|
|
تعاريف.. اعرف لغتك
حمد بن مبارك الرشيدي
إنها العربية التي لها القدح المعلى بين اللغات السامية ويكفيها تيها وفخراً أن شرفها الله عز وجل بأن جعلها وعاء لآخر كتبه وأحسنها نظاماً وأبينها حلالاً وحراماً وبعث من أهلها خير المرسلين وخاتمهم الذي كان أفصح من نطق بالضاد -صلى الله عليه وسلم- إن اللغة العربية لغة بها من الخصائص والمزايا ما جعلها خالدةً خلودَ الدهر فهي تحوي أعلى مدرج صوتي فحروفها موزعة وملفوظة من الشفتين إلى أقصى الحلق في دقة في المخارج وصفاء في النطق وهي لغة متجددة تتوالد فيها الألفاظ بطرق شتى مما يجعلها قادرة على استيعاب ألفاظ اللغات الأخرى ومقتنيات الحضارة الحديثة وصهرها في بوتقتها باستخدام وسائل التوليد كالاشتقاق والتعريب والنحت ولا ريب أن العربية اليوم تمر بأسوأ فتراتها فقد تفوقت الحضارة الغربية بمراحل على الحضارة الإسلامية وبعدما كان الأوروبي يفاخر أقرانه بما يحفظه من كلمات عربية صار الحال معكوساً ومنكوساً إذ من شأن المغلوب أن يقلد الغالب فصار الكثير من الناطقين بالعربية يحاول تعلم لغات الحضارة الحديثة تاركاً لغته العربية مهيضة الجناح تشكو قلة الاهتمام بها مما أدى إلى ضياع الهوية إذ اللغة من أهم سمات الهوية فإذا تخلت الدولة والفرد عنها فقد فقدوا جزءاً من هويتهم وعزتهم فكان حالهم أشبه بحال الغراب الذي أراد أن يقلد مشية الطاووس فلا هو استطاع التقليد ولا استطاع أن يرجع لمشيته الطبيعية، ان اللغة العربية لغة لا تتعارض والحضارة بل إن الاهتمام بها سيؤدي حتماً إلى تطور المجتمع بشكل أسرع من تطوره الحالي إذ يعاني الطالب العربي من فهم لغة أجنبية عنه بعد أن جعلت هي اللغة الأكاديمية في الجامعات ويستنفد كثيراً من وقته في فهم تلك اللغة ثم يستهلك وقتاً آخر في فهم المحتوى العلمي المكتوب بها وأكاد أجزم أن من أسباب تقهقرنا الحضاري هي اعتبار لغتنا العربية لغة ثانوية لا صلة لها بالعلوم الحديثة ولذلك تجد الشعوب الحية اليوم تعنى بلغاتها وتنشئ دور الترجمة من أجل توفير مستجدات العلوم بلغتها حتى يواكب أبناؤها التطور العلمي ولا يحتاجون إلى تعلم لغات أخرى، وإنه لمن العار والخزي أن يكون ما تترجمه إسبانيا في العام الواحد يفوق ما ترجمه المسلمون من أيام المأمون إلى يومنا هذا، إننا محتاجون إلى أن يكون هناك قرار على مستوى رؤساء الدول العربية لجعل العربية لغة التدريس في الصفوف الدنيا والعليا والجامعات ولغة التخاطب بين المؤسسات وتنشأ لأجل ذلك دور للترجمة وتجتمع أمة العرب على توحيد مصطلحاتها العلمية عند الترجمة فاللغة العربية هي لسان أكثر من 400 مليون وهي من أسرع اللغات انتشاراً وأكثرها خلوداً، وحتى يتم ذلك الأمر فعلى الأفراد أن يحوطوا لغتهم بعنايتهم ويعلموها أولادهم ويجعلوها حديث مجالسهم التي تطيب بذكرها.
عُمان
|
|
|
|
|