للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي الحادي عشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

الهوية ولغة التعليم في البلاد العربية...كيف يمكن أن نوفق بين الدعوات المخلصة والقرارات المتناقضة؟

إسماعيل مروة

عنوان لافت هو (الهوية ولغة التعليم في البلاد العربية) قدّم فيه الأستاذ الدكتور محمود السيد عضو مجمع اللغة العربية خلاصة تجربته في التربية والتعليم والثقافة والسياسة، إذ يجنح الكتاب للحديث عن الهوية العربية من خلال اللغة وتعليمها، وقد أفاد الكاتب من خبرته ومشاركاته الكثيرة في المؤتمرات والمنتديات والملتقيات في أغلب البلدان العربية
وهو ما أشار إليه من مقدمته «كثيرة هي المؤتمرات والندوات التي شهدناها في العقود الثلاثة الأخيرة لبحث شؤون اللغة العربية وقضاياها، وكان من أهم تلك القضايا التي احتلت حيزاً كبيراً في تلك الندوات والمؤتمرات قضية لغة التعليم ولاسيما لغته في التعليم العالي».
 
ومن خلال خبرته العميقة والطويلة أدرك د. السيد أن الأمر ليس بهذه البساطة، فهو قومية وشخصية وهوية، وهو يعاكس أهواء الكثيرين، لذلك رأى من البداية أن الأمر يحتاج إلى خطة عمل مدعومة بقرار سياسي قبل كل شيء «وقد تضمنت الخطة المقترحة وجوب إصدار القرار السياسي الملزم لتعريب التعليم العالي أما كفانا إرجاء وتسويفاً، لوضع سياسة لغوية وتخطيط لغوي في ضوئها على المستويين القومي والوطني».
فنحن أمام معضلة كبيرة، ولا يمكن أن يتم حلها إلا من خلال تضافر الجهود، ولابد من دعم القرار السياسي لهذه الجهود لما تمثله اللغة من هوية وطنية وقومية تحتاج منا المزيد من الاهتمام:
«وترجع أهمية اللغة الأم لأي شخصية قومية إلى أمرين أساسيين أولهما أنها عنوان لملامح الشخصية الرئيسة التي يعرف بها بين الآخرين، وثانيهما أنها النافذة التي تطل فيها الشخصية على تاريخها وحضارتها وقيمها وثقافتها، ولهذا إذا تخلت أمة عن لغتها، أو سمحت للضعف أو العبث أن يشوه صورتها ويهز حقيقتها فإنها سائرة إلى الاضمحلال والزوال لا محالة».
وبعبارة سهلة ومختصرة ورشيقة يحاول الأستاذ الدكتور محمود السيد أن يشير إلى مواطن الخطورة فيما يهدد وجودنا إن أهملنا لغتنا، وميزة الطرح في هذا الكتاب أنه ليس كتاباً في اللغة والتشدد لها بقدر ما هو كتاب تشريحي لواقع اللغة وأهميتها وخطورتها على مستوى الوجود العربي ككل.
جاء الكتاب الصادر عن مجمع اللغة العربية بدمشق في خمسة أقسام:
المشكلة، العلاقة بين الهوية واللغة، واقع لغة التعليم في البلاد العربية، العربية في التعليم العالي بين التأييد والرفض والتريث، خطة مقترحة للارتقاء بالواقع.
كتاب غاية في الأهمية، ولا يحسن بنا أن نبقيه صرخة في واد، وخاصة أنه يصدر عن خبير لغوي وثقافي على مستوى الوطن العربي، وليس على المستوى المحلي، ولا يمكننا أن ندعي أنه خوف لغوي على لغته وحسب، وإنما هو خوف على اللغة والوجود والهوية، ويحسن بنا أن نقف عنده في أقسامه المتعددة وهو الذي يتحدث عن نجاح تجربة تعليم اللغة العربية والتعليم العالي من خلالها في سورية، ومع أن المؤلف الفاضل يفصّل طويلاً في هذا المجال، وقد لمس جميعنا أهمية هذه التجربة، لكنني أزعم أن تأكيده على هذا الموضوع وفي أكثر من دراسة وملتقى داخل سورية وخارجها نابع من إحساسه بأن هذه التجربة في خطر، وهناك من يحاول إجهاضها حتى على المستوى المحلي، ومن هنا وقف عند تيارات ثلاثة فيما يخص العربية، الأول يدعو للتعليم باللغة الإنكليزية، ويسوق مسوغاته، والثاني يدعو إلى التعليم باللغة العربية، ويسوق كذلك مسوغاته القائمة على الفخر بالأمة واللغة والماضي، إضافة إلى تشريح التجربة السورية ونتائجها، والبحث في السبل الكفيلة بزيادة الروابط بين المجتمع والجامعة، أما التيار الثالث، فهو الذي يدعو إلى التريث في تطبيق التجربة.
وفي هذا العرض المتقن يظهر الدكتور السيد الخطورة، فالتريث مشكلة تزيد من تراكم الأزمة، والتطبيق دون رؤية وخطة وقرار سياسي سيعطي نتائج تخالف المرجو منها، وكذلك فإن الرفض يشكل جبهة تزيد كل يوم، ومع مضي الوقت دون اتخاذ قرارات سليمة وسريعة وحاسمة تتلاشى التجربة واللغة والهوية!
لذلك يختم الدكتور السيد بنتيجة توفيقية، وهو يدرك أنها مخرومة في ظل ما نحياه من ترد في التعليم والمناهج على المستوى العربي:
«وإذا كانت دعوتنا إلى الاهتمام باللغة الأم، «العربية الفصيحة» وعدم التخلي عنها في العملية التعليمية التعلمية إلى جانب إتقان اللغات الأجنبية فإن دعوتنا بدهية ما دامت الأمم الحية تمسكت وتتمسك بلغتها الأم في نهضتها وارتقائها، إذ لم يعرف العالم نهضة أمة من الأمم بغير لغتها القومية».
يستلهم الدكتور السيد أقوال الشعراء والتربويين، ولكنه يقف عند الأهم وهو القرار السياسي، وهو يعلم أن مجمل القرارات المتراكمة في مؤسساتنا الأكاديمية تجنح لمصلحة اللغة الأجنبية على حساب العربية، فلا بأس ألا يجيد أستاذ الأدب العربي العربية الفصيحة، لكن عليه أن يتقن لغة أجنبية!!
ماذا عسانا نقول؟ وكيف يمكن أن نوفق بين الدعوات المخلصة والقرارات المناقضة؟ ندعو إلى اللغة الفصيحة العربية، وشرط اللغة الأجنبية يحرم الكثيرين ممن يستحقون من الدراسة والمتابعة والتخصص بسبب إيلاء الأجنبية أهمية أكثر من العربية في البلد الذي يفاخر بتعليم العربية ونجاح تجربته!
هل سمعت بمن سيدرس الفقه الإسلامي ونحو سيبويه وشعر ابن زيدون وما شابه، ولا يتمكن لأن القرارات الأكاديمية تحتاج إلى اللغة الأجنبية، ومن يتجاوز اللغة يصل ولو كان ربع باحث؟!
الأمر بحاجة إلى قرار سياسي حقاً، وإلى أشخاص مستوعبين لتطبيق القانون بعينين مفتوحتين وفق الحاجة.

الوطن

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية