للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  دعوة للمشاركة والحضور           المؤتمر الدولي العاشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

من خصائص اللّغة العربيّة - الخصائص الصرفيّة

أ.د. عبد الحميد عبد الواحد

من الخصائص اللّسانية الشائعة في كلّ اللّغات الخصائص الصرفيّة. وهي خصائص تتعلّق بالكلمات المفردة أو المركبة وأبنيتها، وذلك خارج نطاق التركيب لا محالة. وبنية الكلمة في اللّغة العربية، هي الحروف الأصول، مع الحركات والسكنات، والحروف الزائدة، إن وجدت. هذه العبارة للشيخ الأستراباذي، تقضي بوجود المكوّنات المشار إليها التي تشرّع لنا الحديث عن البنية. وهذه المكوّنات مثلما ألمحنا إليه منذ قليل هي بالأساس الحروف الأصول الحاصلة في الكلمة التي قد تكون فعلا متصرّفا أو اسما متمكّنا. و الحروف الأصول هي ثلاثة حروف بالنسبة إلى الثلاثي، وأربعة، أو خمسة بالنسبة إلى الرباعيّ أو الخماسيّ. وهذه الحروف الأصول تفرز معنى عاما مشتركا نجده في كلّ الكلمات التي تربطها علاقة اشتقاقية غير خافية، وهي لا تخرج عن نطاق ترتيب هذه الحروف الأصول، بالنظر إلى الحرف الأوّل والثاني والثالث أو غيره. وأمّا الحركات والسكنات فهي أُولى الزيادات التي تنضاف إلى الحروف الأصول باعتبار أن بنية الثلاثي لا تخرج عن متحرّك/ متحرّك/ ساكن، أو متحرّك/ ساكن/ ساكن. وأمّا من حيث حروف الزيادة فالكلمة في العربيّة إمّا مجرّدة، أو مزيدة. وبهذه التصوّرات لا اعتداد لحركة الحرف الأخير في الكلمة اسما كانت، أو فعلا لأنّها إمّا هي علامة إعراب أو علامة بناء.
هذه الأبنية في العربيّة، إن أردنا إحصاءها كثيرة مختلفة، سواء تعلّقت بالأفعال أو الأسماء. وهذه الأبنية من باب التصريف هي عرضة للكثير من التغييرات. والتغييرات على ما هو شائع نوعان: يطلق على أحدهما "التغيير"، وعلى ثانيهما "التحريف" بمصطلحات ابن حنّي. وهذان النوعان يشكّلان قسمي  التصريف. إذ القسم الأوّل منهما هو ما يمكن أن نطلق عليه "التصريف الاشتقاقيّ"، والثاني منهما هو ما يمكن أن نطلق عليه "الصرفيّ/ الصوتيّ".
التصريف من النوع الأوّل هو تغيير يطرأ على بنية الكلمة، و يكون مصحوبا بتغيير في المعنى. وأبرز أشكال التصريف في هذا الباب قائمة على الزيادة، أي زيادة حرف أو أكثر إلى الكلمة، سواء تحقّقت الزيادة  في الصدر أو في الحشو أو الآخر. والزيادة قد تكون بزيادة حرف أو أكثر، أو زيادة بتكرير، ممّا يجعل الكلمة قد تصل إلى ستّة أو سبعة أحرف، وهو منتهى ما تصل إليه الكلمة في العربيّة. وهذه الزيادة قد تكون قياسيّة مطّردة، أو أن تكون  متعلّقة بالاستعمال أو السماع فحسب. والزيادة في البنية أو اللّفظ  تصحبها بالضرورة زيادة في المعنى. وهذا ما يطلق عليه "المعاني الطارئة" ، وذلك في مقابل المعاني الأصليّة أو اللّغويّة. ولا يخفى أنّ هذا التصريف له علاقة بالاشتقاق أو له  به، بعبارة ابن جنيّ، نسب قريب. ف "كَتَبَ" و"يَكتُبُ" و"اكتُب" تصريف واشتقاق في الآن نفسه، و"كتَبَ" و"كاتَبَ" و"كتَّبَ" و"استكتبَ" تصريف واشتقاق أيضا، و"كَاتِب" و"مَكتوب" و"كِتاب" و"كُتيّب" و"مَكتبة" تصريف واشتقاق أيضا. وفي الحالتين إنّ التصريف والاشتقاق ما هو ما هو إلّا تقليب الكلمة على أوجهها المختلفة.
وأمّا النوع الثاني  من التصريف فهو تغيير للبنية أو اللّفظ، دون أن يصحبه  تغيير في المعنى. والغالب على هذا التغيير الإعلال، وما يشبهه كالقلب والبدل والحذف والإدغام ونقل حركة. هذا التغيير ما هو في الحقيقة إلّا تغييرات صرفيّة صوتيّة، أو هو تغييرات صوتيّة وظيفيّة أو فونولوجيّة، من شأنها أن تغيّر من بنية الكلمة بما يتلاءم وخفّة النطق، وذلك تبعا  لجملة من القواعد الصوتيّة/ الصرفيّة التي تطبّق باطّراد، أو بغير اطّراد، وفق سياقات محدّدة وشروط مضبوطة، انطلاقا من افتراضات افترضها النحاة أو علماء الصرف لاختزال جملة من المسائل في إطار الباب الواحد. ومن هذا القبيل التحوّل من "قَوَلَ" إلى "قال" ومن "خَوِفَ" إلى "خافَ" ومن "رَمَيَ" إلى "رمَى" ومن "مِوْزان" إلى "ميزان" ومن "شَدَدَ" إلى "شَدَّ"، وقس على ذلك.
هذان النوعان من التصريف يمسّان بلا ريب، كلّ الأفعال المتصرّفة والأسماء المتمكّنة، مبعدين من ذلك، بلا جدال الحروف بأنواعها، لأنّ أصلها البناء، مثلما نبعد الأسماء المبنيّة المشبّهة بالحروف لأنّها مبهمة أو مُغرقة في الإبهام، والأفعال الجامدة لأنها غير متصرّفة.
والتصريف في خاتمة المطاف، باب واسع من اللّغة، لم يكن في بداية التأسيس بمعزل عن أبواب النحو الذي أرسى دعائمه الخليل أو سيبويه، ليستقلّ بنفسه بعد ذلك عند الكثير من علماء الصرف، فصُنّفت في الغرض مصنّفات قائمة الذات مستقلّة بمسائل التصريف وحدها، وذلك من نحو "التصريف"  الذي أنجزه المازنيّ، و"التكملة" الذي أنجزه أبو علي الفارسيّ، و"التصريف الملوكيّ" صنعة ابن جنّيّ و"الشافية" لابن الحاجب و"الممتع في التصريف" لابن عصفور وغيرها.
والتصريف على ما شاع هو تصريف الفعل حسب الصيغ (الماضي والمضارع والأمر)، والتصريف حسب البناء للمعلوم والمجهول، والتصريف حسب الضمائر المختلفة (المتكلّم والمخاطب والغائب والمفرد والمثنّى والجمع والمذكّر والمؤنّث)، وهو أيضا تصريف الاسم حسب المقولات النحويّة، كالتعيين (التعريف والتنكير)، والجنس (المذكّر والمؤنّث)، والعدد (الفرد والمثنّى والجمع)، هذا بالإضافة إلى أشكال التصريف الشائعة المتداولة عند جمهور علماء الصرف ألا وهي التكسير والتصغير والنسبة، وهذا فضلا عن التصريف الصوتيّ الوظيفيّ الذي سبق أن أشرنا إليه كالقلب والحذف والإدغام وغيرها، وهو باب واسع في العربيّة يمسّ الأفعال والأسماء على حدّ سواء.


التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية