|
|

دعوة إلى التعريب
أ. هبة الله محمد الحسانين ابراهيم الديب
ان التاريخ يعيد نفسه.. كما هى الأيام دول
فإذا نظرنا إلى الماضى نظرنا لنتعلم ونتدبر ونحاول قراءة المستقبل... كيفية النجاح فيه وتفادى سلبيات لعل من قبلنا وقعوا فيها.. أو تفادوها
لنسأل أنفسنا ماسر بقاء العربية لغة حية متجددة منذ هذا القدم؟؟؟؟
اولا.. نرى ذالك السبب الدينى وراء هذا البقاء والتجدد.. وهو نزول القرءان الكريم باللغة العربية... فصيحا بليغا.. فالمسلمون فى كل العالم يسعون لتعلمه وحفظه بلغته حتى يستقوا من فيضه ويتعلموا من بلاغته ويحاولوا ان يرتقوا إلى اسلوبه ... فالقرءان الكريم حافظ على لغته بهذين الأمرين: فصاحته التى لا ترقى إليها ترجمة لأى لغة أخرى .. وبالدعوة إلى حفظه وتدبره.. وهو ما لا يكون من خلال ترجمة
ولننظر إلى نقطة أهم : فإن الإسلام لما جاء لم يهتم بشئون الآخرة فقط أو العبادات .. بل انه منهج حياة بكل معنى الكلمة... فالشئون الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ... وغيرها... كل مايخص حياة الانسان فردا ومجتمعا جاء شارحا لها ضابطا لقواعدها ... كل هذا إنما كان من خلال القرءان الكريم والحديث الشريف على صاحبه أفضل الصلاة والسلام... فازدهرت العربية وقعدت العلوم لها لإيضاح واستنباط الاحكام والشرع... فالعلوم قامت فى فلك القرءان الكريم والسنة النبوية الشريفة ... وتأثرت بهما تأثيرا مباشرا أو غير مباشر... وهذا مما امتازت به العربية عما سواها من اللغات ...
فأى لغة لها أمة بحجم الأمة العربية مازالت تتحدث وتتعبد بها ... وأى لغة ألفت فيها ولها العلوم والآداب مثل العربية!!
وهذا مانراه مزية للمسلمين .. فأى ديانة لا يلتزم فيها معتنقيها باللغة الأصيلة للكتاب بل يوجد قلة قليلة ممن ممن ما زالوا يقرأون كتبهم بلغتها الاصيله... وهذا ما أدى إلى اختفاء بعض هذه اللغات أو ضعفها وعدم تجددها وتجمدها.
ثانيا : - وهو ما أشير إليه فى هذا المقام – اتخذ المسلمون الأوائل فى العصر الأموى والعباسى تدابير للحفاظ على اللغة العربية ... إما افتخارا بعروبتهم واسلامهم واما توطيدا لحكمهم.. وفى كلاهما فائدة للغة العربية على حد سواء... ونذكر منه – لا على سبيل الحصر –
ما فعله المسلمون الأوائل من محافظة عليها بتشجيع الكتاب والأدباء والعلماء.. .. كم أن الخلفاء قربوا العلماء والأدباء والشعراء من مجلسهم...
والأهم أن صيروا الدواوين بالعربية وجعلوا جميع المخاطبات بالعربية ...كما اهتموا بالترجمة .. فترجموا العلوم والفنون من لغاتها الاصلية إلى اللغة العربية ... داعين إلى اتقان العربية وتعلمها وتشجيعا على الإبداع والتعلم ممن سبقهم... ودعوا إلى تطوير هذه العلوم والآداب التى ترجمت من الثقافات المختلفة ... فكان من الخلفاء من يعطى المترجم وزن كتاب ترجمه ذهبا ..وغيره... وفى كل هذا تشجيعا على الإبداع فى اللغة وتنميتها والحفاظ عليها ... فانتشرت العربية انتشارا مختلفا ..وصار الإبداع والكد فى تعلمها عظيما .
ولنأخذ على ذالك مثالا _ من كتاب تاريخ العرب لجورجى زيدان _ :
ان القوط أو قبائل الجرمان سطوا على مملكة الروم من الشمال كما سطا عليها العرب من الجنوب وكلاهما أهل بادية و حرب.امتلك القوط ايطاليا فى القرن الخامس فتركوا أهلها الروم على ما كانوا عليه من آدابهم وعلومهم وظلوا هم على بداوتهم وحبهم للحرب واستخدموا الوطنين فى تدبير حكومتهم .. كما فعل العرب فى أوائل دولتهم.
لكن القوط لما تحضروا حملوا علماء الرومان على التأليف فألفوا لهم الكتب باللاتينية لا بالقوطية .. فذ هبت هذه اللغة وبقيت لغة الروم بما صارت إليه من الفروع ... أما العرب فإنهم حالما استتبت لهم السيادة جعلوا الدواوين بالعربية وحملوا رعاياهم على مكاتبتهم بالعربية .. ولما أرادوا نشر العلم كلفوا رعاياهم نقل تلك العلوم إلى العربية فذهبت لغات الأمم التى كانت تحت سلطانهم وبقيت العربية ...
.... فهذه خطوة نرسمها معا لمقاومة هذا الاحتلال الذى سبق أن تحدثنا عنه .. فلنتعلم الطب وغيره من العلوم بلغتنا العربية ... فلنؤثرها على غيرها من اللغات احتسابا لله – عز و جل – وخدمة للدين واللغة .. واعتزازا لهويتنا الإسلامية والعربية .
|
|
|
|
|