|
|
هل اللغة العربية قابلة للذوبان ؟
أ.د. محمد محمد سالم
شهدت اللغة العربية والحرف العربي انتشاراً واسعاً خلال فترة قصيرة من الزمن ، مع خروج الإسلام من الجزيرة العربية في بداية القرن السابع الميلادي إلى أن أصبحت هذه اللغة تربط بين شعوب مختلفة تمتد من شمال أسبانيا إلى شرق ووسط آسيا ، ومن شرق أفريقيا إلى غربها . وقد أصبحت اللغة العربية منذ ذلك الحين لغة عالمية ، وذلك لانتصارها الجغرافي الواسع في القارات الثلاثة للعالم القديم ولاستيعابها لثقافة الشعوب الأخرى غير العربية . وفي الواقع يتميز الإسلام هنا بدوره المثير في هذا الانتشار نظراً للارتباط الوثيق بينه وبين اللغة العربية الحرف العرفي ، ومن خلال هذا الارتباط شهد الحرف العربي في بداية العصر الحديث امتداداً مهماً في أوربا الشرقية حيث انتشر الإسلام بفضل العثمانيين بين عدة شعوب في ألبانيا والبوسنة وكوسوفا (الحفناوي،2008) .
وإلى جانب انتشار اللغة العربية في هذه المساحة الشاسعة ، برز تأثير الإسلام في جانب آخر على قدر كبير من الأهمية ، ألا وهو تبني بعض الشعوب غير العربية للحروف العربية في كتابة لغاتها القومية مثل : الفارسية والتركية والأردية ومع هذا التحول أصبحت الحروف العربية ، ولا تزال إلى الآن ، أكثر الحروف انتشاراً في العالم بعد الحروف اللاتينية .
ولم تكتف شعوب الأمم الإسلامية التي استخدمت الحرف العربي في تدوين لغاتها به فحسب ، بل طورت طرق كتابته بما اخترعته من خطوط مثل النستعليق لكي ترسم به لوحات فنية عظيمة .
الهجوم على العربية قديم :
وفي القرن العشرين حدث انحسار للحرف العربي نتيجة استعمار الغرب لبلدان الشعوب الإسلامية في آسيا وأفريقيا وأوربا وفرضوا على لغاتهم الحروف اللاتينية وحاولوا تنصيرهم .
وعندما بدأت هجمة الاستعمار الغربي على الشرق الإسلامي مع بداية القرن الثامن عشر الميلادي ، بعد أن ضعف شأن العرب والمسلمين .. أراد المستعمرون هدم كل عوامل تماسك العرب المسلمين ، وكان أهم هذه العوامل وحدة الدين واللغة . إلا أنهم أخفقوا في هدم وحدة الدين عند المسلمين على الرغم من محاولاتهم المتتابعة وبمختلف الوسائل والإمكانيات .
أما عن محاولاتهم لهدم وحدة اللغة فقد ظهرت الدعوة في أواخر عام 1881م. إلى كتابة العلوم باللغة العامية التي يتكلمها الناس في حياتهم العامة .
ونقل الدكتور محمد هاشم أبو قمرة عن الأستاذ الزاوش وهو كاتب تونسي (1908م) قوله : إن الحضارة العربية حضارة ماض بائد ، قد انقطع حبلها بالتاريخ وانفصم عنها التقدم ، بينما تمثل الحضارة الغربية إمكانيات الحاضر الهائلة وآفاق المستقبل المفتوحة ، ويتساءل الزاوش عن الحضارة العربية ما هي ويقول ماذا مسلمي القرن العشرين أن يعودوا إلى حضارة أجدادهم ؟
ويرى الزاوش أن التطور للمجتمع التونسي لا يمكن أن يتم إلا من خلال النمط الأوربي في حين يمكن الاكتفاء بمعطيات حضارتنا ولغتنا لتحقيق التطور الأدبي والفني .
ويورد حديثاً آخر للكاتب التونسي باس حانية يحشر فيه المطالبين بالتعريب الكامل سنة 1909م في ( الجيل المتصل بالماضي والذي ليست له صلة بالأزمنة الحديثة...) .
ويرى في لهجة متهكمة أننا قد تأملنا الماضي بما فيه الكفاية ، وانتشينا بعبير أمجاد، وعلى المستقبل .
ويقول الكاتب التونسي باس حانية (1909م) نحن لا يسعنا إلا الاعتراف بأن اللغة العربية لا تزال في حالتها الراهنة أبعد ما تكون عن التكيف مع الأفكار العلمية ، ولابد من قسط كبير من الشجاعة للإصداع بهذا الرأي الذي لا أشك في أنه سيثير صواعق الشوفونية المحافظة ( طعيمة ، 2008) .
وفي عام 1902م من القرن العشرين الميلادي المنصرم ألف القاضي "ولمور" أحد القضاة الإنجليز في مصر كتاباً أسماه "لغة القاهرة" اقترح فيه كتابة اللغة العربية بالحروف اللاتينية .. وردت الصحف المصرية في ذلك الوقت منبهة على موضع الخطر من هذه الدعوة التي لا تقصد إلا محاربة الإسلام في لغته .. وفي عام 1936م دعا المهندس الإنجليزي "وليم ولكوكس" إلى هجر اللغة العربية ، مشيراً على أن تركيا استبدلت الحروف اللاتينية بالحروف العربية بعد انهيار الخلافة العثمانية .. الغريب في الأمر أن أحد أعضاء مجمع اللغة العربية راح يقترح في عام 1943م كتابة العربية بالحروف اللاتينية .. فكتب شاعر النيل حافظ إبراهيم قصيدته المشهورة عن اللغة العربية وفي نهايتها يقول :
أيهـجـــــــــرني قـــــومـي . عفـا اللـه ـ عنهـــــــــم
إلـى لـغــــــة لــم تتــصــــــــل بــــــــــرواة
سرت لـوثة الإفرنج فـيـها كـمـا سرى
لـعـــــاب الأفـاعـي فـي مسـيـل فـرات
وقد نجح حافظ إبراهيم في التأثير في المستمع ، منبهاً على ما يدبر للغة العربية من مؤامرات . كما نجح في مناداة اللغة لأبنائها كي يتمسكوا بها ، وفي إقناعهم بقدرتها على الوفاء بكل متطلبات العصر ، وهي التي وسعت كتاب الله لفظاً وغاية . ويتضح من ذلك أن المستعمرين منذ زمن وجدوا في هدم اللغة العربية هدفاً لإحدى الدعائم المهمة من تماسك الشعوب العربية ، وتمسكهم بدينهم الإسلامي .
ولا شك أن استخدام الحرف اللاتيني دعوة مسمومة استهدفت في المقام الأول ضرب الثقافة الإسلامية في أهم أركانها وهو اللغة ... إن في استخدام الحرف اللاتيني في كتابة الأصوات العربية عزلاً للإنسان المسلم عن قرآنه العظيم . وعن كتابه المقدس وعن تراثه العريق . وزج له بعد ذلك في أحضان الثقافة الغربية بعد التمكن من استخدام حروفها . وليس المجال بمتسع للرد على أولئك الذي يضخمون مشكلة العربية ويدعون عجزها عن مسايرة التطور العلمي الحديث .
ولم تتوان الجهود في التشكيك في الحرف العربي والدعوة إلى التخلي عنه ، بل تجدد مع الزمن وأخذ في كل من شكلاً معيناً يتناسب مع طبيعة المرحلة .
ولقد انتهت الإدارة الأمريكية مؤخراً من إعداد مشروع خطير هدفه تغيير شكل حروف اللغة العربية واستبدال اللغة اللاتينية بها ( تحت مسمى تحديث الثقافة العربية ) واعتبر هذا المشروع جزءاً من خطة الإصلاح في المنطقة ، التي تدخل ضمن إطار مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي قتلته أمريكا بفضائحها في العراق .
يقول مقدمو المشروع وهم عدد من الخبراء المختصين : ( إن الهدف من هذا المشروع هو تحقيق تفاهم أفضل ، ولغة مشتركة بين اللغة العربية وغيرها من اللغات، الأخرى ، وإن الأمريكيين متعطشون للوقوف على أسرار تلك اللغة ، وإلى العديد من الكتابات المهمة القديمة والحديثة التي نسجت العقل الثقافي العربي الإسلامي ) .
ويرى المشروع الأمريكي أنه لابد أن تخضع اللغة العربية للتطوير والتحرر من تلك الأشكال القديمة التي ظلت عليها منذ قرون . خصوصا أن ذلك أدى فعليا إلى صعوبة في إلى صعوبة في استيعاب الغرب وأهل الديانات الأخرى لهذه اللغة أو تعلمها أو الاقتراب فكرياً ممن يتحدث بها !! ويقول المشروع : ( إن العلوم الدولية لا تستطيع أن تعتمد هذه اللغة بسبب تعقد رموزها وصعوبة أشكالها ونطقها ، في الوقت الذي يتقن فيه أهل العربية اللغة المشتقة من اللاتينية مثل الإنجليزية والفرنسية ، ما يؤكد سهولة الحروف اللاتينية وقدرتها على التأقلم تحت أي ظروف وفي ظل أي مسميات للغات المختلفة .
ويقول المشروع الأمريكي : ( على مدى أكثر من 600 دراسة متخصصة تم إجراؤها بمعرفة جهات بحثية مرموقة منذ عام 2002م وحتى أوائل عام 2004م ) كانت النتيجة التي خلصت إليها الدراسات هي صعوبة اتفاق اللغة العربية مع الإنجليزية ، وهو ما كان دافعاً لموجة الكره العربي لأمريكا وإسرائيل !!
وأخيراً يضيف المشروع الأمريكي : إن العرب يصرون الآن على أن يكون حوار الحضارات والثقافات برنامجاً حقيقياً من أجل التقريب بين الشعوب العربية والغربية . وعليهم أن يدركوا أن تحقيق ذلك لن يكون إلا من خلال الاتفاق على تغيير أشكال اللغة العربية والتأثير على المحتوى الثقافي الذي يمكن أن تعتقد فيه الأجيال القادمة (بكري ، 2004م) .
أبعاد أزمة تعليم العربية :
ومنذ ما يربو على ثلاثة عقود من الزمن (1974م) انعقد اجتماع خبراء متخصصين في اللغة العربية في عمان بالمملكة الأردنية الهاشمية ، لتحديد مشكلات تدريسها في التعليم العام بالبلاد العربي وترتيب أولويتها واقتراح خطط لبحثها وانتهى الاجتماع إلى أن المشكلات الآتية من أهم ما يواجه تعليم اللغة العربية ( المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ) :
1- عدم عناية مدرسي اللغة العربية وغيرهم من مدرسي المواد الأخرى باستخدام اللغة العربية الصحيحة .
2- منهج تعليم القراءة لا يخرج القارئ المناسب للعصر .
3- عدم توافر قاموس لغوي حيث في كل مرحلة من مراحل التعليم العام .
4- الافتقار إلى أدوات القياس الموضوعية في تقويم التعليم اللغوي .
5- ازدحام منهج النحو بالقواعد وكثير منها ليس وظيفياً
6- صعوبة القواعد النحوية واضطرابها .
7- افتقار طرق تعليم القراءة للمبتدئين إلى دراسات علمية .
8- الانتقال الفجائي في التعليم من عامية الطفل إلى اللغة الفصحى .
9- اضطراب المستوى اللغوي بين كتب المواد ، بل بين كتب المادة الواحدة في الصف الواحد .
10- نقص عدد المعلمين المتخصصين وانخفاض مستواهم .
11- بعد اللغة التي يتعلمها التلاميذ في المدارس عن فصحى العصر .
12- صعوبة الكتابة العربية .
13- تعدد الجهات التي تقوم بإعداد معلمي اللغة العربية ، واختلاف مستوياتها .
14- قلة الدراسات العلمية التي تتخذ أساساً لبناء وإعداد الكتب المقررة .
15- ضعف العناية بتطبيق الطرق التربوية الحديثة في تعليم اللغة .
16- قلة المناشط المدرسية المتعلقة باللغة وعدم اهتمام المعلمين بها .
17- عدم تقديم الميزانيات الكافية للمناشط الثقافية واللغوية .
18- قلة ربط التعليم اللغوي بالثقافة العامة ، وضعف الوسائل التي تتخذ لذلك .
19- عدم كفاية الجهود التي تبذلها المؤسسات المعنية باللغة العربية ، وعدم التنسيق بينها .
20- اختلاف قواعد الإملاء التي يتعلمها الطلاب في البلاد العربية وقصور هذه القواعد عن ربطهم بالرسم القرآني .
كما ورد في تقرير التنمية الإنسانية العربية حديث عن أهم مظاهر أزمة تعليم اللغة العربية ونوجزها فيما يلي ( المكتب الإقليمي للدول العربية ، 41ص124/125) :
أما تعليم اللغة العربية فيشكو هو أيضا من أزمة حادة في محتوى المادة التعليمية وفي مناهج التدريس على حد سواء ولعل من أبرز أعراض هذه الأزمة .
1- التركيز على الجوانب الصورية في تعليم الصرف والنحو .
2- عدم النفاذ إلى مضامين النصوص العميقة والكشف عن بناها الكلية .
3- عدم الاهتمام بوجه الدلالة اللغوية والمعني .
4- إهمال الجانب الوظيفي في استخدام اللغة وعدم تنمية المهارات اللغوية في الحياة العملية .
5- الاقتصار على جانب الكتابة دون جانب القراءة في تنمية القدرات الإبداعية.
6- عزوف الصغار والكبار عن استخدام معاجم اللغة لصعوبة مقاربتها أو لخلطها بين القديم والجديد دون تمييز .
7- قصور البحث اللغوي التربوي في تعليم اللغة وفي تحديد الأسس المنهجية لتعليمها .
8- إن اللغة العربية ليست لغة التعبير الحار العفوي والانفعالات والمشاعر والتخاطب اليومي واكتشاف الذات والمحيط .
9- الغالب على المنهج الذي تسلكه المدرسة العربية في تعليم اللغة هو الحفاظ لاكتساب معارف متجددة حية .
إنقاذ اللغة العربية :
وفي مستهل عام 2003م أعلنت مؤسسة الفكر العربي في بيروت مشروعاً بعنوان : ( مشروع إنقاذ اللغة العربية ) وفي هذا المشروع شخصت المؤسسة التحديات التي تواجه اللغة العربية نحو وضع تصور لمواجهتها حفاظاً على اللغة العربية كهوية للأمة بالإضافة إلى هوية المجتمع الوطنية والدينية ، ومن أهم من التحديات التي وردت في المشروع ( مؤسسة الفكر العربي ) :
أ- جعل اللهجات المتداولة (العامية) هي المسيطرة في واقعنا العربي وتبتعد شيئاً فشيئاً عن الفصحى التي سوف تصبح مثل اللغة اللاتينية يوما ما .
ب- عدم وجود آليات فعالة لنشرها ودعمها .
ج- انحصار استخدامها في قلة من النخبة المتخصصة والتي تهتم بها من أجل المعيشة كوظيفة دون القيام ببحوث جادة من أجل أعمالها في الحياة اليومية والتعليمية بشكل صحيح .
د- عدم وجود توحيد للمقررات ومحتوياتها في البلاد العربية واجتهاد كل قطر عربي على حدة بوضع هذه المقررات .
هـ ـ إن الإعداد الأكاديمي والمهني لمعلمي ومعلمات اللغة العربية خاصة في التعليم العام متدنية للغاية لعدم تأهيل المعلمين تأهيلاً مهنياً لخدمة هذه اللغة والاكتفاء بإعدادهم تخصيصاً .
و ـ النظر إلى المتحدث بالفصحى أحيانا بشيء من الريبة وأحياناً بالاستخفاف .
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا :
هل يمكن ذوبان اللغة العربية ؟ وهل صحيح أنها تقف وراء موجة الكراهية للآخر ، وأن تطويرها لاتينياً يعني التواصل والسلام ؟ وهل يمكن تغيير معاني القرآن الكريم وتحريفها بإدخال الحروف اللاتينية على اللغة العربية ؟ يقول محمود تيمور في كتابة مشكلات اللغة العربية "إن الذين يشبهون العربية باللاتينية يتلمسون وجه الشبه في ناحيتين : الأولى أنها ليست إلا لغة الكتابة ، والأخرى أنها لم تتطور مع الزمن التطور الكافي للحياة والنماء .. والحق أن من أكبر مظاهر حيوية اللغة أن تكون لغة كلام ، وقد كانت العربية كذلك حقبة من الزمن ، فلما اتسعت رقعة المملكة ، وشملت ألواناً من الأمم الأعجمية ، وكثر المولدون في أقطارها ، نشأت في كل صقع لهجة عامية إلى جانب الفصحى ، كالعراقية ، والشامية ، والمصرية ، والمغربية ، وحقاً من أكبر مظاهر حيوية اللغة أيضاً أن تتغير وتتطور وفق مقتضيات العصور ، فلا تصبح لغة قرن مضى لغة قرن حاضر . وقد يبدو أن تطور العربية لم يمض إلى غاياته . ولكن لو تدبرنا الأمر لظهر لنا أن العربية تتميز من اللاتينية بعنصر جوهري يدعها في مأمن من أن يجري عليها ما جرى على اللاتينية حين تغلبت عليها مشتقاتها ، كالفرنسية والإيطالية والإسبانية ؛ فضاق محيط استعمالها ، وظلت تتضاءل وتجمد وتفقد حيويتها ، وانتهى بها الأمر إلى العزلة بين الصحائف