المتحدث يزاوج بينهما دون حياء أو اكتراث بل صار هذا امرا طبيعيا يصدمك به الصغير قبل الكبير واصبح للألفاظ الأجنبية من الإلف والمحبة ما جعلها اوقع في الآذان حتى رأيت من ينادي بأفضلية لفظ (الكمبيوتر) على الحاسوب و(الموبايل) على الجوال وأنت تجيل طرفك في شوارعنافتقتحمك اسماء لوحات الاعلانات وأسماء المحلات التجارية فاذا أنت تأملتها وجدت منها ماهو أجنبي اللغة غير انه كتب بحروف عربية ومنها ما زاوج بين لفظين أحدهما عربي وآخر أجنبي ومنها ما تأثر بلهجة عربية هبطت من سماء الفضائيات فلاكتها الألسنة ورفعتها اللوحات مثل (إلك).
ويضيف د. الشمسان: قبيل الثورة العربية حاولت الدولة العثمانية ان تترك (تجعله تركياً) العالم العربي فحالت دون تعليم العربية من جهة وعملت على نشر اللغة التركية من جهة أخرى ولعل هذا من بين العوامل التي أدت الى الثورة العربية والتحالف مع الدول الاوروبية التي ما ان نالت من العرب وطرها حتى قلبت لهم ظهر المجن فتقاسمت ارضهم وعملت على نشر لغاتهم فيهم امدا من الدهر وخرج العرب بعد سلسلة من الصراع مع المستعمر دويلات متفرقة ومازالت كذلك الى يومنا الحاضر.
وارتبطت العربية في أذهان اهلها بعهد عصور الانحطاط وتتابع التردي الحضاري والاجتماعي بهذا التخلف حتى توهموا ان البقاء عليها بقاء في غيابة التخلف والتمسك بها نكوص الى الماضي واحجام عن التمدن والتحضر.
وانك ان تأملت من تلوك ألسنتهم عربية مازجتها بلغة أجنبية انهم ليسوا سواء فمنهم من كان طريق تعلمه البعثة الى البلاد الأجنبية فتشكلت معارفه بلغة غير عربية وصارت مهاراته منطلقها تلك اللغة الأجنبية التي لا يحسن التفكير إلا بها ولا يحسن التعبير الا بها، فلما عاد الى أرض قومه واجه مجتمعه واقتضاه الأمر أن يتحدث لغة مجتمعه الذي اليه ينتمي ومن أجله كان طلبه العلم فحاول ما وسعته الحيلةأن يعبر عن نفسه بلغة عربية ولكن فكره الى الأجنبية نزاع وأفكاره اسرى مصطلحاتها فأنت تراه متى حزبه الأمر واشتد به المقام فزع الى تلك اللغة يستنجد بها لأنه لا يعرف سواها يفي بأغراضه ويؤدي عنه ما أراد من المعنى وثمة طائفة أخرى لم تعرف الابتعاث ولكنها شدت شيئا من اللغة الأجنبية في البلاد ورأت أن المتحدثين اللغة الأجنبية لهم من الألق ما يبهرهم ولهم من التقدمة ما يثيرهم وارتبط تعلم الأجنبية بمستوى من الثقافة المتميزة من أجل ذلك تراهم يتكلفون دس كلمات في سياق أحاديثهم ويقحمون المصطلحات بفجاجة في ثنايا خطابهم ولم يسلم الكتاب من هذه الآفة اذ شهدنا نفرا من علماء اللغة والأدب الذين قدموا من الغرب يؤلفون الكتب والأبحاث ويستخدمون مصطلحات أجنبية وهم إن عربوها حرصوا على اردافها بالمصطلح الأجنبي اشعارا بمقصدهم وتنبيها على ما يريدون من مصطلح معرب ثم رأى بعض الجهلة من الباحثين صنيعهم فظنوا ان اقحكام الكلمات الأجنبية بخطها الأجنبي لازمة من لوازم الأبحاث الرصينة فتراهم يطرزون كتبهم العربية شكلا ومضمونا بترجمات للمصطلحات العربية من ذلك نحوي كتب كتابا في النحو العربي فراح يترجم أبواب النحو فرأيته أمام باب (كان وأخواتها) يكتب
KANA AND HER SISTERS
وقد ملأ كتابه بمثل هذا:
وحين أفاء الله على هذه البلاد بخيرات أرضها توافدت عليها حشود من الأجانب الذين وجدوا أنفسهم مضطرين لمخاطبة أهل البلاد فتراهم يرتضخون عربية مكسرة يجبرونها بما ثقفوه من لغات أجنبية وراح أهل البلاد يخاطبونهم بمثل خطابهم فعم الفساد وزاد البلاء.
إن اسوأ ما يمكن ان تصاب به خصوصيات أمة ان تفقد غيرة ابنائها، وهذه حال العربية اليوم فهي واقعةبين كاره لها لأنه يستصعبها وتارك لها لانه لا يحس الانتماء لها ولا يعنيه من أمرها شيء.
وما استخدام الكلمات الأجنبية من مصطلحات وغير مصطلحات الا نخر في عظم العربية وتشويه لهوية الأمة.
وان من الجهالة  التي ليس فوقها جهالة ان يتوهم متوهم ان ليس من واجبه الدفاع عن العربية وان هذه اللغة انما هي ملك لعلماء اللغة والأدباء والمشتغلين بعلوم الفقه والعقيدة والشريعة وان من الامور التي لا ينتهي منها العجب انك تراه لا يأبه للخطأ بلغته ان ادركه ولكنه يتحسر لخطأ ارتكبه باللغة الأجنبية.
ولسائل ان يسأل ما الذي مكن للغة الأجنبية حتى صارت تزاحم العربية وتشاركها في ألسنة اهلها وأول ما يخطر على البال التعليم باللغة الأجنبية وهو تعليم يضرب بجرانه على جامعاتنا وهو امر طالما ألححنا في الكتابة بشأنه ولكن المدافعين عنه لهم من السطوة ما يفل اسلحة دعاة العربية وهم يحتجون بحجج باطلة وعلل أوهن من بيت العنكبوت من مثل ان العربية غير قادرة بمصطلحاتها على الوفاء بمقتضيات التعليم وانها لحجة مدحوضة بما نشهده من امر اللغات الأخرى، فهذه اللغة العبرية نشرها اليهود من قبرها حتى صارت لغة علم وثقافة فما يعيب العربية وهي التي استمدت العبرية منها نحوها وصرفها أو لم تكن العربية لغة الطب والفلسفة والبصريات؟
وإن مما مكن للأجنبية في بلادنا جعلها لغة مستشفياتنا ومطاراتنا وشركاتنا وبنوكنا، أليس من العجيب ان تعمد شركة (ارامكو) الى انشاء وحدتين للترجمة فيها لأنها لا تخاطب احدا الا بالعربية وتترجم الخطابات العربية الى الانجليزية؟ أقول أليس عجيبا هذا في حين لا تأبه لفعل ما ذكرناه من شركات أو بنوك او مشاف أو فنادق.
وان الانسان أسير لعاداته فمتى تعود لفظا جرى على لسانه دون شعور بخطئه اصبحت (O.K) لازمة من لوازم الحديث نتلفظ بها دون شعور منا بما نفعل، انها جملة من العادات السيئة التي ينبغي للمجتمع ان يكون صادق النية في تطهير نفسه منها ولكن أين مني المهتم والغيور والمشفق على مصير أمته.
ومن اسباب تمكين الأجنبية ما ذكره المهندس محمد الخميس المتخصص بالحواسيب وعلومها وهو رجل لم تصرفه ثقافته الأجنبية واتقانه الانجليزية عن الوفاء للغته قرأت له مقالا رائعا يحمل فيه على الشركات التي تشترط في التوظيف اتقان اللغة الانجليزية وان يكن مجال عملها ومعظم وظائفها بعيدا كل البعد عن تلك اللغة. وما ايسر ان يعين من يترجم له ما يحتاج فيه الى لغة أجنبية.
قد يجادل مجادل بان اللغة الأجنبية حاجة ماسة فأقول نعم ليس في هذا نزاع، انما النزاع في كيف يكون مأخذ الأهمية وكيف يكون الوفاء بمقتضاه انها مسألة كيفيات، لا أمنع الأجنبية ولكني امنع سيطرتها ومنازعتها لغة الأمة وتنحيتها الى مجالات ضيقة ليست مجالات حياة الناس وميدان اضطرابهم، وهو أمر سيجعل العربية نافلة إن لم تكن الآن نافلة.
فكيف السبيل إلى تنقية لغة الخطاب من هذه الهجنة واقامة ما في الألسنة من اعوجاج؟والسؤال مهم والجواب صعب فهو قدر أمة برمتها فان لم تتضافر الجهود في هذا السبيل لن نصل الى شيء من مرادنا، الواجب جمعي وهو فرض عين على كل فرد.
فعلى امام المسجد ان ينبه في خطبه إلى أن اقامة لغة القرآن واجب ديني، وعلى المربي أن يزرع في ذهن المتلقي حب لغته ويقوي شخصيته ويعوده الاعتزاز الصحيح المبني على الحقائق، وعلى التعليم العالي ان يجد في تعريب العلوم وان تكلف الشركات والمؤسسات والبنوك والمشافي باعتماد العربية لغة تخاطب ومعاملات، اما العاملون الأجانب فيمكن ان تعقد لهم دورات تعليم للعربية وأحسبهم اليها سيوفضون، قد أقول من الأمور ماهي احلام اوكالأحلام ولكن ليس على الله بعزيز، وان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وان الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.


الرياض

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية