للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  دعوة للمشاركة والحضور           المؤتمر الدولي العاشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

صناعة المعجمات متعددة اللغات و أهمية توحيد منهجية وضع المصطلحات

أ. إسَلمُو ولد سيدي أحمد

 منهجية وضع المصطلحات، على أساس علمي قويم، ليست بالسهولة التي قد يتخيلها بعض المهتمين بهذا المجال، خاصة إذا تعلق الأمر بالمعجمات متعددة اللغات، لأننا في هذه الحالة- لابد أن  نراعي خصائص كل لغة على حدة، منطلقين من أن اللغة- أي لغة- ليست أداة  تواصل وحسب، وإنما هي هُوية وثقافة ووعاء للفكر. وقد تنبه مكتب تنسيق التعريب في وقت مبكر لهذه القضية، فعقد عدة ندوات حول الموضوع، من أهمها ندوة الرباط سنة 1981، وندوة عمان سنة1993  ، وندوة طنجة سنة1995 .
وفي مقال سابق بعنوان: منهجية مكتب تنسيق التعريب في اختيار المصطلحات العلمية ووضعها،علقت على بعض المبادئ الأساسية الصادرة عن ندوة الرباط وحرصت على نشر هذه المبادئ ، وعددها :18  ،في آخر المقال ، المشار إليه، لما قد يكون في ذلك من فائدة للمهتمين بالموضوع .
وأشير بهذه المناسبة إلى أنه : تنفيذًا للتوجهات والتوصيات الصادرة عن مؤتمرات التعريب الدورية التي تعقدها  المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وجهازها المتخصص مكتب تنسيق التعريب، والتي تشارك فيها الجامعات والمجامع والمراكز المتخصصة العربية، واسترشادًا باقتراحات الأساتذة، والخبراء المشاركين في الندوات المشار إليها، وضع المكتب منهجية واضحة المعالم، وأصبح يضعها تحت تصرف الخبراء الذين يتعاونون معه في مجال إعداد المشروعات المعجمية. كما يحرص على التنسيق الكامل والتشاور المستمر بين هؤلاء الخبراء، غير المتفرغين، وزملائهم العاملين بالمكتب، حتى تستجيب المعجمات الموحدة، الصادرة عن مؤتمرات التعريب، لأهم المعايير الاصطلاحية والمعجمية المتعارف عليها عربيًّا ودوليًّا.
ونظرا إلى أن المبادئ الأساسية لهذه  المنهجية، منشورة في وثائق المكتب الرسمية، وفي دوريته المتخصصة، مجلة "اللسان العربي"، ونشرت إلكترونيا-كما أسلفت- فإن هذه الورقة، سَتُعْنَى– أساسًا- بجانبين رئيسين أحدهما إجرائي، والآخر منهجي.
يتناول الجانب الإجرائي المراحل التي يمر بها إعداد مادة المعجم، قبل طبعه النهائي وطرحه للتداول .
لقد مر المكتب بعدة تجارب في هذا المجال، لا يتسع المقام هنا لذكرها، ولهذا، فإن الحديث سينصب على الإجراءات المعتمدة في الوقت الراهن. ولعل أهم شيء يحرص عليه المكتب، عند التعاقد مع فريق عمل لإعداد معجم معين، في موضوع معين، هو ضرورة وجود الأستاذ المتخصص(في مادة المعجم)، والمترجم، والمصطلحي، والمعجمي، والمراجع اللغوي،ضمن فريق الإعداد، حيث ثبت بالتجربة، أن إعداد معجم متعدد اللغات، يتطلب وجود فريق عمل متكامل، بالطريقة المشار إليها .
يتمثل الجانب المنهجي العلمي، في الالتزام بالمبادئ والمعايير الواردة في منهجية اختيار الألفاظ والاصطلاحات، التي اعتمدها المكتب، بالإضافة إلى التنسيق والتشاور– عند الاقتضاء- مع خبرائه بوحدة الدراسات المعجمية والمصطلحية، في أثناء مراحل الإعداد المختلفة، بغية إنجاز العمل على أكمل وجه، قبل عرضه على مؤتمر للتعريب لدراسته وإجازته.
وانطلاقًا من أن الهدف الرئيس من هذه المعجمات هو إيجاد مقابلات عربية للمصطلحات الإنجليزية (المستخدمة في المشرق العربي) والمصطلحات الفرنسية (المستخدمة في المغرب العربي)، مع الانفتاح-عند الحاجة- على لغات حية أخرى، كما يحدث حاليا، بالنسبة إلى مشروع (arabterm) الذي يُعَدُّ نقلة نوعية في إطار التعاون العربي الألماني، في هذ المجال ، وهو عبارة عن إعداد قاموس تقني بأربع لغات(العربية-الإنجليزية-الفرنسية-الألمانية) ، ينشر على الشابكة (الإنترنت). و ينتظر أن يصدر في عشرين مجلدا، في مجالات مختلفة .علما بأن المجلد الأول، من هذا المشروع المهم ، صدر في السنة المنصرمة(2011) وتضمن المصطلحات الخاصة بمجال السيارات ، ويطلق في هذه السنة(2012) المجلد الثاني المتعلق بمصطلحات المياه .
وتنفيذًا لقرارات القمم العربية الداعية إلى النهوض باللغة العربية للتوجه نحو مجتمع  المعرفة، فإن منهجية المكتب  تركّز على المعايير الخاصة باختيار المصطلح العربي الرصين، مع الاهتمام باختيار المصطلحات (الإنجليزية أوالفرنسية أو الألمانية. إلخ.) الأكثر صلة بموضوع  المعجم – المقرر إعداده- من خلال اعتماد المصدر الحُجَّة والمرجع الأصيل، كما يتم اختيار المقابلات العربية المتفق عليها في البلدان العربية، وخاصة المعتمَد منها في مجامع اللغة العربية، والمؤسسات المصطلحية المتخصصة، ولدى العلماء والأفراد النَّابغين في موضوع المعجم.
ولا بأس من التذكير، في آخر هذه الورقة بالملامح العامة لمنهجية المكتب، وذلك على النحو الآتي:
ينبغي  العمل على وضع مصطلح عربي واحد للتعبير عن مفهوم المصطلح الوارد في اللغة المصدر (المترجم منها)، في حقل معرفي واحد، لأن المصطلح يختلف عن الكلمة العامة التي تأخذ معناها مما حولها (أي من السياق الواردة فيه)، بينما المصطلح يعبر عن مفهوم واحد، بصرف النظر عن السياق الوارد فيه. مع تفضيل المصطلح العربي الفصيح على المعرَّب (أي المنقول بلفظه إلى العربية)، وتفضيل المصطلح الذي يسمح بالاشتقاق، بصفة عامة، والمصطلح المفرد، بصفة خاصة، لأنه يسمح بالاشتقاق، والنسبة، والإضافة، والتثنية، والجمع، كما يستحسن ضبط المصطلحات بالشكل– جزئيًّا أو كليًّا- حسب الحاجة، حرصًا على صحة النطق ودقة الأداء، ويتعين ذلك أحيانا لتفادي اللُّبس، مثل التفريق بين اسم الفاعل واسم المفعول نحو: مُكوِّن، مكوَّن، مرجِّح، مرجَّح، إلخ. وتوجد أمور تفصيلية أخرى يجري التداول فيها بين الخبراء، في أثناء إعداد المعجم، مثل: الحرص على التوافق بين لغات المعجم، من حيث المفهوم، والإفراد، والتثنية، والجمع، والصيغة (اسم، فعل، إلخ.)، ولابد من الإشارة كذلك إلى أن الأصل في المصطلح أن يوضع في صيغة الاسم (المصدر)، ويمكن أن يوضع في صيغة الفعل، في حالة عدم وجود الاسم، أو شيوع المصطلح في صيغة الفعل. وفي حالة استعمال، الفعل الوارد في اللغة (المصدر) في صيغة الماضي، ينبغي وضع المقابل له في اللغة (الهدف) في الزمن الماضي كذلك، وهكذا بالنسبة إلى المضارع، إلخ. كما يستحسن التقريب بين المصطلحات العربية والمصطلحات العالمية -قدر المستطاع – لتسهيل الترجمة من لغة إلى أخرى، وذلك في حالة وجود مصطلح عربي أصيل وفصيح ، يتفق في اللفظ مع نظيره في لغات عالمية غير عربية، نحو : كَبْل (cable) وساتِل (satellite)، إلخ. وبالإضافة إلى أهمية التقارب بين اللغات العالمية، فإن: الكَبْل- في بعض الحالات- أدقُّ من: الحبل، لأنه يُعبِّر في بعض الأحيان، عن مجموعة  أسلاك معزول، بعضها عن بعض، موضوعة في غلاف واقٍ، وقد يُستعمَل في توصيل التيار الكهربائِيّ، أو في أمور أخرى، كما أن (الساتل)، أدقُّ من: القمر الصناعي، وهو المصطلح المتداول بكثرة  في  وسائل الإعلام. لابد كذلك من احترام – قدر المستطاع- الأوزان العربية، لما يترتب على ذلك من دقة في التعبير عن المفهوم، مع الحرص على كتابة المصطلح العربي بطريقة صحيحة، لأن كتابته بطريقة خاطئة قد تؤدي إلى فهم خاطئ، وأقرب مثال لذلك كتابة الهمزة بطريقة خاطئة، لصلة كتابتها بحركات الحروف .
وفي الختام، لابد من الإشارة إلى ضرورة الاهتمام بتوحيد المصطلحات و المعايير والمناهج ،على مستوى العالم العربي، لما يترتب على ذلك من أثر محمود- عربياً ودولياً- وذلك لخلق لغة علمية عربية واحدة، تستوعب التطور العلمي والثقافي، وتلبي حاجات التعليم والإدارة، وتستجيب لمستلزمات الإنتاج ومتطلبات مراكز البحوث العلمية.


التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية