|
|
فتاوى كبار الكتاب والأدباء في مستقبل اللغة العربية نهضة الشرق العربي وموقفه إزاء المدنية الغربية
محمد سيد بركة
يضم كتاب «فتاوى كبار الكتاب والأدباء في مستقبل اللغة العربية.. نهضة الشرق العربي وموقفه إزاء المدنية الغربية»، آراء مجموعة من أهم كتاب العرب، في العشرينات من القرن الماضي، حول مستقبل اللغة العربية، ومنهم جبران خليل جبران، وخليل مطران، ومصطفى صادق الرافعي، وأنطوان خليل، وأمين واصف بيك، ونقولا الحداد، وإبراهيم حلمي العمر.. وغيرهم.
ويرى الباحث المغربي سعيد بنكراد، في مقدمته للكتاب أن هناك إجماعاً على تراجع اللغة العربية وتخليها عن مواقعها في الحياة العامة، وأنها أخرجت من الشارع والمنزل والحوار اليومي، كما أنها أصبحت هامشية في مجالات مركزية كالإعلام، مشدداً على أن التهليج المستمر للغة العربية وانسحاب الفصحى لتحل محلها العامية، يقلص من الطاقة التعبيرية التي تتوافر عليها العربية في طابعها الأدبي الراقي ويشوش على المعاجم العلمية.
كما تناول بنكراد في مقدمته، جانباً مهماً تطرق إليه أغلب الكتاب والمفكرين الذين تنبؤوا بمستقبل اللغة العربية في الكتاب، حيث اجتمع أغلبهم على أن التدخل الأجنبي في البلاد العربية على مر العصور حد من سلطان العربية، فكلما ازدادت المخططات ازداد تدهور أحوال اللغة، كما أن السيطرة السياسية والاقتصادية لشعوب تتحدث لغات أخرى أدى إلى تبعيتنا لهم، وبالتالي ازدهار لغتهم على حساب لغتنا العربية التي بدأت في الاندثار، في إشارة إلى أنه لا سبيل لاستعادة مكانتها إلا بالازدهار السياسي والثقافي للشعوب المتحدثة بها.
وبالنسبة لنظرة كبار الكتاب في شأن مستقبل اللغة العربية نجد أن مصطفى صادق الرافعي، الشاعر والأديب، يبشرنا بأن لغتنا العربية تمتاز عن كل اللغات الأخرى بأنها لغة القرآن الكريم والحديث، ما يؤكد عدم اندثارها. ويبين أن «اللغة لا سبيل عليها كما أن الدين لا سبيل عليه».
ورغم نظرية الرافعي في حفظ اللغة العربية فإنه حاول استنهاض الأمة للحفاظ على اللغة، لافتاً إلى أن للغة وجهاً سياسياً أيضاً، فإذا نهض العرب نهضت لغتهم، واضعاً شرطاً بأن تدرس كل العلوم باللغة العربية.. وإنشاء مجمع علمي للعرب في مصر.. وغير ذلك الكثير.
أما جبران خليل جبران، نابغة المهجر، فيرى أن مستقبل اللغة العربية يتوقف على مستقبل الفكر المبدع، الكائن في مجموع الأمم التي تتكلم بها، مطالباً بأن يعم انتشارها في المدارس العليا. كما لم يعترض جبران على انتشار اللهجة العامية في المجتمعات العربية، موضحاً أن في اللهجات العامية الشيء الكثير من الأنسب الذي سيبقى ويلتحم بجسم اللغة ويصير جزءاً من مجموعها، متطرقاً إلى وجود مظاهر أدبية فنية باللهجة العامية، لا تخلو من الجميل والمرغوب والمبتكر.
ورأى أنطوان الجميل، أن مستقبل اللغة العربية مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمستقبل السياسي والعمراني للأقوام الذين يتكلمون بها، وأنه لا قيام للغة العربية إلا بقيام دولة تؤيدها، وأشاد بفضل السوريين واللبنانيين المهاجرين إلى الأميركتين والعالم الجديد، في الخصوص، لقدرتهم على الاحتفاظ بلغتهم وإصدار الجرائد والمجلات الأدبية باللغة العربية في هذا العالم.
وفي السياق، أيضاً، كان الاستقلال وحرية الفكر هما أساس ما تحدث عنه نقولا الحداد، الكاتب الاجتماعي، حيث وجد أن مستقبل اللغة العربية متوقف على ما يناله الناطقون بها من القومية وحرية الفكر، في إشارة منه إلى أن التمدن الأوربي سيقضي على اللغة بما تستلزمه المعاني والمستجدات في الاختراعات والابتكارات من نحت للألفاظ اللائقة باللغة العربية، للتعبير عنها.
ويعقد أمين واصف بك، صاحب التآليف الأدبية والفلسفية، الأمل على الشباب النشيط الذين يعملون على نقل الأدب الغربي إلى العربية، أمثال: شكري والمازني والسباعي. كما يبين أن هؤلاء الكتاب دافعة كبيرة في سبيل الحفاظ على اللغة العربية، ويرى أن لمستقبل اللغة العربية طريقاً واضحاً، وهو انتشار المطابع والجرائد والمجلات التي ترقى باللغة العربية، إلى جانب نمو الشعور العام بالمصلحة القومية.
وفي العموم، فإن الكتاب يحوز قيمة فريدة. وكان قد صدر في طبعته الأولى، عن منشورات دار الهلال في مصر في العشرينات من القرن الميلادي الماضي، حيث وجهت المجلة سؤالين لأهم وأبرز الكتاب، الأول عن مستقبل اللغة العربية والثاني عن نهضة الشرق العربي وموقفه إزاء المدنية الغربية، وجمعت إجاباتهم في هذا الكتاب.
البيان
|
|
|
|
|