لم تمر الجلسة الأولى الرسمية للمجلس الأعلى للتربية والتكوين، التي انعقدت قبل يومين، دون أن تبصم لدى الحاضرين والمتتبعين، وتذهب في الاتجاه الذي كان يتخوف منه الكثيرون خصوصا مسألة لغة التدريس المعتمدة بالمدرسة العمومية المغربية. الجلسة التي كانت مبرمجة خلالها تدخلات لكل الأعضاء لإبداء آراءهم في اختلالات المنظومة، شهدت عودة نور الدين عيوش إلى التذكير بمقترحه و"المشروع" الذي سبق وقدمه والمتعلق بإدراج الدارجة ضمن التعليم بصفة رسمية. فقد افادت مصادر الجريدة ان صاحب مؤسسة زاكورة للقروض الصغرى لم يترك الفرصة تمر دون أن يذكر بما اعتبره مشروعا لتصحيح اختلالات التعلمات وتحسين الكفايات اللغوية والرفع من قدرة التحكم فيها بالنسبة للمتعلمين، مؤكدا خلال نفس التدخل أن قوله مسنود بدراسات "علمية"، وأنه وخبراؤه على استعداد لتزويد المجلس بنتائج الدراسات التي قاموا بها في هذا المجال، والتي توضح علمية وصحة ما ينادون به.
مداخلة عيوش، وحسب نفس المصادر، لم تمر دون أن تشهد ردود أفعال مختلفة، وهو ما ظهر من خلال المداخلات التي تلته ، والتي حاول جل أصحابها التصدي له، ووصل الأمر ذروته عند عبد الحميد عقار، الأديب والناقد ورئيس اتحاد كتاب المغرب سابقا، الذي دبج مداخلته بكلمات ومصطلحات عربية فصيحة وبليغة تنهل من المصادر العربية ومن جذور اللغة، محاولا في نفس المداخلة التصدي بقوة لطرح عيوش مبرزا الجوانب الخطيرة لمشروع التدريج على المدرسة العمومية المغربية وعلى أبناء المغاربة الذين يتلقون تعليمهم بهذه المدرسة، وهي مداخلة ثمنها الحاضرون، "لأنها تأتي من طرف أستاذ جاميعي درس هذه اللغة وأبدع بها لأكثر من ربع قرن، وليس دخيلا على المجال" على حد تعبير أحد الحاضرين.
رئيس مؤسسة «زاكورة» كان قد تراجع إلى الوراء قليلا بعد الانتقادات التي ووجه بها بعد الندوة التي عقدها في أكتوبر من السنة الماضية ودعا خلالها إلى اعتماد الدارجة في التعليم العمومي، ورفع توصيات الندوة ومذكرة في الأمر إلى ملك البلاد، وإلى رئيس المجلس الأعلى للتعليم، وعدد من المتدخلين وأصحاب القرار ، لكن ما جوبه به من طرف الكثيرين إلى درجة وصفه بـ "تاجر يبحث في كل مرة عن وسيلة للتقرب من الدولة وربح الأموال"، و "بأنه يراكم ربحا غير مشروع على ظهور التلاميذ المغاربة باسم إصلاح التعليم" ، خاصة عندما كان يحصل على عشرين ألف درهم عن كل تلميذ في السنة، بينما يكلف التلميذ الواحد النظام العمومي حوالي 5000 درهم فقط.
هذا ، وقد خلفت عضوية عيوش للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ردود فعل مختلفة . المجلس الذي سمي أعضاؤه قبل أسبوع يأتي في إطار تنزيل مقتضيات دستور 2011 سيما الفصل 168 منه، والذي ينص على إحداث هذا المجلس باعتباره هيأة استشارية إلى جانب الهيآت التي تمت مأسستها بمقتضى الدستور الجديد.

العَلم