المطوية من الكتب القديمة . وذلك أن العربية لغة دين سماوي ذي خطر؛ وبها كتبت أصول هذا الدين تشريعاً وحكمة وثقافة . وعلى رأس هذه الأصول : القرآن الكريم ، معتمد المسلم ومرجعه في شؤونه الدينية وعقيدته الروحية . وقد قدس نص القرآن كما أنزل بالعربية الفصحى ، فبقيت ملازمة له ، تكاد تقدس معه نصوصها . ولما كانت العقائد الدينية راسخة في القلوب ، على الرغم مما يقال من أن تطور المدنية سيقضي على تأثير هذه العقائد ، فإن العربية باقية بقاء الإسلام ، أي القرآن . ولما كانت قريش المنزل عليها القرآن بلغت حين نزوله أقصى مبلغ من قوة البيان ، وفصاحة التعبير ، وكان القرآن موضع التحدي للعرب أن يأتوا بسورة من مثله ، عُدَّ ذلك الكتاب أسمى نمط للعربية الفصحى ، وأعلى نموذج للبيان المعجز ، فظل القبلة الخالدة في استلهام أنصع الأساليب لنظم الكلام . فما دام القرآن محفوظاً ، والإسلام قائماً ، وأمته العربية موفورة ، فلن يكتب لهذه اللغة الفناء .. إن شأن العربية جد عظيم ، فهو – في أمر الله الشرعي – فريضة يجب أن تؤدى ، فلا يعلم الكتاب ولا تعلم السنة إلا عن طريق العلم بالعربية . ولذلك قال الإمام الشافعي . رحمه الله : (( على كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما بلغه جهده حتى يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله ، ويتلو به كتاب الله ، وينطلق بالذكر بما افترض عليه من التكبير ، وأمر به من التسبيح والتشهد وغير ذلك )) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمة الله – (( إن نفس اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب ، فإن فهم الكتاب والسنة فرض، ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب )) وقد نهى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – عن رطانة الأعاجم ، وساوى بين تعلم فرائض الدين ، وتعلم اللغة العربية ن فقال : (( تعلموا العربية فإنها من دينكم ، وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم )) .
إن شأن اللغة العربية – في قدر الله تعالى – آية دالة على وجود الله وربوبيته سبحانه : ﭽ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﭼ الروم: ٢٢
أما شأن اللغة في عرف الناس فإنها مقوم أساسي من مقومات السيادة ، وعلامة أصيلة من علامات التميز الثقافي والحضاري .
إن مسؤوليتنا أمام اللغة العربية مسؤولية تاريخية ، قائمة لا تسقط عن الأجيال العربية والإسلامية ما تعاقب الليل والنهار ، مسؤولية تفوق المسؤولية القومية ، وتتجاوزها إلى نطاق إسلامي وعالمي .
المراجع
- الحفناوي ، جلال (2008) موقع الحرف العربي على خريطة اللغات العالمية ودرجات انحساره في القرن العشرين ، بحث مقدم إلى مؤتمر اللغة العربية وتحديات العصر ، كلية دار العلوم ، جامعة القاهرة ، 4-5 نوفمبر ،صـ 100-144 .
- بكري ، مصطفى (2004م) الحروف اللاتينية بديلاً عن العربية ، جريدة الأسبوع ، القاهرة ، العدد 473/ 10 مايو .
ـ طعيمة ، رشدي (2008). اللغة العربية بين مهددات الفناء ومقومات البقاء والجدل حول واقعها ، بحث مقدم إلى مؤتمر اللغة العربية وتحديات العصر ، كلية دار العلوم ، جامعة القاهرة ، 4-5 نوفمبر، صص 237-323 .
- مؤسسة الفكر العربي (2003) . مشروع انقاذ اللغة العربية ، بيروت ،لبنان .
- المكتب الإقليمي للدول العربية (2003م). تقرير التنمية الإنسانية العربية ، عمان ، الأردن .
- المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (1974م). اجتماع خبراء متخصصين في اللغة العربية ، عمان ، الأردن ، 2-7 نوفمبر .
|
|
|
|
|