للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  دعوة للمشاركة والحضور           المؤتمر الدولي العاشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

المسلمون أدخلوا اللغة العربية إلى الصين

جمال بخيت

 بدأت علاقة العرب مع الصين منذ عصر عثمان بن عفان ثالث الخلفاء الراشدين سنة (31) من الهجرة – 651 م. ومنذ عصر أسرة تانغ الملكية أزدهرت هذه العلاقات وأصبحت اللغة العربية رافداً مهماً يحتاجه الصينيون كثيراً في مناحي الحياة.
الدكتور كشانغ هونغ بي الشهيرة بـ(زاهرة) وهي ترجمة اسماها إلى العربية, عالمة في اللغة العربية وقطعت شوطاً كبيراً منذ تلقى علومها وتعلمها العربية وعملها في السلك الديبلوماسي ثم تفرغها كاكاديمية.
في حوار عالمة اللغة “زاهرة” مع السياسة تستعرض تاريخ التواصل والتبادل مع الأمة الصينية والعالم العربي, وأزدهار اللغة العربية هناك وما تبع ذلك في مجالات الثقافة … وهذا نص الحوار:

عصور قديمة

كيف بدأ التواصل بين الصين والعرب وإلى أي تاريخ يعود؟
يرجع تاريخ التواصل والتبادل بين الأمة الصينية والأمة العربية إلى عصور تاريخية قديمة. وقد دخلت اللغة العربية إلى الصين مع دخول دين الإسلام والتجار والجنود العرب. هناك عبارة مشهورة متداولة بين الدارسين والباحثين في هذه اللغة إنها “نشأت في عصر أسرة تانغ الملكية (618-907) ونمت في أسرة سونغ الملكية (960 -1279) وازدهرت في أسرة يوان الملكية (1271 -1368)”.
ورد في (سجل التاريخ الصيني), “أن دولة داشي “كان الصينيون يشيرون به قديما إلى بلاد العرب) بدأت بإرسال مبعوث إلى الصين”. (كتاب تانغ الأول جـ4(, وذلك في عهد قاو تسونغ من أسرة تانغ, تحديدا 25 /أغسطس651م, ودلت نتيجة التحقيق على أن الوقت يصادف اليوم الثاني من شهر المحرم سنة 31 هجرية, عصر عثمان بن عفان , ثالث الخلفاء الراشدين.
وبعد ذلك ظلت الدولة العربية الإسلامية توفد مبعوثين إلى اسرة تانغ بين حين وآخر خلال 148 سنة (ابتداء من سنة 651 إلى سنة 798م) وقد سجلت المصادر التاريخية الصينية لذلك العصر 39 مبعوثا عربيا. (نفس المرجع 1) واستمر هذا الاتصال في أسرة سونغ الملكية التالية بعد تانغ. بناء على ما توصل إليه باي شويي العالم المسلم الصيني المشهور في دراسة له, إن دولة داشي قد أوفدت 49 مبعوثا إلى الصين بمعدل مبعوث واحد كل أربع سنوات خلال هذا العصر.

أهمية الحرير البحري

طريق الحرير البحري .. ما أهميته قبل الفتح وقيام الدولة الإسلامية؟
إلى جانب المبعوثين الرسميين في أسرتي تانغ وسونغ الملكيتين قدم عدد كبير من العرب إلى الصين عن طرق مختلفة, وربما ان بعضهم قد وصل الى الصين قبل المبعوث الرسمي. فقد دخل التجار العرب الى الصين أول ما دخلوا عن طريق الحرير البحري, إلى المدن الصينية التي بها موانئ تجارية مثل قوانغتشو (كانتون) وتشيو انتشو ومينغتشو(نينغبوه حاليا) وبانغتشو, ومنها توغلوا إلى المدن التجارية المختلفة في المقاطعات الصينية الداخلية عبر الطرق البرية, وقد استقر عدد كبير من هؤلاء التجار في الصين لم يرجعوا إلى بلدهم الاصلي . وبالتالي, أي بعد قيام الدولة الإسلامية وحركات الفتوح دخلوا عن طريق الحرير البري أكثر فأكثر.
كما اشتهر في التاريخ الصيني ان استعار الأمبراطور تانغ قاو تسونغ جيشا عربيا منتخبا عدده عشرون ألفا لتهدئة الفتنة التي شنها آن لو شان وشي سي مينغ ضد حكمه. وقد نجح باستعانته بهم في إبادة المتمردين وإعادة زمام العرش وأمن الدولة. وكرم الأمبراطور بعد ذلك القواد والجنود العرب المشاركين بإتاحتهم الإقامة في قلب العاصمة تشانغ آن والعاصمة الثانوية لوه يانغ. من ذلك لاحظنا ان هناك شارعا في كل من العاصمتين القديمتين خاصا بالمسلمين الذين وجوههم نفس وجوه أجدادهم السابقين. وهم لا يزالون يتمتعون بتقدير واحترام بين أبناء الأحياء.

العرب ثالث أكبر قومية

بعد الغزو المغولي شكل العرب ثالث أكبر قومية صينية؟ كيف حدث ذلك؟
لوقلنا كان معظم العرب الزائرين للصين في أسرتي تانغ وسونغ مبعوثين او تجارا, غير أن الحالة في أسرة يوان الملكية اختلفت, لقد غزا الجيش المغولي بلاد العرب والغرب, وأسروا عددا لا يحصى من المسلمين (معظمهم فرس وعرب), وجعلوهم جنودا, وعددا كبيرا من الحرفيين (نحو مئة ألف فرد). وعاد الجيش المغولي بهؤلاء المسلمين, وزجوهم في معارك فتح انحاء الصين, حيث تفرقوا في الصين حسب المهمات وأقاموا فيها بعد ذلك. منذ ذلك الزمن, اشتهر المسلمون الصينيون بأنهم يعيشون متفرقين هنا وهناك, بشكل تجمعات, واندمجوا بالقوميات المحلية الأخرى تدريجيا وشكلوا قومية هوي ثالث أكبر قومية صينية عددا. وقد برز بعض منهم , وتولى مناصب كبيرة, منها رئيس مجلس الوزراء في أحد العصور التاريخية. ومن المعروف أن المسلمين يبنون المسجد أينما نزلوا , فلاحظنا ان المساجد والجوامع كثيرة في انحاء الصين وقيل ان اول مسجد بني في الصين هو مسجد هوايهوا في كانتون تم بناؤه سنة 627م أي بعد الهجرة بسنوات قليلة جدا.
لما دخل العصر الحديث, وخاصة بعد تأسيس جمهورة الصين الشعبية, وجدنا التبادلات بين الجانبين تتوسع فتتوسع, وتمت إقامة العلاقات الديبلوماسية بين الصين وكل من الدول العربية الـ 22, بدأت العلاقات الودية بين الجانبين تتطور بصورة مستمرة, وفي أكثر من ميدان.

العربية إلى الصين

كيف دخلت اللغة العربية إلى الصين؟
أول ما دخل تعليم اللغة العربية إلى الصين في المساجد مع انتشار الإسلام وزيادة عدد المسلمين في الصين. وقد سجل السجل التاريخي الصيني انه بدأ في عهد جيا جينغ لأسرة مينغ الملكية (1522 -1566م), على يد السيد خودنغ تشو(1522 – 1597م) العالم والمعلم المسلم من قومية هوي في مقاطعة شانشي. فكان الطلبة يقبلون عليه في بيته ويتلقون منه اللغة العربية والعلوم الإسلامية بالمجان. ثم انتقل التعليم إلى المسجد. وقد بدأ التعليم في مقاطعة شانشي وامتد تدريجيا الى مقاطعات خنان وشاندونغ ويوننان وقانسو وبكين وغيرها. وكان التعليم في المساجد يزدهر ويشمل النظم الابتدائية والإعدادية والعالية, مثل ما كان في الدول العربية.
بعد ثورة عام 1911, سقطت الأمبراطورية وبدأ التعليم يتغير نتيجة للحركة الثقافية الجديدة أي حركة النهضة , كشف المسلمون الصينيون ايضا الجوانب السلبية لهذا النوع من التعليم , وفكروا في انشاء مدارس حديثة, وهي المدارس التي تدرس فيها اللغتان الصينية والعربية في وقت واحد. وبعض هذه المدارس مشهورة, منها المدرسة الابتدائية الإسلامية الاولى في بكين العاصمة (1908), ومدرسة سيهجين في شاويانغ 1906 ومدرسة مويوان في تشينجيانغ (1906), وقد تخرج في المدارس الجيل الأول من العلماء المسلمين المحدثين أمثال الأستاذ محمد ماكين والأستاذ عبدالرحمن نا تشونغ وغيرهما من كبار المثقفين المسلمين ومن حظهم السعيد أن انضموا الى الدفعة الاولى من الطلبة الموفدين الى جامعة الأزهر بمصر وصاروا بعذ ذلك من رواد الباحثين المعاصرين
في اللغة والدين والأدب, ودخلوا بالتعليمات العربية الى الجامعة.
يعتبر الاستاذ عبدالرحمن ناتشونغ (أستاذ متقاعد في جامعة الدراسات الأجنبية ببكين) أول من بدأ تعليم اللغة العربية في الجامعة الصينية, ففي عام 1943, وبعد تخرجه في جامعة الأزهر وعودته الى الصين بدأ لأول مرة تعليم اللغة العربية في الجامعة المركزية “جامعة نانجينغ حاليا”, حيث ألفن الأستاذ ناتشونغ أول كتاب منهجي لتعليم اللغة العربية في الجامعات الصينية, كما بدأ لاول مرة في عام 1945 يلقي على الطلبة
في الجامعة المركزية محاضرات حول التاريخ العربي
الإسلامي.
وتعتبر جامعة بكين أول جامعة صينية أنشئ فيها تخصص اللغة العربية. ففي عام 1946, استقدمت جامعة بكين السيد محمد ماكين لإنشاء شعبة للغة العربية في قسم اللغات الشرقية بجامعة بكين. وبهذا اخترق تعليم اللغة العربية في الصين مناطق المسلمين السكنية وادرج في نظام التعليم العالي بالصين. الأمر الذي دل على اهتمام الحكومة الصينية باعداد الاكفاء الذين يتقنون العربية ويفهمون الثقافة العربية الإسلامية.

الطموح الثقافي

هل دراسة العربية وانتشارها في الصين وصل الى درجة ترضي الطموح الثقافي المنشود؟
تعتبر الثقافة قوة الدولة الناعمة, وقد ادرك الجميع دور التعليم والثقافة في تاصيل الحضارة وتثبيت المكانة الدولية, ففي ظل زيادة متصاعدة في الحجم التجاري البيني, يرغب كل من الصين والدول العربية في تطوير التبادل في مجالات التعليم والثقافة, لكن من الاسف الشديد ان قضية تعليم اللغة العربية في الصين, وان مضى عليها زمن تاريخي طويل, لا تزال طفلا يحبو اذا قورن الى الدول المتقدمة, اولا, عدد الاساتذة والباحثين والمترجمين القديرين ضئيل.
ثانيا: جهود معظم الباحثين مركزة على مواضيع
واقعية استعمالية من دون حضارية وتاريخية ولغوية
وادبية.
ثالثا: الدعم من كلا الجانبين الصيني والعربي ليس قويا بل يجوز ان نصفه بانه شحيح. فكثير من التخصصات الجديدة ليس لها قوة تعليمية كافية فلا كتب تدريسية ولا مراجع ومصادر ولا اجهزة ومعدات وكثير من الاتفاقات التي تم توقيعها لايزال حبرا على ورق لم تدخل في حيز التنفيذ.
ان الجامعات الصينية ليحدوها امل عريض في ان تمتد يد العون من الجهات المعنية لتبلغ هدفنا المنشود وهو نشر اللغة العربية في ربوع الصين لدعم العلاقات بين هاتين الامتين العظيمتين, العلاقات الراسخة الممتدة جذورها في التاريخ العريق والمتقدمة عجلاتها بسرعة فائقة في عصرنا الراهن. ومن خلال هذه الزيارة اتمنى ان ارى نورا مضيئا يبلغنا الى هدفنا المأمول ويشجعنا على بذل بذور الجهود على ارض الواقع حتى يقطف ثمارها كلا الجانبين الصيني والعربي ويعود نفعها على تعليم العربية بالصين وامتلاك ابنائنا الطلاب الصينيين المفتاح السحري لفتح كهف الثقافة العربية واكتشاف كنوز التراث العربي والهدف من ذلك توطيد اواصر المحبة والمودة بين شعبينا.

السياسة

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية