|
|
الأخطاء الأكثر شيوعا في الكتابة الصحافية
كبيرة بنجبور- سكينة خرباش
إن إتقان أي مهنة يتطلب معرفتها أولا والتزود بأداواتها ثانيا، والعمل على تطويرها للرقي بها ثالثا، والصحافة لا تستثنى من هذه القاعدة. وإذا كانت لكل مهنة أدوات ورأسمال فاللغة سلاح الصحافي، ورأسماله الحقيقي إلى جانب تكوينه، ومعارفه الثفافية، وخبرته الأسلوبية. وبإطلالة خفيفة على صفحات الجرائد العربية عامة والمغربية خاصة، يتعثر القارئ بين الفينة والأخرى في عقبات الرفع والنصب والجزم، ويقطع مسافات العدو الطويلة باحثا عن علامات الترقيم ليلتقط عندها أنفاسه.
وتتنوع الأخطاء الشائعة بين الإملائية التي تشفع لها عملية الرقن، وبين النحوية التركيبية، وأخرى أسلوبية، فالصحافي يُكال بميزان القارئ، وتعبر عنه كتابته وأسلوبه، ويموت في كل زلة تشتت تفكير المتلقي.
وقفنا عند نماذج من الأخطاء في الكتابة الصحافية، من باب الاستفادة والإفادة، على سبيل المثال وليس الحصر، ومنها تكرارا كلمة "قام"، التي تستعمل في كل مكان لتغطية أي عجز لغوي، "قام بالكلام" و"قام بالقتل" و"قام بالهرب..."إلخ، مع أنه من الأسهل استخدام الفعل المجرد كالقول "تكلم" و"قتل" و"هرب"، ويستخدم البعض عبارات مثل "أقام فلان مظاهرة" و"أقام حاجزا"، و"أقام حفلا"، و"أقام بيتا"، مع أنه من الأسهل والأفضل والأفصح استعمال أفعال أنسب لذلك مثل "نظم مظاهرة"، و"نصب حاجزا"، و"استضاف حفلا"، و"شيد بيتا".
نفس الشيء مع عبارة "تم" ومعناها الحرفي "اكتمل"، إذ اعتاد البعض استخدامها أصلا لتلافي التشكيل في حالة المجهول، فبدلا من كتابة "اعتُمد" تسُخدم عبارة "تم اعتماد"، ويأتي استخدام "تم" في بعض الأحيان معيبا ومغالطا للمضمون، إذ يقال مثلا "تمت محاولة الاغتيال" أو "تمت المفاوضات الفاشلة"، فكيف تتم المحاولة إذا كانت مجرد محاولة، أو كيف تتم المفاوضات إذا فشلت؟ ولذلك يفضل استخدام كلمة "جرى" التي قد تعني استمرار الفعل، لكنها على الأقل، لا تعني إكماله أو اكتماله.
والخطأ الشائع والمستعمل كثيرا لارتباطه بالتصريحات القول بأنَّ: حسب القاعدة اللغوية المعروفة، بعد "القول" تأتي "إنَّ" وليسَ "أنَّ". كذلك لا يجوز أن نقول: "قال بأنَّ"، أو قال بإنَّ"؛ لأنَّ "القول" لا يحتاج إلى التعدية بالباء. يكفي أن نقول: "يمكن القول إنَّ...".
واستنادا على مقولة "خطأ شائع خير من صواب مهجور"، نجد عبارات: "منذ فترة قصيرة" والمقصود هنا منذ وقتٍ قصير، أو مُدّة قصيرة؛ بينما "فترة" تعني وقتاً طويلاً من الزمن، قد تبلغ قروناً!
وعبارة "حيث يمكن القول" بدل إذ يمكن القول لأنّ لفظة "حيث"، في معناها اللغوي، ظرفٌ يختصُّ بالمكان، ولا علاقة له بالمعنى التوكيدي، مثل: "جلستُ حيثُ جلسَ صديقي"، أي: في المكان الذي جلسَ فيه، و"اذهَبْ حيثُ شِئتَ"، أي: في أيّ طريقٍ أرَدْتَ.
ويمكن استعمال "فقد" بدلاً مِن "حيثُ"، في بعض مواضع الكلام مثل: "استمعتُ إلى الرئيس باهتمام "فقد كان كلامُهُ صحيحاً"، بدلاً من القول: "حيث كان كلامُهُ صحيحاً".
عبارة الآنفُ الذكر: الصحيح أن نقول: المذكورُ آنِفاً، أي: المُتقدّم ذكرهُ، أو السالف الذكر؛ لأنّ "آنِفاً" ورَدَ ظرفَ زمان ٍ، في كلام العرب، ولم يُشتق من "أنِفَ" الثلاثي "أنِفَ- أنِفَ منهُ: استنكفَ وتنزَّهَ، وأنِفَ الرجلُ: عجَّلَ في أمرهِ، وأنِفـَهُ: كَرهَهُ....
عبارة "يَتواجَدُ" والصحيح يوجَدُ لأن "يَتواجَدُ" يعني: يَبوحُ بالوَجْدِ والشوق والحُزن.
جريدة : الصحيح: صحيفة؛ لأن (الجريدة) تعني: واحد الجَريد، وهو سَعَفة النخيل، إذا جُرِّدَت من وَرَقِها. وتعني أيضاً: جماعة الخيل لا رجّالة فيها، إضافة إلى معاني أخرى. و"الجريدة" بمعنى "الصحيفة"، هي كلمة مُوَلـَّدة ومُحْدَثة، ولا تفي بالغرض المنشود.
يستحسن استعمال عبارة فـَضْلاً عن أو: عِلاوَةً على بدل ناهِيْكَ: الصحيح: ؛ لأنّ "ناهِيْكَ" كلمة ُ تعجُّبٍ واستعظام، مثل: ناهِيْكَ بفلانٍ شاعراً، ويعني: حَسْبُكَ بهِ شاعراً، أي: لا حاجة بك للبحث عن شاعر غيرهِ؛ فهو يكفيكَ ويغنيكَ عن غيره.
وفي موضع آخر نجد: إحدى المستشفيات أحد المستشفيات، لم تخلو كلماته من السخرية/لم تَخلُ كلماته من السخرية، محطات ثلاثة /محطات ثلاث، لكلام الغير مفيد/ الكلام غير المفيد، سوف لا يحضر/لن يحضر، لا ينبغي عليه/لا ينبغي له، أصغى له عندما تحدث/أصغى إليه عندما تحدث.
إن البحث في الأخطاء الشائعة لا يمكن حصره في مقال ما دامت الكتابة في هذا المجال دينامية ومتحركة، تخضع لإكراهات عدة، وتسعى لمواكبة المتغيرات المجتمعية ما ينحو بها أحيانا لاستعمال اللغة العامية بذريعة الحفاظ على مضمون المعلومة، وتبقى العلاقة بين الكتابة الصحافية والأخطاء قائمة، تستدعي معرفتها لتجنب الوقوع فيها، بغية الرقي بهذه المهنة.
العَلم
|
|
|
|
|