|
|
صدور معجم المرشد للأستاذ الدكتور عبد الفتاح ابو السيدة
صدر عن دار الشرق والغرب للنشر والتوزيع في عمان قبل أسبوعين "المرشد: معجم عربي-انجليزي عامّ" لمؤلفه الأستاذ الدكتور عبد الفتاح ابو السيدة, الأستاذ في قسم اللغة الإنجليزية وآدابها في جامعة الشارقة. ويقع المعجم في حوالي 1600 صفحة.
ويعتبر معجم المرشد تاريخيا رابع أكبر معجم ثنائي اللغة يصدر للغتين العربية والانجليزية, وكان أول هذه المعاجم قد صدر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر على يد المستشرق الشهير إدوارد لين الذي توفي قبل أن ينجز العمل كله. أما المعجم الثاني فقد استند إلى جهود مستشرق ألماني هو هانز فير الذي وضع معجمًا للغتين العربية والألمانية ليتم بعد ذلك الاستفادة من الشق العربي في تطوير معجم عربي-انجليزي أشرف عليه الأستاذ ميلتون كوان في مطلع الستينيات. وفي نهاية الثمانينيات من القرن المنصرم وضع الدكتور روحي بعلبكي معجمه الشهير المورد: قاموس عربي-انجليزي.
ويمثل معجم المرشد نقلة نوعية في صناعة المعاجم الثنائية, حيث أفاد المؤلف من التطور الذي شهدته صناعة المعاجم الأحادية اللغة خاصّة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة سواء من حيث محتوى المدخل أو ترتيب المداخل أو إيراد المعاني أو إيلاء أهمية قصوى للمتلازمات اللفظية والسياق والمعاني المجازية والعبارات الاصطلاحية, حيث يزخر المعجم بالأمثلة الخاصة بسياقات كل مدخل واستخداماته المختلفة. كما أفاد المعجم في شقه الإنجليزي من التطور الذي سجل في مجال اللغويات الحاسوبية, إذ اعتمد في تحديد السياقات اللفظية للمقابلات الإنجليزية على قاعدة بيانات تضم ما ينوف عن اربعمئة وخمسين مليون كلمة, وهي القاعدة التي طورها الأستاذ الدكتور مارك ديفيز من جامعة بريغام يونغ في ولاية يوتاه الأميركية. ولكن المؤلف لم يتمكن سوى من إيراد مثالين أو ثلاثة في كل حالة نظرا لمحدودية المساحة التي يوفرها المعجم الورقي, وخاصة إن صدر في مجلد واحد, وهو قرار يمثل حلا وسطا وشرا لا بد منه.
وفي الجانب العربي, حرص المؤلف على التحقق من المعاني المختلفة للكلمة الواحدة ومجالات استخدامها بالرجوع إلى عدة معاجم ألفت في القرنين الماضيين وآخرها معجم اللغة العربية المعاصرة الصادر عام 2008 . أما فيما يتعلق بالكلمات الأقدم فقد رجع في التحقق من معانيها إلى عدد من المعاجم القديمة وعلى رأسها لسان العرب لابن منظور.
ويركز المعجم بشكل لافت على المتلازمات اللفظية والعبارات الإصطلاحية لأهميتها, سواء في اللغة العربية أم اللغة الإنجليزية. كما فَصَلَ المعجم المعاني الحرفية عن المعاني المجازية ليعكس سلوك الكلمة في اللغة وتطورها الدلالي والسياقات الجديدة التي ترد فيها, إضافة إلى استغلال الإمكانيات المجازية والإصطلاحية للغة الإنجليزية أيضًا بهدف التقريب بين اللغتين قدر الإمكان وبحيث يعكس المعجم طبيعة اللغتين على ما فيهما من تعقيد وتفرد وثراء.
أما المقابلات الإنجليزية, فقد عاد المؤلف في تحقيق معانيها إلى معجم إدوارد لين ومعجم هانز فير ومعجم المورد وكذلك إلى أمهات المعاجم الأحادية مثل ويبستر وأكسفورد وكولينز وكامبريدج وماكميلان. وقد سعى المؤلف إلى إغناء المقابلات الإنجليزية بالبدائل اللفظية أو الاصطلاحية, الأمر الذي يضع أمام المستخدم الكثير من الخيارات التي تنبع كلها من صميم اللغة الإنجليزية الحديثة. إضافة إلى ما سبق فقد بين المؤلف مستوى الاستعمال للفظة الإنكليزية من حيث هي عامية أو قديمة أو فصحى أو خلاف ذلك فضلاً عن بعض المعلومات الخاصة بسياقاتها النحوية.
كما حرص المعجم على ايراد ألفاظ القرآن الكريم والتحقق من معانيها سواء بالرجوع إلى لسان العرب أو مقارنة سبع ترجمات انجليزية لمعاني القرآن ومن بينها ترجمة عبدالله يوسف علي وترجمة مارماديوك بيكثول وترجمة محسن خان وترجمة خان والهلالي وأخيرا ترجمة الأستاذ الدكتور محمد عبد الحليم والتي صدرت قبل بضع سنوات, إضافة إلى بعض المعاجم الخاصة بألفاظ القرآن الكريم.
ومن الملامح الأخرى للمعجم أن المؤلف قام بترتيب المداخل ألفبائيا ليس جهلاً بالطبيعة الاشتقاقية للغة العربية أو انتقاصًا من قدرها ولكن تيسيرًا على المستخدم ولتمكينه من الوصول إلى اللفظة المطلوبة بسهولة ويسر. وقد أورد المعجم المعاني المختلفة للكلمة الواحدة بصورة منفصلة بحيث وضع كل معنى في سطر مستقل مع إيراد مثال أو أكثر لاستخدام الكلمة في اللغة العربية متبوعًا بشرح لذلك المعنى لتمييزه عن بقية المعاني, وتلا ذلك المتلازمات اللفظية الشائعة والعبارات الاصطلاحية.
وقد استغرق العمل في تطوير المنهجية وجمع المادة وتنسيقها وتدقيقها ما ينوف عن خمس وعشرين سنة أثمرت ثلاثة معاجم سبق وأن نشرها المؤلف في أكثر من مجال, بيد أن هذا المعجم يمثل تتويجا لجهوده في خدمة اللغة العربية وإثراء للمكتبة العربية وجسرًا جديدا يشيد للتواصل مع اللغات والثقافات الأخرى.
|
|
|
|
|