|
|
الضعف النحوي عند أبنائنا
د. عائشة صالح بابصيل
إنَ المتصفح لكتابات أبنائنا يلحظ الضعف الذي أصيبوا به ، فلا يستطيع الواحد منهم أن يكتب مقالا صحيحة لغته ، قوية عبارته ، فاللهجة تسابق الفصحى في أسلوبه ، والعامية تزاحمها ، والملهيات لأبنائنا تبعدهم عن العودة إلى مظان لغتهم ؛ لينهلوا منها .
وقد تعددت الدراسات حول أسباب الضعف النحوي عند ابنائنا ، وخلصت معظمها إلى أن أسباب الضعف تعود إلى الطالب ، وإلى العملية التعليمية ، وإلى المجتمع المحيط . وسوف نركز الحديث هنا في الأسباب المتصلة بالعملية التعليمية ، حيث يمكن تصنيفها على النحو الآتي :
- ما يتصل بعلم النحو :
إن تعدد الأحكام النحوية ، وكثرة الخلافات حول المسألة الواحدة من أهم الأسباب التي تجعل الطالب يعزف عن دراسة النحو ، يضاف إلى ذلك كثرة الأوجه الإعرابية والمصطلحات التي تزيد العبء على الطالب بحفظها مما لا يرى فائدة فيه .
كذلك فإن الدرس النحوي يركز على المبنى دون الالتفات إلى المعنى ، فصار النحو قواعد مجردة ، مبنية على ظاهر التركيب دون اهتمام بالمعنى ؛ مما زاد جفاء القواعد النحوية ، فبدا عند الدارس جسدا بلا روح .
- ما يتصل بمقررات النحو وطرق تدريسها :
لا تقوم دراسة القواعد النحوية من خلال النصوص الأدبية ، إنما تدرس من واقع امثلة متفرقة ، لا رابط بينها في المعنى ، ومن ثَم يعجز الطالب عن تطبيق هذه القواعد النحوية في نص من روائع البيان العربي
يضاف على ذلك ، قلة التطبيقات التي تتاح للمعلم أو الأستاذ الجامعي وللطلاب ؛ لكثرة الموضوعات المقررة في مرحلة دراسية معينة ، مع عدم اففادة من تقنيات التعليم ، ومن مصادر التعلم الحديثة إلا نادرا ، والاقتصار في تدريس النحو على الطريقة الاستقرائية ، أو الطريقة القياسية ؛ مما جعل الطلاب ينفرون من لغتهم .
إن الطريقة الأمثل في تعليم اللغة تكون بدراسة نصوص اللغة ذاتها ؛ ليكون الطالب قادرا على تقويم ما يكتبه ، وما يقوله ، وما يقرؤه دون حاجة إلى من يرشده في ذلك.
- مايتصل بمعلم اللغة العربية :
من المعلوم أن كثيرا ممن امتهن مهنة " معلم اللغة العربية " لم يكن راغبا في ذلك، حيث إن مجموعه التراكمي ، أو ظروفه الاجتماعية ، أو غير ذلك من المبررات تجبر الطالب على اختيار تخصص " اللغة العربية " ، دون رغبة منه ، وكما قيل : " فاقد الشيء لا يعطيه " .
وقد يكون المعلم ذا كفاءة علمية تؤهله لتدريس اللغة العربية ، ولكنه ينسى احيانا المستوى الفصيح للغة ، ويعمد إلى استخدام العامية في مناقشاته مع طلابه ، مما يرسخ على المدى البعيد عند الطلاب ان الفصحى لغة الكتاب ، لا لغة الحياة .
أيضا، وقوف المعلم عند أعتاب الزمن الماضي ، وعدم استفادته من وسائل التقنية الحديثة في تيسير مادته العلمية ، وفي تحبيب طلابه بلغتهم ، وتشويقهم لتعلمها والغبحار في البحث عن مكنوناتها .
- ما يتصل بمعلمي التخصصات الأخرى :
قد يتصرف معلمو المواد الأخرى بما يسيء إلى اللغى ، وقواعدها حينما لا يطبقون قواعد اللغة – تحدثا وكتابة – وقد يكون ذلك استخفافا منهم ، أو لاعتمادهم على أن ذلك من مهمات معلم اللغة العربية ، هذا الأمر الذي يؤكد لدى الطلاب صعوبة العربية ، وضرورة انحصارها في حصص اللغة العربية .
كل ذلك ساعد على ضعف ابنائنا في النحو ، وجعل الواحد منهم – مع انشغاله بما حوله من وسائل الترفيه- لا يقبل بحماس على تعلم لغته الفصحى ، وهو يرى العامية تتداول على الألسنة بسهولة ويسر ، محققة التواصل المنشود بين الأفراد والجماعات.
|
|
|
|
|