|
|
|
|
بين التشوه والإهمال والتمسك وإعلاء الشأن...اللغة العربية في يومها بيانات وأسئلة
تثير مناسبات الاحتفالات بأيام اللغة الأم واللغة العربية شهية الحديث دائماً عن المناسبة وعن الحدث الحامل، وعن مكانة اللغة العربية ومستقبلها وتكثر عادة الآراء والطروحات المناسباتية في يوم اللغة العربية الذي أولته عواصم عربية عدة شديد الأهمية حرصاً على اللغة العربية ومنها دمشق التي حافظت على العربية لغة في مناهج التعليم بكل مراحله وبذل مجمع اللغة العربية بدمشق على مدى عقود طويلة جهوداً مشهودة في إعلاء شأن اللغة وكذلك لجنة تمكين اللغة العربية.
المناسبة أيضاً تفتح الشهية للحديث عن مدى التشوه والإهمال الذي أصاب اللغة العربية على غير صعيد وفي غير مساحة على امتداد الناطقين بها، فراحت اللهجات العربية تأخذ نصيبها الكبير في الإعلام والدراما وفي لوحات الطرق وحتى في المدارس والجامعات وكل ذلك وأكثر على حساب العربية؛ الأمر الذي لم يرق لكثير من المتخصصين والمجمعيين والأساتذة والأكاديميين الغيورين على اللغة العربية وهنا يقول د. جورج جبور: إنه وجه رسالة في 27/3/2006 إلى أمين عام جامعة الدول العربية أشار فيها إلى أن مكانة اللغة العربية تتراجع في ساحة التنافس اللغوي العالمي وأنه من واجب القمة العربية الاهتمام بهذا الأمر، وقد لمس د. جبور اهتماماً على مستوى عال بعد ذلك التاريخ وعلى مستوى القمة باللغة العربية، وطالب د. جبور منذ سنوات بأن يكون «يوم التنزيل الشريف يوماً للغة العربية وقد ألف كتاباً يوضح فيه أسباب هذه المطالبة ويتحدث فيه عن اللغة العربية وعن مراسلات وطروحات مهمة تتعلق بالعربية لغةً وبيومها مناسبةً.
جسر العبور
مجمع اللغة العربية بدمشق ولجنة التمكين للغة العربية بمناسبتي الاحتفال بيوم اللغة الأم ويوم اللغة العربية أكدا أن لغتنا العربية التي هي واحدة من بين اللغات الست الكونية المعتمدة في الأمم المتحدة وما كان لها أن تتبوأ هذه المكانة لولا ما تتسم به من خصائص وميزات وإسهام في مسيرة الحضارة البشرية.
وأشار المجمع واللجنة في بيان لهما منذ يومين تلقت الوطن نسخة عنه بالقول إذا كانت المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم اليونيسكو قد حددت يوم الحادي والعشرين من شباط للاحتفال بيوم اللغة الأم ودعت الدول الأعضاء كافة إلى الاحتفاء بهذه اللغة الأم لكل منها حفاظاً على التعدد اللغوي والذاتية الثقافية على الصعيد العالمي فإن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الألكسو قد حددت الأول من آذار موعداً للاحتفاء بيوم اللغة العربية على أنها اللغة الموحدة على الصعيد العربي وهي الوطن الروحي لأبناء الأمة العربية ورمز كيانهم القومي ولغة قرآنهم الكريم وعنوان هويتهم وجسرها للعبور من الماضي إلى الحاضر ومن الحاضر إلى المستقبل ومعقلها الحصين للذود عن وحدتهم والحفاظ على انتمائهم وما كان الانتماء إلا صفة أصيلة للهوية ذلك لأن الانتماء الصريح يبرز الهوية الكامنة في النفوس وإذا تلاشت الهوية تلاشى الانتماء وما كانت هويتنا العربية إلا انتماءً إلى لغتنا العربية وقرآننا العربي وتاريخنا العربي وأرضنا العربية وشعبنا العربي.
«الحارس الأمين»
ورأى البيان أن مجمع اللغة العربية بدمشق لم يكن إلا «حارساً أميناً» على هوية أمتنا متمثلة في لغتها العربية حافظ على نظامها وأبنيتها وأحيي من تاريخها ثمرات عقول أبنائها الغر الميامين وحال دون الرطانات الأجنبية واستشراء اللهجات المحلية وأسهم في إنجاز البحوث والدراسات وعقد المؤتمرات الخاصة باللغة العربية ولبى حاجات ميادين المعرفة إلى المصطلحات الجديدة في عصر التدفق المعرفي مواكبة لروح العصر وتأصيلاً للثقافة العربية وإغناءً لها.
وأكد البيان أن المجمع خلال مسيرته سيبقى المرجعية العليا لشؤون اللغة العربية وها هي ذي مؤلفات أعضائه ومنشوراته تدل على جمعه بين الأصالة والمعاصرة كما تدل على حرصه العميق على سيرورة اللغة العربية وانتشارها سليمة على الألسنة والأقلام.
وأشار البيان إلى أن لجنة التمكين للغة العربية لم تكن إلا معززةً ومكملة للجهود المجمعية في مجالات عملها وذلك بعد أن وضعت خطة عمل وطنية لتمكين اللغة العربية رمت من خلالها إلى تحميل جميع قطاعات المجتمع تربية وإعلاما وثقافة وإدارة واقتصاداً وتواصلاً المسؤولية في النهوض باللغة العربية والارتقاء بها لولوج مجتمع المعرفة تكاملاً للجهود وتنسيقاً بين المعنيين وحرصاً من أبناء الأمة كافة على الحفاظ على وطنهم الروحي متمثلاً في لغتهم ذاكرة أمتهم وموحدة شملهم فكراً ونزوعاً ومشاعر وأداء.
اختلال المعايير واهتزاز الثوابت
وأكد البيان أن لجنة التمكين ما زالت تتابع جهودها في تعزيز اللغة الفصيحة والحؤول دون التلوث اللغوي بيد أن كلاً من مجمع اللغة العربية ولجنة التمكين يدرك في الوقت نفسه أن ثمة تحديات كبيرة تواجهها لغتنا العربية إن على الصعيد الخارجي أو على الصعيد الداخلي في عصرنا الذي اختلت فيه المعايير واهتزت فيه الثوابت ما يلقي على كاهل مجتمعنا مسؤوليات كبيرة في مضاعفة جهوده بغية التصدي للمحاولات التي تروم النيل من هوية أمتنا ومحو ذاتيتها الثقافية وإحلال اللغات الأجنبية مكانها في شؤون الحياة وهذا ما نلاحظه على نطاق الساحتين المغربية ودول الخليج العربي.
وشدد البيان في الختام على أن الدعوة إلى الحفاظ على اللغة العربية وصونها لا تحول دون الدعوة إلى إتقان اللغات الأجنبية أن هذا لم يكن في مسيرة حياة أمتنا ولن يكون ذلك لأن في إتقان اللغات الأجنبية إغناء لثقافتنا العربية وذخيرتنا الثقافية على أن تظل لغتنا الأم العربية الفصيحة في المكانة الجديرة بها سيادةً على الأرض العربية ورمزا لهوية الأمة وطابعها المميز وكل ما نأمله أن يكون أبناؤها جديرين بها وبارين ولأهميتها واعين وبنظامها وجمالها وسحرها متمسكين وعلى النهل من ينابيع الثقافات الأخرى ولغاتها بغية إغناء ثقافتهم عاملين.
اللغات الحية وسكان الأرض
منظمة الثقافة والتربية والعلوم- اليونسكو- التابعة للأمم المتحدة تحتفل منذ ثلاثة عشر عاما باليوم العالمي للغة الأم بـ«هدف إبراز أهمية التنوع اللغوي في العالم، في عصر هيمنت فيه ظاهرة العولمة».
ومع سيطرة العولمة والفضاء الالكتروني تواجه الشعوب -حسب اليونسكو- تحديات كبيرة في سعيها للحفاظ على هويتها، وحماية مقومات تلك الهوية، ومن أبرزها اللغة.
وتبذل المنظمة جهودا مضنية لتعزيز التعايش بين 7000 لغة حية يستخدمها سكان الكرة الأرضية.
ومن أجل تحقيق هذا الهدف خصصت اليونسكو يوما كل عام تلفت فيه الانتباه إلى دور اللغات جميعها في نقل المعرفة وتعددها.
الجمعية العامة للأمم المتحدة، أهابت في قرارها لها بالدول الأعضاء «التشجيع على المحافظة على جميع اللغات التي تستخدمها شعوب العالم وحمايتها».
التراث والتقاليد اللغوية
وترى اليونسكو أن اللغات هي «الأدوات الأقوى التي تحفظ وتطور تراثنا الملموس وغير الملموس. لن تساعد فقط جميع التحركات الرامية إلى تعزيز نشر الألسن الأم على تشجيع التعدد اللغوي وثقافة تعدد اللغات، وإنما ستشجع أيضاً على تطوير وعي أكمل للتقاليد اللغوية والثقافية في كل أنحاء العالم كما ستساعد على تحقيق التضامن المبني على التفاهم والتسامح والحوار».
منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم «اليونسكو» احتفلت بذكرى اليوم العالمي للغة الأم 2014 تحت شعار «اللغات المحلية من أجل المواطنة العالمية: التركيز على العلوم».
المدير العام لليونسكو إيرينا بوكوفا في رسالة لها بهذه المناسبة قالت إنه منذ 14 عاما تحتفل اليونسكو وشركاؤها باليوم الدولي للغة الأم، إذ تنظم في مختلف أنحاء العالم أنشطة ومؤتمرات من أجل مساعدة كل فرد على استكشاف أهمية التنوع اللغوى وتعدد اللغات.
وتعتبر حماية اللغات الأم وتعزيزها شيئاً أساسياً في تحقيق المواطنة العالمية والتفاهم الحقيقي.. فالقدرة على فهم عدة لغات والتحدث بها يؤديان إلى فهم أفضل لغنى التفاعلات الثقافية في عالمنا.
التقارب بين الشعوب
وأشارت «بوكوفا» في رسالتها إلى أن اليونسكو تبذل قصارى جهدها من أجل المساهمة في تحقيق التعايش المنسجم لسبعة آلاف لغة تتحدثها الإنسانية.. «نشدد هذه السنة بوجه خاص على موضوع «اللغات المحلية من أجل المواطنة العالمية: التركيز على العلوم»، مبينين مدى أهمية دور اللغات في تأمين الانتفاع بالمعارف وتناقلها وتعدديتها».
ورأت «بوكوفا» أن التقارب بين الشعوب في القرية العالمية يزيد من ضرورة العمل على فهم الثقافات وتنمية الحوار بينها.. والقاعدة السائدة اليوم في العالم هي استخدام 3 لغات على الأقل: لغة محلية، ولغة تستخدم في الاتصال على نطاق واسع، ولغة دولية من أجل التواصل على الصعيدين المحلى والعالمى، وقد يكون هذا التنوع اللغوي والثقافي أهم فرصة لنا في المستقبل من أجل تحقيق الإبداع والابتكار والإدماج، فدعونا لا نبددها.
وكانت منظمة اليونسكو قد طلبت من خبرائها إعداد تقرير عن قضية استخدام اللغات الوطنية في التعليم، فأوصى واضعو التقرير باستخدام اللغة الأم في التعليم حتى أعلى مرحلة ممكنة.
الوطن
|
|
|
|
|
|