للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي الحادي عشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

أسلوب لغوي ارتبط بالعادات الاجتماعية والروايات الشعبية وشخصياتها

 درج الناس في التعبير عن آرائهم وأفكارهم ومقاصدهم باستعمالهم: الأمثال والكنايات والاستعارات والحكم والأقوال والتشابيه وما إلى ذلك من فنون التعبير المختلفة..

والكناية العامية الشامية أحد الأساليب الشائعة الاستعمال والتي ارتبطت بالتقاليد والعادات الاجتماعية السائدة والروايات الشعبية والشخصيات التاريخية.. لما لها من لطافة وقع وإيجاز معنى وبلاغة تعبير، فهي ذات أهمية في اللغة والأدب من ناحية وفي الثقافة والحياة الاجتماعية من ناحية أخرى.
الكناية بين العامي والفصيح
ويعرّف كتاب (خزانة الأدب) الكناية بأنها: (أن يريد المتكلم إثبات معنى من المعاني فلا يذكره باللفظ الموضوع له في اللغة، ولكن يجيء إلى معنى هو ردفه في الوجود فيومئ إليه ويجعله دليلاً عليه..).
أما الكناية في اللسان الدارج فهي تعبير يتجاوز الكلام المباشر إلى وجه مجازي بلاغي، وهي تجري على نسق الفصيحة ونهجها من حيث التناول واختصار الموقف ولطافة التعبير والمسلك اللغوي، عدا عن أنها أبلغ من التعبير المباشر في تثبيت المعنى المقصود والتعبير عنه تعبيراً فنياً مؤثراً.. فكأن الكناية العامية كناية فصيحة لا يفصلها عنها سوى أشياء من عوالق العاميات. وقد اتبع الناس في كناياتهم المنهج الفصيح فكنوا بأعضاء الجسم المختلفة من اليد واللسان، واستفادوا من الأعلام التاريخية في كناياتهم مثل: عنترة وحاتم الطائي، ومن الشخصيات التي برزت في الروايات الشعبية مثل: دليلة (المحتالة ) وعلي الزيبق.. وتوسعوا في الألوان وأنواع الحيوان والنبات ورددوا خصائص البلدان والجبال والأنهار.. واستعملوا (في الكنايات العامية) الألفاظ استعمال خبير مدقق، وتنبهوا إلى فروق المعاني بدقة متناهية بحسب تأليف الكلام وصياغة العبارة..
تبعية اللهجات الدارجة للغة الفصيحة
وقد تناول كتاب (الكنايات العامية الشامية وأصولها الفصيحة – للدكتور محمد رضوان الداية) الصادر عن دار الفكر بدمشق ضمن سلسلة الموسوعة الشامية، هذا الموضوع، ورتب المؤلف الكنايات التي أوردها وفق النسق الهجائي باعتبار أوائل مفرداتها من دون ردها إلى أصلها اللغوي، ووسع دائرة الكناية وذلك زيادة في توسيع دائرة البحث عن الفصيح بإدخاله بعض العبارات الكنائية وإن كانت تعد في العادة مع التشبيه أو المثل.. فقدم بذلك مادة فنية تخدم متابعي الدراسات الاجتماعية الذين يقفون عند الكنايات والأمثال والحكم.. ليفيدوا منها ويجروا دراساتهم، إضافة إلى تقديمه مادة تفيد دارسي التطور الدلالي.. وقد قصد الكاتب بـ (العامية): الكنايات التي لا تزال دارجة على ألسنة الناس والتي يستعملونها في طي كلامهم، والكنايات التي يولدونها ويستنبطونها يوماً بعد يوم، أما (الشامية): فقد اختار فيها الصياغة القريبة من لهجة أهل دمشق والغوطتين وما داناهما، لأن الشامية في الحقيقة دائرة واسعة ويبقى إطارها مفتوحاً لبلاد الشام وإن اختلف شيء من اللفظ والعبارة.. وقد هدف من كتابه إلى: توكيد تبعية اللهجات الدارجة للغة الفصيحة من جهة، وبيان طبيعة تلك التبعية مع نفض غبار الزمن عن العامي الفصيح ورده إلى أسرته من جهة ثانية..
وعرض ذلك كله وفق أسلوب طريف، مقدماً لنا المتعة والفائدة مذكراً إيانا بشيء من أصالة التقاليد الشامية العريقة، موشياً كتابته ببعض الشعر والأمثال وذكر الآي الحكيم.. وهذه نماذج مختارة نتابع فيها الكناية واستعمالها في شتى الأغراض وتعبيرها عن مختلف المقاصد:
بالع الموس على الحدين
ويقولون أيضاً (بلع الموس ع الحدين)، والموس في العامية هو (الموسى) في الفصيح وهي في العامي والفصيح: السكين الصغير، على الحدين: مثنى الحد، والحد من السكين والسيف: ما رقّ من الشفرة.
ويكنى بهذه العبارة عمن كان في موقف يقتضي منه الاختيار بين أمرين وكل واحد منهما صعب، وأي واحد منهما لا يعفيه من مغبة الأمر الآخر..
قبل الشحادة ما تكحل بنتها
كناية عن البكور إلى العمل أو إلى أي نشاط آخر، والشحّادة: أي (الشحّاذة) في الفصيح، وهي مؤنثة الشحّاذ التي هي صفة غالبة للسائل المستجدي الفقير، ومثله السائل الملح في المسألة. وتكحّل: تضع الكحل.. وكانوا يستقبلون النهار بالكحل للفتيات، كما كانوا يعتبرونه وقاية من الحسد إضافة إلى ما فيه من زينة مباحة..
دق المي وهي مي
يكنى بهذه العبارة عن العند في مسألة ما وعمن لا يتراجع عن موقفه أو رأيه صواباً كان أم خطأ وإن أطلت حجاجه ومناقشته وإقناعه، فالحديث معه – وإن طال – غير مجد.. وأصل هذه الكناية من فعل (دقّ) الذي يستعمل في الأمور اليابسة والقاسية فتتفتت، ولكن الماء لا تتغير حاله وإن طال الدقّ فيه.
حمّام ومقطوعة ميّته
(وقد يحذفون الواو فيقولون حمّام مقطوعة..)، ويكنى بها عن الأمر الذي اضطرب واختلط، وعن الفوضى إذا دبت فلم يحاول أحد ضبطها أو لم يستطع.
وأصل هذه الكناية من البيئة الشامية فالحمّام هنا: حمام السوق، كانت تجلب مياهه من الينابيع القريبة وتحوّل إلى (مصنع) أي (خزان للمياه)، وتسلط على حنفيّات (صنابير) الحمام في الجواني والوسطاني والبحرة (الفستقية) في البراني.. وكان ربما انقطعت المياه لنفاد المخزون أو لانسداد المدخل المائي الرئيسي بشيء ما، والناس في داخله وخصوصاً في الساعات المخصصة للنساء ما يؤدي إلى الصراخ ورفع الأصوات لإصلاح الصنابير وإعادة المياه إلى مجاريها.. ولم يكن المستحمون يكفون عن الهرج والمرج والتسلية حتى تعود المياه.
ما بينطاق
كناية عن الثقيل الظل الذي لا يطاق.. ومثل هذه الكناية قولهم: (ما بينحمل، ما بينهضم، ما بينبلع، دمه تقيل..)، ومن المشهور في هذا الباب ما قاله أحمد شوقي:
سقط الحمار من السفينة في الدجى
                 فبكى الرفاق لفقده وترحموا
حتى إذا طـلـع الـنـــهـار أتـت بــه
               نـحـو السـفـيـنـة مـوجة تتقـدم
قالـــت: خـذوه كما أتاني ســالـماً
               لـم أبـتـلعـه لأنـه لا يــهــضــم

تشرين

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية