الصحافة العربية في الهند : نظرة تاريخية

    على الرغم من ظهور الصحافة الفارسية والأردية في مطلع العقد الثالث من القرن التاسع عشر الميلادي في الهند  فإن الصحافة العربية في الهند تأخر ظهورها إلى العقد الثامن من ذلك القرن ؛ حيث طلعت صحيفة (النفع العظيم لأهل هذا الإقليم) في السابع عشر من أكتوبر سنة 1871م في مدينة لاهور (التي تقع اليوم في باكستان).وكان لهذه الجريدة أثر ملموس في انتشار وتطور اللغة العربية في مدينة لاهور وما حولها من المناطق ، وقد قام بتأسيس هذه الجريدة شمس الدين ، وشجعه على نشرها وجود مطبعة لدى والده محمد عظيم ، وفي السابع من أكتوبر سنة 1871م ، صدر أول عدد لهذه الجريدة ، وكان الشيخ مقرب علي ، رئيسا لتحريرها ، وكان جي. دبليو. لايثير المسجل بجامعة بنجاب آنذاك من المشرفين عليها).
    ثم صدرت صحيفة (الرياض) ، إلا أنها لم تعش طويلا لظروف غير مؤاتية ، وتلتها صحيفة (البيان) الصادرة في مدينة لكناو (التي هي اليوم عاصمة ولاية أوترابراديش الهندية) سنة 1902م ، ونالت قبولا عاما في الأوساط الثقافية في البلاد العربية. ثم نجد الصحفي الأردي المبرز وأول وزير التعليم في الهند المستقلة مولانا أبو الكلام آزاد يشرف على صحيفة عربية صدرت من مدينة كولكاتا باسم (الجامعة) سنة 1923م. وتلاه ظهور مجلة (الضياء) من مدينة لكناو سنة 1932م. كانت (الضياء) مجلة عربية شهرية ، أصدرتها دار العلوم لندوة العلماء في لكناو في شهر محرم الحرام 1351هـ ، الموافق مايو 1932م ، تحت إدارة الأديب والعالم الهندي مسعود عالم الندوي ، وبإشراف الأستاذين الجليلين العلامة السيد سليمان الندوي والشيخ تقي الدين الهلالي. وشارك في تحريرها كل من الأستاذين العلامة أبي الحسن علي الحسني الندوي والشيخ محمد ناظم الندوي.
    ولما شرعت الحكومة الهندية في تعزيز العلاقات الثقافية بين الهند ودول العالم بعد استقلال البلد ، اهتمت فيما اهتمت به من الأمور بإصدار مجلة عربية باسم (ثقافة الهند) سنة 1950م في العاصمة الهندية. وبعد مضي خمس سنوات أصدر الشيخ محمد الحسني مجلة (البعث الإسلامي) في مدينة لكناو ، وكلتا هاتين المجلتين العربيتين ظلتا تحتلان مكانة بارزة في مجال الصحافة العربية في الهند حتى اليوم.
     وتوالى صدور الصحف المجلات العربية في الهند في النصف الثاني من القرن العشرين ، وخاصة بعد استقرار حالة المسلمين الهنود ، وتأسيسهم العديد من المدارس العربية في طول البلاد وعرضها. ومن أهم الصحف التي ظهرت في الخمسينات وبعدها : مجلة (صوت الشرق) الشهرية التي أصدرها مركز استعلامات سفارة الهند بالقاهرة سنة 1952م ، وجريدة (الرائد) النصف شهرية التي أصدرتها ندوة العلماء بلكناو سنة 1959م، ومجلة (دعوة الحق) الفصلية التي أصدرها الشيخ وحيد الزمان الكيرانوي (المتوفى سنة 1995م) أستاذ اللغة العربية بدار العلوم بديوبند سنة 1965م ، ومجلة (صوت الأمة) الشهرية التي أصدرتها الجامعة السلفية بمدينة بنارس سنة 1969م والتي صدرت في بداية الأمر باسم (صوت الجامعة) سنة 1389هـ ، ومجلة (الهند) الثقافية التي أصدرتها السفارة الهندية في سوريا سنة 1972م، وجريدة (الكفاح) النصف شهرية التي أصدرها الشيخ وحيد الزمان الكيرانوي سنة 1973م ن وجريدة (الدعوة) الإسلامية الثقافية التي أصدرتها الجماعة الإسلامية في الهند سنة 1975م. هذا بالإضافة إلى ظهور الصحف والمجلات العربية الأخرى في مختف أنحاء الهند. وقد أصدر أخيرا قسمُ اللغة العربية بجامعة كيرالا بجنوب الهند مجلتها الفصلية العلمية الأدبية والثقافية باسم مجلة (كيرالا) ، وظهر عددها الأول في يناير سنة 2011م.
    وتجدر الإشارة إلى أن جريدة (الرائد) النصف شهرية ما زالت تحتل مكانة مرموقة في مجال الصحافة العربية في الهند من حيث احتوائها على مقالات قيمة ومعالجتها قضايا الأمة الإسلامية بشكل عام والمسلمين الهنود بشكل خاص.
1. الصحافة العربية في الهند : نشأتها وتطورها ص83.
2. المرجع السابق ص86.
3. مساهمة دارا لعلوم ندوة العلماء في اللغة العربية وآدابها حتى عام 1991م (رسالة جامعية) ص268.
4. الصحافة العربية في الهند : نشأتها وتطورها ص87.
5. انظر : الصحافة العربية في الهند : نشأتها وتطورها للدكتور أيوب تاج الدين ، ومساهمة الهند في النثر العربي خلال القرن العشرين ، رسالة لنيل شهادة الدكتوراه ، أعدها الباحث أشفاق أحمد ، ومجلة كيرالا (العدد الأول).