|
|
بلاغة الحروف
يستوقفني كثيراً أداء إحدى مذيعات قناة «الحدث» الإخبارية بحضورها الجميل وقدرتها على دمج المشاهد في المادة الإخبارية التي تتلوها. هي واحدة من المذيعات حديثات العهد بالمهنة، لكنها تحقق نجاحاً تستحقه ليس لجمال صــورتها فـــحسب، ولكن أيضاً لانتباهها لما في مهمة تقديم القراءة الإخبارية من عناصر جاذبية لا بد أن تتوافر للمذيع والمذيعة، بعضها خلقي وهبة ولكن بعضها الآخر «مكتسب» يستطيعه المجتهدون.
مع ذلك يستوقفني خلل أراه فادحاً في نطق حرف واحد محدد من حروف لغتنا العربية، فالمذيعة الناجحة وحتى المتألقة دأبت ومنذ بدايات ظهورها على الشاشة الصغيرة على الخلط بين حرفي السين والثاء فنراها – غالباً – تلفظ السين ثاء!
ربما يكون هذا الخلط ناتجاً أساساً من رغبتها في مقاومة عادة دارجة بين أبناء المدن في نطق الثاء باعتبارها سيناً فكان أن ضاعفت المذيعة المذكورة من حرصها على تجنب ذلك بطريقة معكوسة؟
أشير لهذا الخلل ومعه أيضاً «أخطاء شائعة» أخرى يرتكبها مذيعون ومذيعات من بلدان عربية محددة في حق بعض حروف اللغة عند نطقها في برامجهم: بعض أبناء بلدان عربية يلفظون الضاد باعتبارها ظاء، فيلفظون كلمة الحضارة كما يلفظون الحظارة وهذه أيضاً تذهب بالمعنى مثلما تذهب بجماليات القراءة وسلاستها.
ليست هذه ملاحظات عابرة أو قليلة الأهمية خصوصاً أن الخدمات الإخبارية التلفزيونية باتت ومنذ زمن طويل هي الأكثر حضوراً في حياة المواطنين العرب الذين هجروا الإذاعة المسموعة إلا نادراً وتوجهوا بكلية اهتمامهم للشاشة الصغيرة للإطلاع على ما يدور في العالم الواسع من أحداث.
ذلك كله يحتاج متابعة من القائمين على البث التلفزيوني في هذه القناة أو تلك لتصويب ما يتكرَر من أخطاء حفاظاً على تقديم قراءات لغوية سليمة تنضبط لأصول اللغة أولاً، وتحقق تالياً الفائدة والمتعة، وهي مسألة سهلة وإن تكن بالغة الأهمية.
أما مذيعة قناة الحدث فلا يقلل من جمال حضورها وجود تلك الزلات، بل هو يدفع نحو التنبيه لها من أجل التخلص منها والعودة للنطق السليم والقراءات السلسة وذات الجاذبية العالية التي تمتلكها بحضورها وأدائها المميزين في وسيلة إعلامية هي محط اهتمام المشاهد.
الحياة
|
|
|
|
|