للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  دعوة للمشاركة والحضور           المؤتمر الدولي العاشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

الخوارق و الكرامات - 4

د. علي محمد عوين

لماذا يود البعض إظهار الكرامات؟
لماذا يريد البعض إظهار الخوارق (أو الكرامات )؟! إن أصحاب الكرامات كما يفيد التاريخ لا يجهرون بكراماتهم و يخجلون أن يعرف عنهم ذلك.نعم قد يتحدث الناس عن تلك الكرامات التي لاحظوها و شاهدوها،و لكن لا يود أصحاب هذه الكرامات أن يظهروا فهي أسرار و أمور بينهم و بين الخالق.فهم لا يريدون التبجح أو إظهار قدرة الله فيهم،فقدرة الله واضحة و جلية.و القصص كثيرة في هذا الصدد؛و سأروي هنا واحدة من هذه على سبيل الذكر لا الحصر.القصة جاءت في كتاب المستطرف في كل فن مستظرف و سأوردها ببعض الاختصار:-
(( يروى أن مالكا بن دينار قال:احتبس عنا المطر بالبصرة فخرجنا نستسقي مرارا فلم نر للإجابة أثرا.فخرجت أنا و عطاء السلمي و ثابت البناني و يحي البكاء و محمد بن واسع و أبو  محمد السختياني و حبيب الفارسي و حسان بن ثابت بن أبي سنان و عتبة الغلام و صالح المزني حتى إذا صرنا إلى المصلى بالبصرة،خرج الصبيان من المكاتب ثم استسقينا فلم نر للإجابة أثرا حتى انتصف النهار و انصرف الناس و بقيت أنا و ثابت البناني بالمصلي.فلما أظلم الليل إذا أنا بعبد أسود مليح رقيق الساقين عليه جبة صوف قومت ما عليه بدرهمين؛فجاء بماء فتوضأ ثم جاء إلى المحراب فصلى ركعتين خفيفتين ثم رفع طرفه إلى السماء و قال :- ( إلهي و سيدي و مولاي إلى كم ترد عبادك فيما لا ينفعك؟أنفذ ما عندك؟ أم نقص ما في خزائنك؟ أقسمت عليك بحبك لي إلا ما أسقيتنا غيثك الساعة)،قال فما تم كلامه حتى تغيمت السماء و جاءت بمطر كأفواه القرب.
قال مالك فتعرضت له و قلت له :- يا اسود أما تستحي مما قلت؟ قال :- و ما قلت؟ قلت "قولك بحبك لي ، و ما يدريك أنه يحبك؟ "قال " تنح عني يا من اشتغل عنه بنفسه،أفتراه بدأني بذلك إلا لمحبته إياي؟ "؛ثم قال "محبته لي على قدره و محبتي له على قدري".فقلت " يرحمك الله ،أرفق قليلا "،فقال " إنني مملوك و علي فرض طاعة مالكي الصغير".ثم انصرف فجعلنا نقفوا أثره عن بعد حتى دخل دار نخاس.فلما أصبحنا أتينا النخاس فقلت "يرحمك الله عندك غلام تبيعه لنا للخدمة؟"،قال " نعم ،عندي مائة غلام للبيع" .فجعل يعرض علينا غلاما بعد غلام حتى عرض علينا سبعين غلاما فلم ألق حبيبي فيهم.قال " عودوا إلي في غير هذا الوقت ".فلما أردنا الخروج من عنده دخلنا حجرة خربة خلف الدار و إذا بالأسود قائم يصلي؛فقلت " حبيبي و رب الكعبة ".فجئت إلى النخاس و قلت له "بعني هذا الغلام".فقال " يا أبا يحي ليست له همة في الليل إلا البكاء و في النهار إلا الخلوة و الوحدة"؛قلت له "لا بد من أخذه منك و لك الثمن و ما عليك منه ".فدعاه فجاء و هو يتناعس فقال النخاس " خذه بما شئت بعد أن تبرئني من عيوبه كلها".فاشتريته منه بعشرين دينار و قلت له " ما اسمك؟"؛قال " ميمون".فأخذت بيده أريد المنزل فالتفت و قال "يا مولاي الصغير،لماذا اشتريتني و أن لا أصلح لخدمة المخلوقين؟"،فقلت له " و الله يا سيدي إنما اشتريتك لأخدمك بنفسي".قال "و لم ذلك؟"،قلت "ألست صاحبنا البارحة بالمصلى؟"؛قال"بلى،و لقد اطلعت على ذلك!".قلت"نعم و أنا الذي عارضتك في الكلام البارحة بالمصلى".
قال فجعل يمشي حتى أتى إلى مسجد فاستأذنني و دخل المسجد فصلى ركعتين خفيفتين ثم رفع طرفه إلى السماء و قال " إلهي و سيدي و مولاي،سر كان بيني و بينك أطلعت عليه غيرك فكيف يطيب الآن عيشي؟أقسمت عليك بك إلا ما قبضتني إليك الساعة".ثم سجد فانتظرته ساعة فلم يرفع رأسه فجئت إليه و حركته فإذا هو قد مات رحمه الله.فمددت يديه و رجليه فإذا هو ضاحك مستبشر و قد غلب البياض على السواد و وجهه كالقمر ليلة البدر.و لم أكد أفعل حتى إذا بالباب شاب دخل و قال"السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،أعظم الله أجورنا في أخينا ميمون،هاكم الكفن"،فناولني ثوبين ما رأيت مثلهما قط فغسلناه و كفناه و دفناه))
هذه قصة من التراث و هي واحدة من كثير تحكي عن خصال أولياء الله الصالحين و كيف يتصرفون خجلا و وقارا.
مما تقدم نخلص إلى ما يلي:-
أولا: إن أولياء الصالحين هم أناس اجتهدوا أيام تواجدهم، أيام ربما ساد فيها الجهل و التخلف و الفساد فحاولوا جاهدين أن يقوموا بتوعية الناس و إرشادهم و بذلك نطلب من الله العلي القدير أن يجازيهم أحسن الجزاء و أن يدخلهم فسيح جناته.لكن لا دخل لهم بحياتنا و لن يكون أي كان الواسطة بيننا و بين الله عز و جل.
ثانيا: إن أصحاب الكرامات يخشون أن يعرفهم أحد بل أنهم لا يقبلون بإظهار الكرامات التي منحهم الله إياها.لا أن يقوموا بإظهار تلك الكرامات و التبجح بها.
ثالثا:لنتذكر دائما أن معجزة الرسول الكريم(ص) هي القرآن الكريم و الذي جاء يحاكي العقل و المنطق،و إنني لا أرى في إظهار الخوارق -أو ما تسمى بالكرامات عند أصحاب الطريقة –إلا استهزاء بعقول البسطاء من الناس و ربما ابتزازهم و الضحك عليهم،و قصة الشيخ عمران و الشيخة زكية ليست ببعيدة عن الأذهان.
رابعا:إن للعلم كلمة الفصل في كثير من الأحيان و مع ما نراه من تقدم علمي و تقني هائل و كما تم التقديم له في هذه السلسلة أجزم بأن كثيرا من الظواهر و الخوارق ستجد التفسير العلمي لها يوما ما.
خامسا: تحصل معجزة في زمن معين و نظرا لمحدودية تفكير و منطق البشر آنذاك فإنهم يرونها خارقة أو كرامة أو معجزة و لكن بتقدم البشر و بسلاح العلم يصبح حدوث الأمر ممكنا.فمثلا اندهشت قريش(و كذبت) أن أخبرهم رسول الله(ص) أنه ذهب و عاد في ليلة واحدة إلى بيت المقدس ،و لكن نحن اليوم نراه ممكنا جدا.
وأختم بالقول (( مثل هذه الطرق الدرباشة و العيساوية و غيرها نشأت حسب اعتقادي لتربأ الصدع الذي حدث في المجتمع الإسلامي إبان عصور الانحطاط فتكونت لتجمع المسلمين لتوعيهم و تجعلهم قريبين من الله؛إلا أنه بالتأكيد يبدأ كل شيء دائما بطابع يحمل النوايا الحسنة و بهدف نبيل ثم لا يلبث أن ينحرف إلى مسارات و أهداف غير سليمة و ربما سيئة.
و لا بد من كلمة أخيرة في هذا الصدد و هي أن ليبيا بدأت تتحسس الطريق نحو الصواب فلقد تم إزالة معظم الأضرحة بمعظم أنحاء البلد و هو أمر محمود جدا و رجوع إلى الله العلي القدير.


التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية