|
|
اللغة العربية أم مكلومة
د. زياد بن علي بن حامد الحارثي
لم يخطر في ذهن أي إنسان أن تكون أمه مكلومة دون علمه ، بل وتعاني الأمراض والعلاّت بسبب إهماله ، فكم صبرت وتحملت من أجل فلذت كبدها ، لقد تحملت الحر والقر ، فهذا ينهرها وذاك يطردها ، والأعداء وضعاف النفوس يتربصون بها ، بل إن عقوق أولادها يتزايد كل يوم ، يالصبرها وشدة تحملها ! فأقول لها اصبري وصابري فقريباً تنكشف الغمة ويأتي فرج من رب رحيم ، وإني لأقدر جهود بعض المناضلين عنها وأرفع لهم راية الشكر والاعتزاز والتبجيل ، لأنهم ممن ضمدوا جراحها ، وعززوا مكانتها ، وما زالوا يدافعون وينافحون عنها بكل عزم وصدق ، فياليت كل عربي ومسلم غيور أن ينهج نهجهم ، ويدافع بقدر ما يستطيع ، فهذا حال الدنيا وتقلبها بأهلها : دار متى ما أضحكتْ في يومها أبكت غداً قبحاً لها من دار ، فيوم لكِ ، ويوم عليكِ ، ولكن لابد من يوم تتساوى فيه كل الموازين ، ليحق الله الحق ويبطل الباطل ، فتقتص هذه الأم من أعدائها و أبنائها العاقين بها ، أحبتي : ارحموا ضعفها فكم سهرت وتعبت من أجلكم ، بل وكم ظلت صامدة عبر التاريخ العريق الذي يشهد بكيانها ومكانتها وركنها الذي لا يرام ، أتدرون ما هي ؟! إنها اللغة العربية الأصيلة الأبية ، لغة القرآن الكريم ، وإني لأعجب من بعض أبنائها ممن يتشدقون باللغات الأجنبية تكبراً وتفاخراً ، ليتنصل من أصله ، ويلبس ثياباً غير ثيابه ، فاللغة باقية صامدة ما بقيت السموات والأرض ، ولكن أنتم أيها الضعفاء ، سيأتي يوم وتحاسبون على عقوقكم ، فمما يحزنني أن هناك من أهل اللغة ممن يدعو إلى التغريب بكل حماس ، معتبراً اللغة العربية لغة قديمة لا تفيء بمتطلبات الحياة العصرية ، وإني لأحزن على هذه الزمرة لقلة حيلتها ، وقصور فهمها ، وعدم مقاومتها لتلك اللغة الشامخة ، فأنتم لم ولن تفهموا مداركها ، ولم تستلذوا بما فيها من سحر وجمال أخاذ ، فاللغة كالمعدن الثمين كلما حركته زاد بريقه وغلا ثمنه ، أمنا الغالية ، لا تحزني فمكانتكِ في قلبوبنا عظيمة ، وأبشرك أن من أبنائك من يدافع عنك ، أخيراً أيها الأم أبشرك بانتصار قريب ، فمكانتك ثابتة راسخة عالية رغم كيد الكائدين ، وحقد الحاسدين .
|
|
|
|
|