للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  دعوة للمشاركة والحضور           المؤتمر الدولي العاشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

من جوامع الكلم

د. محمد حسان الطيان

    جوامع الكلم أحاديث نبوية قليلة الألفاظ كثيرة المعاني، يتجلى فيها الإيجاز في أروع صوره،  وهي من مفاخر نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم، إذ خُصَّ بها دون سواه من الأنبياء والمرسلين، بل من البشر أجمعين، وفي ذلك يقول بأبي هو وأمي:"أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي: كان كل نبي يبعث في قومه، وبعثت إلى كل أحمر وأسود، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طيبة وطهورا، ونصرت بالرعب بين يدي مسيرة شهر، وأوتيت جوامع الكلم".
وقد أولاها علماء البلاغة والبيان الكثير من العناية، فقال في وصفها أمير البيان أبوعثمان عمرو بن بحر الجاحظ:
     "وهو الكلام الذي قلّ عدد حروفه وكثر عدد معانيه، وجَلَّ عن الصَّنعة، ونُزِّه عن التكلف، وكان كما قال اللّه تبارك وتعالى: قل يا محمد: "وما أنا مِنَ المتَكلِّفين" (سورة ص:86).
وقال يونس بن حبيب:"ما جاءنا عن أحد من روائع الكلام ما جاءنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم"

 وسأورد فيما يأتي أثارة منها مشفوعة بتعليق يومئ باستحياء إلى شيء من مكنوناتها:
 
_"رفقاً بالقوارير" قاله لأنجشة، وكان يحدو بالنّساء .
وفي هذا الحديث ما يسميه علماء البلاغة استعارة تصريحية، حيث شبهت النساء بالقوارير لرقتهن والحذر من تعرضهن للكسر، وحذف المشبه وهو النساء وصرح بالمشبه به وهي القوارير. والمراد أن يبطئ أنجشة من إيقاع حدائه لتبطئ الإبل من سرعتها من أجل النساء اللاتي كانت على ظهورها، إذ هي لا تحتمل أن يسرع بها. وقد ذهب الحديث مثلا لكل نساء الدنيا في لطف المعاملة ورفق الحديث.

- "مثل المؤمن كالنحلة، لا تأكل إلا طيّباً، ولا تضع إلا طيبّاً" .
وهذا تشبيه طريف، يدعى بالتشبيه التمثيلي، إذ شبه المؤمن في حالي أخذه وعطائه..تعلمه وتعليمه..بيعه وشرائه....الخ بالنحلة في حالي رشفها لرحيق الأزهار وهي أجمل ما في الطبيعة وأزكى ما في الوجود، وإخراجها أطيب شراب للناس وهو العسل.. فيه شفاء للناس.

- "منهومان لا يشبعان، طالب العلم، وطالب المال" .
ما أجمله من تصوير، يجلو حقيقة طالب العلم، كما يجلو حقيقة طالب المال، فكلاهما منهوم، أي مقبل على حاجته إقبال الجائع النهم على طعامه، يمتلئ بطنه ولا تنتهي نفسه. وجاء في اللسان: والنَّهامة إفراط الشهوة في الطعام وأن لا تمتلئ عين الآكل ولا تشبع. ورجل منهوم بكذا أي مولع به.

-  "الظلم ظلمات يوم القيامة" .
فيه إيجاز سريع وجناس بديع. أما الإيجاز فيربط بين الظلم في الدنيا ومآله في الآخرة، إنه ويل وثبور وعذاب وعقاب وذل وهوان، وكل ذلك مشمول في كلمة ظلمات، إذ لك أن تتصور ما فيها من سوء المنقلب وبؤس المصير. وأما الجناس – وهومن النوع الناقص – فهو بين كلمتي الظلم والظلمات، وفيه مشاكلة عجيبة تربط بين العمل وعاقبته.
 
_"المسلم من سلم الناس من لسانه ويده" .
وما أروع تعميم السلامة على الناس جميعا وليس على المسلمين فحسب، إذ رسالة المسلم ليست مقصورة على إخوانه من المسلمين بل هو الرحمة المهداة لكل العالمين طيب معاملة وحسن خلق وجمال عشرة.

_ لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ" .
لاحظ هذا النفي الاستغراقي الذي عبرت عنه لا النافية للجنس، إنها تنفي الإيمان عمن فقد الأمانة، وتنفي الدين عمن فقد العهد أو أخلَّ به، والعهد كل ما عوهد اللهُ عليه، وكل ما بين العباد من المواثيق، قال تعالى: {وأوفو بالعهد إن العهد كان مسؤولا}.


    -  « دع ما يريبك   إلى ما لا يريبك »
    كلمة جامعة مانعة، يوجه فيها صلى الله عليه وسلم إلى وجوب ترك كل ما يشك المرء فيه، ووجوب الأخذ بما لا يشك المرء فيه، وقد عبر عن ذلك خير تعبير حرف الجر إلى، إذ جاء معبرا عن تجاوز الريبة إلى عدم الريبة، وكأنه القنطرة بين الشك واليقين، وبين التهمة والبراءة، وبين الترك والأخذ، وبين الشر والخير، وبين الريبة والطمأنينة. وثمة رواية أخرى للحديث تبين العلة من هذا الأمر، وهي قوله صلى الله عليه وسلم: فإن الشر ريبة والخير طمأنينة.

    - "ألا لا يمنعنَّ رجلاً هيبةُ الناس أن يقول بحقٍّ إذا علمه".
حثٌّ بليغ على وجوب الجهر بكلمة الحق، مهما كانت الأحوال، ودون أن يأخذ القائلَ في ذلك لومةُ لائم.

     - من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.
    دعوة إلى خلق نبيل من أخلاق الإسلام بأرشق عبارة وأخف إشارة، أما الخلق فهو عدم الفضول وحشر النفس في كل أمر لا يخصها أو يعنيها.



التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية