|
|
الكتاب المحكم
د. حسن إبراهيم الأفندي
لا أشك إطلاقا في أن القرآن الكريم كتاب أحكمت آياته وما يتسنى لبشر أن يجاريه , بل ولا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه , فهو منزل من خالق الكون الإله العليم , وما كان لبشر أن يجيد حبكة عمل دونما ثغرات أو نقد من الآخرين , بينما بقي ويبقى القرآن الكريم معجزة وإعجازا للإنس والجن على السواء , يكتشفون في كل قرن وفي كل عام وفي كل شهر وفي كل يوم جديدا منه , ولم تنضب معانيه بعد وظني أن تأويله وفهمه كما ينبغي لن يأتي إلا بعد قيام الساعة . تحدى بلغاء العرب وفصاحتهم فأعجز بلاغتهم وفصاحتهم , وأعتقد أن كل صاحب عقل يتدبر أو يحاول أن يسبر ما بالقرآن الكريم من إعجاز , لآمن به حتى وإن كان من قبل من الكافرين , ولكن شريطة الدراسة بحيادية وتجرد مبتعدا عن إخضاعه للفهم بقوانين ونواميس حياتنا الدنيوية فقط.
وما كان لبشر أن يعد وأن يحصي لطائف وبلاغة وعظمة القرآن الكريم ولكننا نسوق مثلين فقط , مع الوضع في الاعتبار , بأنه لا يوجد حرف زائد أو ناقص في الكتاب الكريم وأنه محكم تماما وكل آية منه تصلح أن تكون مثالا , ولكننا نجنح لتقديم ما هو واضح وبيّن وجلي لا لبس فيه ولا غموض .
نزلت أول سورة فيه ( اقرأ) وتضمنت الآية الكريمة ( إن إلى ربك الرجعى ) , بينما نزلت آخر آية في الكتاب ( واتقوا يوما تُرجعون فيه إلى الله , ثم تُوفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ) , ودونما شرح أو تعليق مني فهي حبكة لا تأتي من بشر وإنما من علي قدير .
ولو قرأت القرآن الكريم وتتبعت سيرة سيدنا موسى عليه السلام , حميمية العلاقة بينه وبين البحر , قتله لعدو أحد شيعته استنصره , خدمته لابنة شعيب عليه السلام , وقرأت سورة الكهف وما دار بينه وبين العبد الصالح , لوجدت ان ما دار بينهما غير بعيد عن هذه الأحداث , فقد ركبا البحر عندما خرق العبد الصالح السفينة , وقتل العبد الصالح الطفل لأبوين صالحين وبنى أيضا جدارا كاد أن يسقط خدمة لأيتام علهم يجدون كنزهم بعد أن يكبروا . وبتأمل بسيط بين هذه المواقف وتلك , لأدركت أن الأمر أكبر بكثير من عقل بشري محدود الأبعاد والتفكير والقدرة , وسبحان الله عما يشركون .
|
|
|
|
|