|
|

العربية حامل الفكر الفلسفي الإسلامي
شاكر نوري
كانت اللغات ولا تزال هي وحدها القادرة على التحدي والمقاومة لأنها جزء من إبداع الشعوب. أما في حالة اللغة العربية، فهي تتميّز بأنها حملت التقديس عبر إعجاز القرآن الكريم، ومن ثم تحولت إلى حامل للفكر الفلسفي الإسلامي العربي على مدى قرون. لكن العرب تلقوا صدمة التكنولوجيا منذ الثورة الصناعية، لذلك لم يكن تكيفهم سهلاً. وجاءت الاختراعات من مكان آخر، من وراء الحدود، ليحلّ ضيفاً على اللغة العربية.
قبل الدعوة الإسلامية، كانت العربية لغة الإبداع الشعري، وحتى العصر العباسي، لم يكن للعرب عهد بالفكر الفلسفي والعلوم، وما أن انفتحت الحضارة العربية على الأمم الأخرى، حتى أخذت باستيعاب تجاربها.
فقد تكيفت اللغة العربية مع علوم الماضي، وأبدعت فيها. وهي تجاهد من اجل الدخول إلى عصر العلوم، ولكن لغات الأمم الأخرى لم تعان مثل اللغة العربية بسبب التردد ونقص المبادرات الجماعية.
هل يمكن أن تكون العربية لغة علم كما كانت عليه قبل قرون؟
هذا سؤال اختلفت الأفكار حوله وتضاربت.
فيما سعى اللغويون والمجمعات العربية إلى اشتقاق مصطلحات عربية مقابلة لمصطلحات العلوم المعاصرة ووضعوا القواميس لها، ولكن ذلك لم يحقق التقدم المطلوب بسبب عدم الإنتاج في هذا الميدان.
ويعتقد كثيرون أن اللغة العربية غير قادرة على استيعاب العلوم الحديثة، ولكن الحقيقة تشير إلى أنها تمكنت من استيعابها في الماضي، وبإمكانها أن تتكيف مع العلوم الحاضرة شأنها في ذلك شأن اللغات الأخرى، كما يقول الدكتور عبد الواحد لؤلؤة (للغة العربية بإمكانها أن تستوعب العلوم بطبيعة الحال كما استوعبت الطب في سوريا، فهناك كلمات مقابلة كما فعل الأطباء في القرن الرابع. أما اللغات الأخرى وخاصة الأوروبية، فهي تجد السهولة في ذلك لأنها تأخذ من الأصول اليونانية أو اللاتينية. واللغة العربية لها أصول أيضاً كالآرامية والفارسية والعبرية، ولكنها يجب أن تنحت المصطلحات الجديدة، وهي قادرة على ذلك من خلال استيعاب روح العصر الذي نعيش فيه) .
وكما فعل الروس ضمن الفترة السوفييتية حيث قاموا بنشر بحوثهم بلغتهم، وهذا يعني أن المنظومة العلمية الروسية كانت كاملة وتحوي مؤسسات نشر علمي من كتب ومجلات بحثية. هذا مجرد مثال وهناك أمثلة أخرى.
الصين ودول أخرى تُدرس بلغتها الأم وذلك لإمكانياتها الكبيرة وعدم انقطاعها الحضاري الكبير الذي يعانيه العرب.
المشكلة الأساسية وراء ذلك كانت يوم تخلى العرب عن العلم منذ قرون وبذلك خنقوا لغتهم وحنطوها، بينما كانت العربية لغة العلوم بامتياز. وصدق الفيلسوف الانجليزي روجر بيكون حينما قال: (أعجب ممن يريد أن يتخصص في الفلسفة والعلوم ولا يعرف اللغة العربية!)
وفي الحقيقة، إن انتقال العلوم من لغة إلى أخرى، تمت على يد العرب قديماً من خلال الحركة النشطة للترجمة حيث نجح المسلمون في استيعاب العلوم الأخرى
البيان
|
|
|
|
|