|
|
عودة إلى مسألة الأخطاء الشائعة في اللغة العربية
أ. إسَلمُو ولد سيدي أحمد
تحدثنا في مقال سابق، بعنوان: رأي في مسألة "الأخطاء الشائعة" في اللغة العربية، عن ضرورة التحري قبل إصدار الحكم في القضايا المتعلقة بهذا الموضوع، لأن ما يراه بعضُنا خطأً ربما يكون صواباً، ثم إنّ هناك مقولةً مُفادُها أنّ صوابَ اليوم خطأُ الأمس، وخطأُ اليوم صوابُ الغد. وبعبارة أخرى، نريد أن نقول إنَّ اللغة تتطوّر بتطوّر أهلها وتطور أساليب عيشهم وتعاملهم مع مُسْتَجِدّات العصر، والمطلوب هو مسايرة هذا التطوّر بكيفية تجعلنا نطوّر لغتنا ونجعلها مرآة للمجتمع تعكس، بواقعية، ما يجري داخله ، في مختلِف أنماط عيشه وفي تواصله مع العالم، دون أن تفقد لغتنا العربية خصائصها الجوهرية المرتبطة بتراثنا العربيّ التليد، لأن اللغة ليست أداةَ تواصل وحَسْب ولكنها –في الوقت نفسِه-وعاءٌ للفكر والثقافة والتراث، ورمزٌ للهُويَّة.
ونظراً إلى أنَّ اللغةَ العربية لغةٌ سَماعيةٌ قبل أن تكون قياسيةً، وبما أنَّ السماعَ يُرجَعُ فيه إلى كُتُب اللغة، لا إلى كُتُب النحو والصرف، فإننا ننصح القارئ الكريم بالاهتمام باللغة، والجمع بين الأصالة والمعاصرة. وتَقتضي الأصالة، الرجوع إلى التراث المدوَّن في أُمَّهات كتب اللغة، للاطلاع على ما جَرَى استعمالُه في زمن الاحتجاج، لأنّ الكلام ليس كله على درجة واحدة من الفصاحة، فمنه الأفصح، والفصيح، والقليل، والنادر، والشاذّ. وفي الوقت نفسه، تقتضي المعاصرة الانفتاح على الأساليب الجديدة، دون أن نتنكَّر لما استُعمِل في زمن الاحتجاج، وما جَرَى تَقْيِيسُه –بعد ذلك- في قواعد النحو والصرف التي لولاها لما صمدت لغتنا في وجه ما عرفته البشرية من اختلاط في الألسن وما ترتَّب على ذلك من تفشٍّ للحن.
ومن جهة أخرى، فإننا لا نريد أن نُضَيِّق على الكاتب أو المتحدِّث بحيث يَتَصوَّر أنّ اللغة العربية لغة معقَّدة وأنّه من الصعب التعامل معها والتحكم فيها. إننا نريد، باختصار شديد، أن نتجنب الخطأ الفاحش وأن نترفَّعَ عن الأسلوب الركيك، وأن نلتزم –قدر المستطاع- بالصحيح الفصيح.
ونورد في هذا السياق، أمثلة ممّا يرد في لغة الصِّحافة (العربية المعاصرة) مما لا نَسْتَسيغُه –دون أن نُخطّئه كلَّه– مع ملاحظة أن هذه الأمثلة سَجَّلْناها بصفة عشوائية، لأنها وليدةُ ما نسمعه أحياناً من أفواه الناس أو ما نطالعه في الصُّحُف. يُضاف إلى ذلك أننا لم نتوقّف عند شرح هذه الأمثلة لِنُبَيِّن الأحكام المتعلقة بجوانب الخطإ والصواب فيها، حتى لا يتضخّم الموضوعُ ونُصبح أمام مُؤَلَّف في اللغة والنحو والصرف.
الأمثلة:
استلم رسالة. الفصيح: تسلّم رسالة(يقال: استلَم الحاجُّ الحجرَ الأسودَ). بضاعة مُباعة. الصواب: بضاعة مَبِيعَة. عمل مُناط بفلان. الصواب: عمل مَنُوط بفلان. مُصاغ من كذا. الصواب: مَصُوغ من كذا(من الصياغة). مَعْفِي من الضرائب. الصواب: مُعْفًى من الضرائب. جَنَّ(بفتح الجيم) الرجلُ. الصواب: جُنَّ(بضم الجيم) أي أصابه الجنون. جَنَّ(بفتح الجيم): أخفى وستر. سوف لن يصل فلان غدا. الصواب: لن يصل فلان غدا(بحذف سوف). الخبر الغير صحيح. الفصيح: الخبر غير الصحيح. وقع في مأزَق(بفتح الزاي). الصواب: في مأزِق(بكسر الزاي). رَبَحَت(بفتح الباء) تجارته. الصواب ربِحَت(بكسر الباء). استأجر شُقة(بضم الشين). الفصيح: شَقة(بفتح الشين). الغُش(بضم الغين). الصواب: الغِش(بكسر الغين). الفَراسة(بفتح الفاء). الصواب: الفِراسة(بكسر الفاء). المَساحة(بفتح الميم). الفصيح: المِساحة(بكسر الميم). زرت أنحاءَ كثيرة من البلاد. الصواب: أنحاءً(لأنها غير ممنوعة من الصرف). رأيت أشياءً. الصواب: أشياءَ(هذه ممنوعة من الصرف، أي غير منونة). نَفَذَ صبرُه(بفتح الفاء وبالذال بدلا من الدال). الصواب: نَفِد صبره(بكسر الفاء وبالدال بدلا من الذال). هذا المشروع يُعَدّ الأولُ(بضم اللام). الصواب: يُعَدّ الأولَ(بفتح اللام). إنّ في هذه الإجراءات نوعٌ(بضمتين على العين) من البطء. الصواب: نوعًا(بكسرتين على العين). كان في هذه الإجراءات نوعًا(بفتحتين على العين) من البطء. الصواب: نوعٌ(بضمتين على العين). مَناخ(بفتح الميم). الفصيح: مُناخ(بضم الميم) إذا كان المقصود، الجو، وليس المكان الذي تُناخ فيه الإبل. وأنبه على أن منهجية مكتب تنسيق التعريب في اختيار المصطلحات ووضعها، تقتضي تفضيلة الكلمة العربية على الكلمة المعرّبة (التعريب: إدخال الكلمة الأجنبية بلفظها إلى اللغة العربية مع صبغها بصبغة عربية). مثال ذلك:
الْحَاسُوبُ، بدلا من: الْكُومبيُوتَرْ.
المِفْرَاسُ (السكانير)، بدلا من: السَّكَانِيرْ.
النَّاسُوخُ (الفاكس)، بدلا من: الْفاكْس.
الشَّابِكَةُ (الإنترنت)، بدلا من: الْإنْتَرْنَتْ.
التّقانَة (التكنولوجيا)، بدلا من: التّكْنُولوجيا.
ملحوظة:
المصطلحات الأربعة الأخيرة أَجَازَتْهَا مؤتمرات التعريب وأضفناها، هنا، للتعريف بها، ونقترح عند ورودها في نصّ أن يُوضع المصطلح الأجنبيّ بلفظه بين قوسين إلى أن يكتسب المصطلح العربيالشيوع أو يفشل في ذلك، فالجيِّد يَفرِض نفسَه. مع ملاحظة أن مصطلح "الحاسوب" أصبح شائعاً.
|
|
|
|
|